الهيئة التنفيذية لرابطة الثانوي فقدت شرعيتها التمثيلية بعد انتفاضة الاساتذة

كتب الأستاذ فراس حريري في بوابة التربية ردًّا على د. حيدر اسماعيل :
يطرح نائب رئيس رابطة التعليم الثانوي، الدكتور حيدر اسماعيل، في مقال في “بوابة التربية” سؤالين جوهريين: ماذا فعلت الرابطة؟ وما الحل؟ ثم يجيب عنهما ليصل الى خلاصتين. الأولى أن الرابطة هي مجرد تمثيلية لتلطيف قسوة الواقع الوظيفي. وعلى الاساتذة قبول هذه التمثيلية. والثانية أن الحل هو قبول هذا الواقع الوظيفي القاسي.
في الشكل: لا بد من تصحيح صياغة السؤال الأول. فبدلاً من القول ماذا فعلت الرابطة؟ يجب القول ماذا فعلت الهيئة الادارية لرابطة التعليم الثانوي؟
الرابطة هي الكيان المعنوي الذي ينتسب له أساتذة التعليم الثانوي. وهي تقسم الى ثلاثة مكونات:
١- الهيئة العامة: أي عموم اساتذة التعليم الثانوي الرسمي. وهي أعلى سلطة في الرابطة. وتمارس سلطتها في ما يدعى بالجمعيات العمومية داخل المدارس والثانويات.
٢- مجلس المندوبين: (المندوب هوممثل منتخب عن كل ١٥ استاذ في كل وحدة او ثانوية) هذا المجلس له صلاحيات تتعلق بمناقشة التقريرين السنويين المالي، والاداري، وحجب الثقة عن الهيئة الادارية. وصلاحيات اخرى.
٣- الهيئة الادارية، وهي ١٨ عضواً. ينفذون توصيات الهيئة العامة ويمارسون صلاحيات محددة.
في المضمون:
بالعودة الى السؤال الأول: ماذا فعلت الهيئة الادارية؟
١-  بدأت العام الدراسي بالتوقف القسري عن العمل. فامتنع الاساتذة عن القيام بالاعمال التحضيرية. ثم بعد ذلك بفترة طلبت من المديرين تسجيل التلامذة من دون فتح الصفوف. على ان يصار الى الرجوع الى الجمعيات العمومية في مسألة استئناف العام الدراسي.
٢- زوّرت نتائج الجمعيات العمومية بفضيحة نقابية مدوية باتت تعرف بقضية التزوير بعد أن قامت بطرح توصية بصياغة لغوية جهنمية. وأعلنت العودة المشروطة الى التعليم بدءاً من ١١/١٠/٢٠٢٣
٣- قامت بإلغاء عشرات المحاضر لتيسير عملية التزوير، مستندة الى تبريرات واهية (كلام غير لائق، تغيير في التوصية، زيادة عليها…)
٤- فرضت على الأساتذة استبدال الراتب بحفنة من البدلات التي تحول الوظيفة الى مياومة، حيث لا تدخل كل انواع الزيادات في صلب الراتب ما يؤدي الى ضرب الراتب التقاعدي للأساتذة الذين شارفوا على التقاعد. وفي ذلك اذعان صريح لمبدأ التعاقد الوظيفي.
٥- طرحت فكرة التأمين الخاص للأساتذة بدلاً من المطالبة بتحسين الاستشفاء من خلال تعاونية موظفي الدولة، بحيث يشكل هذا الطرح دعامة أخرى من دعامات التعاقد الوظيفي.
٦- خالفت النظام الداخلي بعدم دعوة مجلس المندوبين في مهلة اقصاها شهرين الى انتخاب اعضاء جدد، بديلاً عن الأعضاء المستقيلين. (استقالة الاستاذ الياس المندلق غداة انتخاب الرئيس وتوزيع المهام، واستقالة غيره من الزملاء الاعضاء، لا سيما رئيسة الهيئة الادارية)
٧- لم تقدم تقريرها المالي ولا الاداري كما ينص النظام الداخلي، تهرباً من عقد مجلس المندوبين.
٨- لم تستجب لطلب تقدم به المندوبون بحسب الأصول  من أجل عقد مجلس مندوبين بهدف حجب الثقة عن الهيئة الادارية.
٩- قبلت الهيئة الادارية بمبلغ الخمسة دولارات يومياً التي عرضها الوزير. والقبول بمثابة تأكيد على تحويل الوظيفة الى عمل مياوم. فدعت في ٧ كانون الثاني ٢٠٢٣ الى العودة الى التعليم.
١٠- فقدت شرعيتها التمثيلية في ٩ كانون الثاني بعد انتفاضة الاساتذة وعدم استجابتهم لدعوتها الى العودة.  فلم تجد بُدّاً من الرضوخ لارادة الاساتذة والتحقت بالاضراب بعد يومين بهدف اعادتهم من جديد الى حظيرة الحوافز الوهمية.
١١- صادرت صلاحيات الهيئة العامة، فأصدرت بيان العودة الى التعليم بعد شهرين، من دون أي تحسين للراتب أو للاستشفاء.
١٢- قبلت بالفوضى التربوية من الحاصلة في الثانويات من خلال اصرارها على الوصاية العقلية على الاساتذة. وعلى انهاء تمردهم عليها بكافة الوسائل.
١٣- كشفت الاساتذة بسحبها الغطاء القانوني للتوقف القسري عن التعليم، معرضة آلاف الأساتذة للعقوبات التعسفية.
بعد كل هذه الممارسات، يدعو نائب رئيسة الهيئة الادارية الى التوحد خلف الهيئة الادارية، مصرحاً بأنها على حق، فيما “يعتقد” اخرون ممتنعون انهم على حق. سائلاً ما الحل؟
الوحدة يا استاذ حيدر تكون بالاحتكام الى القانون. أي الى النظام الداخلي.
في حال رأت الهيئة الإدارية، أو بعض أعضائها أن قرار الجمعيات العمومية يخالف قناعاتها، أو رؤى الجماعات السياسية التي تنتمي إليها، يكون الحل بالاستقالة، لعدم تحمل مسؤولية قرار تراه خاطئاً. ولا يكون الحل بمصادرة القرار، ولا بفرض الرأي على عموم الأساتذة وادعاء حصرية الرشد والقدرة على تقدير المصالح والمفاسد.
والسؤال الأهم الذي يجب طرحه: لماذا تنشأ النقابات والروابط؟ لحماية العاملين وتحسين ظروف العمل؟ أم لتفهُّم ظروف أرباب العمل ومشاركتهم في ممارسة الظلم؟

✍️ أستاذ ثانوي – مندوب عن ثانوية قانا الرسمية ، وعضو في لجنة تنسيق الانتفاضة في التعليم الثانوي الرسمي .

شاهد أيضاً

تطبيق Truecaller.. حفظ للأرقام أم خرق للخصوصيّة؟

هل فعلًا يمكن لأي استخبارات التجسّس منه على مكالماتنا؟ وكيف يعمل؟   د. جمال مسلماني/ …