التغير السلوكي

افضل مقال في منتدى سرى للثقافة والأدب الدولي2023



للمستشار عدنان الدوسري

سؤال مررنا به كثيرا وكل شخص له تفسيرا معينا له. ولعل الكثير يتفق معي بان نمطية التغير السلوكي للفرد بدأت تتغير منذ مطلع التسعينات ولو طابقنا جيل الاربعينات وحتى نهاية جيل الستينات لوجدناهم أكثر تماسكا بالسلوكيات ولعل البعض يعطي تبريرا حيث لا يوجد تهديدات للتغير السلوكي كما هو حاصل الان.

والمقصود بالتهديدات السلوكية هي التغيرات التكنلوجية ومواقع التواصل الاجتماعي التي فرزت لنا بعض السلوكيات الضارة وانا اتفق بعض الشيء مع هذا المبدأ. ولكن لسنا الوحيدون في العالم من يستخدم هذه التقنيات. تشير الدراسات ان نسبة تأثيرها عالية لدينا بسبب عدم توفر قواعد سلوكية لممارسة هذا التواصل لتمنع أي سلوك سيئ يسيطر علينا فالتغير لا يأتي عبثا فجميع الأمم مرت بمراحل التغير واستطاعت ان تهذب الاطوار وتخلق مفاهيم تعكس إيجابا على المجتمع وتبقى المدينة الفاضلة حلما بين العقول من جيل إلى آخر دون تحقيقها على أرض الواقع. وأراد الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن يؤسس هذه المدينة بخياله الخصب لتسود الرفاهية للجميع. وما يثير فضولي بالبحث عن أسباب تردي الشعوب سلوكيا ومنهجيا وقد استوقفتني هذه الجزئية كثيرا ولعل ما سوف اطرحه هو نتيجة انعكاسيا لما يحمله الفرد من قيم وعادات وسلوكيات تفرز عند كرسي المسؤولية مما يعطي انطباعا واضحا لما يحمله هذا المسؤول من مفاهيم هو اهتمام أصحاب القرار بعقوبة المخطئ وفق القوانين وهذا ليس عيبا بحد ذاته إنما هو نصف العلاج. وغالبا ما تركز المؤسسات على مقولة (من امن العقاب ساء الادب) ناسين بذلك ان العقوبة المستمرة تولد تمرد ذاتي وعاطفي لدى الكثير من الناس. وهذا مما يؤدي الى استمرارية الخطأ. ومفهوم العقوبة لدى مجتمعاتنا هو موروث ولكن هذا الموروث قد أسيئ استعماله في التطبيق ولعل البعض وكما تقول بلهجة العراقية (هذا ما يصير له جاره) أي بمعنى لا ينفع معه أي حل ناسين هناك حلول ومهارات كثيرا. ولكن هذه الحلول بعيده عن انظار المسؤول صاحب القرار.

لم أرى أي مؤسسة حكومية تضع استراتيجية لتقليل نسب البطالة او الحد من الجريمة أو تقليل نسب المخالفات أو ردع حالة التحرش وما إلى ذلك من أمور. ولم اشهد اي مسئول يظهر لنا على شاشات التلفاز او حتى بوسائل التواصل الاجتماعي يستعرض لنا الخط البياني لمؤسسته لستة أشهر او لسنة مضت كيف كان وكيف توصل إلى انخفاض المعدل او ارتفاعه وفق معادلات الانجاز. ترى إلى متى ترهقنا إعداد المخالفات والجرائم وهذه الاحصائيات المرعبة التي تواكبنا كل لحظة. هل إدارة المؤسسات المعنية بهذا الصدد صامتة. وتكتفي بالعقوبات المنصوص عليها وفق القوانين دون وضع حلول مناسبة لذلك. المؤشرات البيانية في تصاعد او انخفاض والغريب ان المؤسسات تتباهى في ذلك؟

ايها المسئول ما هو دورك الابداعي في المؤسسة هل دورك تطبيق اللوائح والقوانين دون ان تضع مبادرات علمية للحد من الخطأ القائم في مؤسستكم.

ان (انجاز) المعاملات او عقوبة المتهم او اعطاء محاضرة هذا اداء وظيفي وليس انجاز ابداعي وفق معادلة الإدارة؟

ليس من الضروري أن نكون ضمن المدينة الفاضلة 100% إنما علينا أن نصنع انسانا فاضلا قبل كل شيء. فكيف لنا ان نصنع هذا الانسان وهناك من يفكر بمبدأ العقوبة فقط؟ دون التفكير بتطوير الانسان ليكون عونا للحكومة. متى نعلمه ان ربط حزام الأمان حالة أخلاقية وليس مخالفة يعاقب عليها القانون. والمرأة هي جزء منك والحفاظ عليها واجب انساني وأخلاقي.

وان أمن المجتمع انت جزء منه … متى يعلموا أولادنا أن تحية العلم ليس فرض انما هو حب للوطن متى يعلموا شبابنا أن قيادة السيارة بسرعة جنونيه هو خطر ويسبب الدمار لك وللدولة. متى يعلموا بناتنا أن التقليد هو تعطيل للعقل والابتكار هو زهوها المنشود. متى يعلموا مصلينا بان الدين سبيل الى رقي للعقل وليس أداة ترهيب والخوف. متى نسمع الخطيب يدعو لنا ولا يدعوا علينا. نحن بحاجة إلى إعادة هيكلة الإنسان والقوانين معا. لنرتقي ونواكب تلك الدول التي تسارع الزمن وفق معطيات تطبيقية.

المستشار
عدنان الدوسري

شاهد أيضاً

جائزة أفضل صورة صحفية في العام… لقطة من غزة “تفطر القلب”!

فاز مصور “رويترز”، محمد سالم، بجائزة أفضل صورة صحفية عالمية لعام 2024، الخميس، عن صورة …