رمضانيّات (5) حمدُ الله وشكره .

العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله.

مِمّا يُستحب الإبتهال به إلى الله عَزَّ و جَلَّ عند دخول شهر رمضان دُعاءُ الإمام علي بن الحسين زين العابدين ( عليهما السَّلام ):
[ … الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِحَمْدِهِ ، وَجَعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِ لِنَكُونَ لِإِحْسَانِهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَلِيَجْزِيَنَا عَلَى ذَلِكَ جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ …..
وَالْحَمْدُ لِلّهِ الَّذي حَبَانا بِدينِهِ، وَاخْتَصَّنا بِمِلَّتِهِ، وَسَبَّلَنا في سُبُلِ إِحْسانِهِ، لِنَسْلُكَها بِمَنِّهِ إِلى رِضْوانِهِ، حَمْداً يَتَقَبَّلُهُ مِنّا، وَيَرْضى بِهِ عَنّا ….]

الحمد الدائم لله على نعمٍ لا تنقطع

إنّها بداية التطلع المنفتح على حمد الله الذي لم يكتشفه الإنسان إلا من خلال هداية الله الذي كشف له مواقع الحمد في ذاته سبحانه في مواقع عظمته وآفاق نعمه، بما جهّزه به من وسائل الحمد له في سمعه وبصره وعقله… ووفّقه له ليكون من أهل الحمد الذين يشعرون شعوراً عميقاً بالحاجة إلى معرفة الله في ما توحي به من حركة الجانب الروحي والفكري والعملي في شخصية الإنسان ..
ليؤدّي ذلك إلى اكتشاف إحسانه في وجوده من حيث المبدأ والتفاصيل ، ولينتهي به الأمر إلى شكره على ذلك، الذي يعبّر عن معنى الإحسان في علاقة العبد بربّه من الناحية العملية، مما يستحق عليه الثواب من الله الذي يجزي المحسنين بإحسانه في ما أعدّه لهم من رضوانه.

حمد الله على نعمة الدّين القيِّم :

وينطلق الحمد الذي يختزن معنى الشكر، من جديد، عندما يتطلّع هذا الإنسان إلى الدين الذي يضمن له سعادة الدنيا والآخرة ، مما أنزله الله على رسوله من كتابه في ما اشتمل عليه من عقيدةٍ وشريعةٍ ومفاهيم للحياة ومناهج للعمل وللتفكير .. فيحمد الله على ما حباه من ذلك كلّه، وعلى ما اختصّه به من ملّته.. وهذا هو الأسلوب التربوي الذي يوحي للإنسان المؤمن بقيمة الدين في عقيدته وشريعته، مما يجعله منفتحاً على حمد الله من خلاله، ليكون ذلك أساساً للتفكير به وللاهتمام بحركة المسؤولية فيه، وللإيحاء الحركي بعلاقته بقضية المصير الأبدي ، خلافاً للمعروف المألوف لدى الناس من تأكيد العناصر المادية في مسألة الحمد والشكر.

ثم يمتدّ الحمد ، ليطلّ على السبل التي فتحها الله للإنسان ليتحرك في خطوطها، فيشعر بقيمتها في عناوين الإحسان الإلهي الذي يقوده إلى التحرك نحو رضوانه، وهو غاية كل مؤمن في تطلعاته الروحية وفي خطواته العملية ..
ولا بدّ أن يشتمل هذا الحمد على عمق الإخلاص، وروحية الإيمان بالمستوى الذي يتقبله الله من عباده، ويمنحهم من خلال درجة الرضى التي تتيح لهم القرب منه في رحاب جنته.

مفردات الروح :

وهكذا نرى في هذا الفصل عدة مفردات مهمة تتصل بالجانب الروحي والعملي للإنسان .. الحمد، الشكر ، الإحسان الإلهي، الإحسان الإنساني، الدين، الملة، سبل الإحسان، منّ الله، رضوانه، حيث يطوف الإنسان معها في رحاب الإيمان، فتنفتح به على كثير من مجالات الفكر والمعرفة.

المصدر كتاب 📕
رحلة الإنسان إلى الله
شرح دعاء دخول ووداع شهر رمضان
للإمام زين العابدين عليّ بن الحسين (ع)…..
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله.

اعداد وتنسيق
علي رفعت مهدي
5 رمضان 1444 للهجرة .

شاهد أيضاً

الشارقة تتصدر المشهد اليوناني مع الاحتفاء بها ضيف شرف الدورة الـ20 من “معرض سالونيك الدولي للكتاب”

بدور القاسمي: لسنا مجرد ممثلين لدولنا ولكننا مسؤولون عن قصة إنسانية مشتركة ● عمدة مدينة …