تجليات الشخصية الإنسانية

أجمل مقال في منتدى سرى للثقافة والأدب الدولي2023

الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي

إن من تمام حنكة الشخصية الإنسانية هو ذلك التفاعل الإيجابي الذي يجعلها في حالة اندماج سلس في المجتمع الإنساني بواسطة المعاملة الحسنة و المساعدة للغير ، حتى لا يرى فيها إلا معالم النجاح و الكفاح الذي يتحقق على الواقع ، و كلما طلب منها المساعدة ، فإن هذه الشخصية الإنسانية تحسن استثمار تلك المساعدة من أجل نشر الخير و العمل الصالح مع علمها أن طلب العون هذا هو تأييد من الله و اختبار لحقيقة تلك الشخصية المتزنة ، كما انه عطاء الله ،
و عنوان على القبول منه سبحانه ، فهو الذي أدار وجهة المحتاج التائهة نحو التغيير الحقيقي المتمثل في تلك الشخصية الإنسانية ، فلا ينبغي أن ترد ذلك التأييد المولوي لتحقيق التأثير الإنساني على المجتمع .
و إن من تمام اتزان الشخصية الإنسانية هو إدراك أهمية وجودها في هذه الحياة و دورها الريادي في تحقيق الاستخلاف الذي اوكله الله تعالى لها ، و ان ما أتاها من قبول و تأييد في تحقيق العدالة المجتمعية في الارض إلا ليزيل عنها جزءا من سيئاتها ، فالاصل هو انها هي المؤيدة ،؛ فلا تظن هي أن الوقت الذي تقضيه في نفع المجتمع الإنساني الذي تسعى لتحقيقه هو لهذا المجتمع فقط ، بل هو لها قبل كل شئ قال تعالى { إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ ..} (١٧:٧)
و إن من تمام الحكمة في هذه الشخصية الإنسانية أن تصنع منهجا رصينا و رزينا لتحقيق ذلك التأثير على المجتمع الإنساني ، فقبل ان تتكلم عليها أن تسمع و تنصت بكل روية حتى لا تكون سادجة ، و قبل ان تكتب عليها أن تقرأ و تدرس و تفكر حتى لا تكون خرقاء ، و قبل ان تترك أمرا أو تتنازل عليه عليها أن تحاول و تحاول لأن في التكرار إقرار و قرار ، و قبل ان تتذمر على أن تكون إيجابية في نظرتها للحياة ، و قبل أن ترد على احد عليها توثر مبدأ الصمت و التجاهل و الإعراض ، فما أجمل أن تصمت في وجه من ينتظر منها الجدال و الخصام حتى لا تسقط في حضيض الجهل و الجهالة ، و ما أجمل أن تبتسم و تضحك في وجه من ينتظر منها التذمر و الجحود كي لا تقع في فخ الخدع النفسية .
و إن من تمام العبرة لدى الشخصية الإنسانية هو أن تجعل من كل تجاربها و محطات حياتها مدرسة للتعلم و اكتساب الخبرة كي تتطور و تتجدد و تمضي قدما ، لأن الماضي يعتبر درسا ، و ليس خيبة أمل تقف عندها الحياة ، و الحاضر خبرة مع كل الصعوبات و المستقبل هو ذلك الأمل الذي يحتاج كل الجهود و كل تلك الخبرات دون الانسياق مع الحماس الزائد و التسرع الطائش ، إذ أن الحماس بلا معرفة و لا دراية مثل جمرة نار بلا ضياء يحسبها الغافل حجرا فتحرقه ثم يرميها بسرعة كي يتخلص منها و قد كانت سببا في حرقه ، و العاقل من اتعظ من غيره و اكتسب تجارب حياته من معالم الحكمة و الرحمة .

 

شاهد أيضاً

قميحة: “انعقاد الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني خطوة مهمة في مسيرة التطوير والتحديث”

رأى رئيس معهد طريق الحرير للدراسات والابحاث – كونفوشيوس، رئيس جمعية “طريق الحوار اللبناني الصيني” …