موندياليزاسيون”: لقاء شولتز بايدن المفاجئ هل أزال القلق الأمني الأوروبي حول أوكرانيا؟

“الثورة – ترجمة محمود اللحام:

لا تزال زيارة المستشار الألماني أولاف شولتز المفاجئة والارتجالية للبيت الأبيض يوم 3 آذار الجاري لغزاً يكتنفه الغموض، حيث وصل شولتز إلى العاصمة واشنطن، واستقبله الرئيس بايدن في البيت الأبيض لإجراء محادثة استمرت أكثر من ساعة، ولم يكن هناك مساعد، ثم عاد إلى برلين.
ذكرت وكالة أسوشيتد برس بشكل غامض، أنه إذا تم التوصل إلى أي صفقات أو تم وضع خطط، فإن البيت الأبيض لم يقل ذلك، لكن شولتز أصر أثناء مغادرته برلين على أنه وبايدن يريدان التحدث مع بعضهما البعض مباشرة، وأشار شولتز إلى وضع عالمي أصبحت فيه الأمور صعبة للغاية، وقال: إنه من المهم أن يتحدث هؤلاء الأصدقاء المقربون عن كل هذه القضايا معاً وباستمرار.
وذكر المحضر الرسمي للاجتماع أن الزعيمين ناقشا الحرب في أوكرانيا وتبادلا وجهات النظر حول القضايا العالمية الأخرى.
جاء هروب شولتز إلى المكتب البيضاوي في لحظة حاسمة في الصراع الأوكراني، حيث اتخذت روسيا زمام المبادرة في حملة دونباس ويمكن أن يبدأ هجوم الربيع في الأسابيع المقبلة، فقد عانى الجيش الأوكراني من ضربات شديدة، وتعتمد البلاد بشكل شبه كامل على المساعدات المالية الغربية والمساعدات العسكرية من أجل بقائها.
الأهم من ذلك، أن مؤيدي كييف الغربيين لم يعودوا متأكدين من قدرتها على استعادة كل الأراضي الخاضعة للسيطرة الروسية، أي حوالي خمس أوكرانيا، كما أن هناك اعتقاداً بدائياً يكتسب أرضية في العقل الغربي، وراء كل التصريحات، بأن عبء المجهود الحربي لن يكون محتملاً لفترة طويلة إذا استمر الصراع إلى أجل غير مسمى.
يتراجع التأييد لأوكرانيا في الرأي العام الغربي، حيث أظهر استطلاع جديد أجرته أسوشيتد برس – مركز NORC لأبحاث الشؤون العامة أنه في حين أن 19٪ من الأمريكيين يثقون في قدرة بايدن على التعامل مع الوضع في أوكرانيا، يقول 37٪ لا ثقة لديهم، و43٪ لا يملكون أي ثقة.
الغالبية العظمى من البالغين، بما في ذلك معظم الديمقراطيين، لا يريدون أن يترشح بايدن للرئاسة في عام 2024، كما لا يعبر الكثيرون عن ثقتهم في قدراته.
جاء لقاء شولتز مع بايدن بعد أسبوع واحد فقط من رحلة الأخير السرية إلى كييف للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للحرب، وفي الواقع، فإن إظهار الوحدة الغربية مع أوكرانيا الذي يقول بايدن إنه يتضاءل وسط التوترات داخل التحالف عبر الأطلسي والشعور المتزايد باليأس ليس له نهاية في الأفق.
جوهر الأمر هو أن الصراع في أوكرانيا حطم البنية الأمنية الحالية في أوروبا، حتى ألمانيا، التي تعد قاطرة أوروبا، فقد تضررت بشدة، و يشكك الناخبون الألمان بشكل متزايد في النهج الغربي للحرب إذ شهدت مناقشات ساخنة في ألمانيا حول النتائج التي توصل إليها الصحفي الأمريكي سيمور هيرش فيما يتعلق بتخريب نورد ستريم.
بعد عودة شولتز إلى برلين، وصف زعيم الحزب اليساري سيفيم داغديلين النائب في ولايته الرابعة منذ عام 2005، تخريب نورد ستريم بأنه هجوم إرهابي، مضيفاً أن الحكومة الألمانية ملزمة بالتحقيق في القضية والعثور على الجاني.
إذا علم شولتز بخطة بايدن لتدمير نورد ستريم، فهذا يعني فعل تواطؤ، إذ تم تدمير أحد الأصول الاستراتيجية الوطنية الألمانية الرئيسة المملوكة في مشروع مشترك مع روسيا، مما ألحق أضراراً بالغة باقتصاد البلاد، وأثر على عشرات الملايين من الوظائف، مما عرض حياة العديد من الأشخاص للخطر.
كان على ألمانيا أن تدفع عشرة أضعاف سعر السوق من الغاز لبناء احتياطياتها، فقد وقعت أوروبا في فخ الاعتماد الشديد على واردات الولايات المتحدة من الطاقة، والولايات المتحدة هي المستفيد الرئيس من أزمة الطاقة الأوروبية وما نتج عنها من تراجع التصنيع، ويبدو أن الركود العميق لا مفر منه في ألمانيا، إذ ينذر هذا المناخ بعواقب وخيمة على الحكومة الألمانية مع اقتراب انتخابات 2025 في البوندستاغ.
بعد يومين من بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا، أقسم شولتز في خطابه الشهير “تسايتينويندي” أمام البوندستاغ على أن ألمانيا، التي تخشى منذ فترة طويلة من العسكرة، ستتخذ خطوات لزيادة الإنفاق الدفاعي، لكن وولفجانج شميدت رئيس الأركان وصديق شولتز منذ فترة طويلة، أقر بأن التشديد المالي قد يمنع برلين من الوفاء بوعدها بزيادة الإنفاق الدفاعي، إذ قال لصحيفة وول ستريت جورنال: علينا أن نكون صادقين بشأن هذا، فالطموح والواقع يتباعدان.
بالنظر إلى الشكوك الخاصة المتزايدة بين السياسيين في لندن وباريس وبرلين حول مسار الحرب والقناعة المفجعة بأن الغرب لا يمكنه المساعدة في الحفاظ على المجهود الحربي لفترة طويلة.
لكن، بشكل أساس، ستثبت محادثات السلام الأساس المنطقي للعملية العسكرية الروسية الخاصة، والتي كانت تهدف إلى إجبار الغرب على التفاوض بشأن توسيع الناتو.
المصدر- موندياليزاسيون

شاهد أيضاً

🟤🟠 رهنت خاتم زفافها لتمنح زوجها جائزة نوبل..قصة “مرسيدس بارشا” زوجة الأديب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز..

  غابرييل غارسيا ماركيز ، الكاتب الكولومبي الأشهر في العالم وأحد أعظم الكتاب في عصرنا …