“مهمة كارثية” طورت الجيش الأميركي.. كيف ولدت “العمليات الخاصة” من رماد الكارثة؟

ألقى موقع “بيزنس إنسايدر” الأميركي، الضوء على عملية عسكرية أميركية ضخمة، وصفها بـ”الكارثية”، بعدما باءت بالفشل في نهاية المطاف، لكنها أدت إلى تحديث الجيش الأميركي وتأسيس فروع جديدة به، على رأسها قيادة العمليات الخاصة.

ويعود تاريخ العملية إلى 24 نيسان 1980، حينما كانت الولايات المتحدة تبذل أقصى ما في وسعها لإنقاذ 52 رهينة أميركية من داخل طهران.

ففي الرابع من تشرين الثاني 1979، اقتحم طلاب إيرانيون السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا 66 أميركيا كرهائن، غضبا من قرار الولايات المتحدة بعدم تسليم شاه إيران محمد رضا بهلوي الذي أطاحت به “ثورة إسلامية” في كانون الثاني من نفس العام، وكان يتلقى رعاية طبية في أميركا.

ومنذ ذلك التاريخ بدأت محنة الرهائن التي استمرت 444 يوما. 

وبعد أقل من شهر من احتجازهم، بدأ الجيش الأميركي التدريب على عملية إنقاذ جريئة. وكانت قوة دلتا، المنشأة حديثا، ستقود الجزء الأرضي من العملية، باعتبارها وحدة إنقاذ الرهائن الأولى بالجيش. لكن التدريب كان معقدا للغاية. فطهران، التي تحيط بها الصحاري والجبال، كانت هدفا صعبا لوصول القوة إليها.  

وبعد عمليات مسح جوي، اعتمدت المخابرات المركزية الأميركية موقع انطلاق أمامي، على بعد 50 ميلا (حوالي 80 كم) من العاصمة الإيرانية. أطلق على الموقع اسم “ديزرت ون” (الصحراء الأولى).

ورغم بعض المعلومات الاستخباراتية الجريئة التي جمعها أفراد قوات المشاة الأميركية (الكوماندوز) المتواجدون داخل طهران لحماية السفارة، لم تكن هناك معلومات كافية للعملية، فكان على “دلتا” الاعتماد على التلفزيون الوطني الإيراني في الكثير من معلوماتها.

لم تستطع فرقة العمل تحديد الموقع الدقيق لجميع الرهائن. فإلى جانب احتجاز رهائن بالسفارة، التي تبلغ مساحتها 26 فدانا، أشارت تقارير إلى أن الإيرانيين يحتجزون رهائن آخرين في وزارة الخارجية.

كما لم تستطع وكالة المخابرات المركزية تقديم معلومات استخبارية قابلة للتنفيذ نظرا لمحدودية عملياتها في إيران

وأعربت جميع الفروع العسكرية الأميركية الأربعة عن رغبتها في تنفيذ جزء من الخطة، مما أدى إلى حالة من الإرباك. وتم الاتفاق على أن توفر القوات الجوية ثلاثة طائرات من طراز أم سي-130 كومبات تالون وثلاثة طائرات من طراز سي-130 هيركولي وفريق التكتيكات الخاصة. 

بينما ستزود البحرية المهمة بثماني مروحيات من طراز 53 سي ستاليون، ستقلع من حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية يو إس إس نيمتز.

أما مشاة البحرية الأميركية (المارينز) سيساهمون بطيارين للمروحيات. وأخيرا سيزود الجيش المهمة بقوات (رينجرز) الصاعقة البرية، وقوة دلتا، وقوات خاصة مسؤولة عن إنقاذ الرهائن.

من يقوم بماذا في “مخلب النسر”؟
عُرفت العملية باسم “مخلب النسر”، وسُمح للطائرات المشاركة في العملية بالإقلاع بفرق العمل والإمدادات الضرورية، والتحليق على بعد ألف ميل (1609.34 كيلومترا) من سلطنة عمان إلى الصحراء الأولى.

بينما ستحلق طائرات البحرية الثمانية على بعد 600 ميل (965.606 كم) من يو إس إس نيميتز، وتلتقي بهم هناك. بعد التزود بالوقود، ستنقل المروحيات 132 فردا من قوات الكوماندوز إلى مخبأ يبعد 50 ميلا عن طهران، ثم تعود إلى سلطنة عمان.

وفي الليلة التالية، سيستخدم قوات دلتا ورينجرز المركبات التي حصل عليها الجيش ووكالة المخابرات المركزية للوصول إلى أهدافهم.

وبمجرد أن تحرر القوة المهاجمة الرهائن، ستنقلهم مروحية إلى قاعدة جوية مهجورة، كانت إحدى شركات فوج “رينجرز” ستستولي عليها،

على بعد 50 ميلا من طهران. ثم تدمر القوة المروحيات، ويتوجهون جميعا إلى السعودية عبر طائرة النقل العسكرية الاستراتيجية سي-141 ستارليفتر.

وكان من المقرر أن تدمر ثلاث طائرات حربية من طراز طائرة لوكهيد إيه سي-130 أي طائرات مقاتلة إيرانية في مطار طهران، وتوفر دعما جويا إذا شن الإيرانيون هجوما مضادا. 

إجمالا، ستشارك 44 طائرة بشكل مباشر أو غير مباشر في المهمة.

“سوء حظ”
منذ البداية، واجهت العملية سوء حظ. فعند الهبوط في موقع الانطلاق “الصحراء الأولى”، التقت فرقة دلتا بحافلة مليئة بالمدنيين الإيرانيين فاحتجزتها، ثم دمرت الفرقة شاحنة وقود لم تستجب لمطالبها بالتوقف. لكن السائق تمكن من الفرار في مركبة أخرى.

وحينها كان لابد من إجهاض المهمة، حيث كان من الضروري توفير ست طائرات هليكوبتر على الأقل لنقل قوات الكوماندوز.

إجمالا، قتل خمسة طيارين وثلاثة من مشاة البحرية ودُمرت ثماني طائرات.

وبعد إخلاء موقع الانطلاق “ديزرت ون”، كتب قائد فرقة العمل، الجنرال جيمس فوت: “يقول البعض إننا فشلنا، ويقول آخرون إنه كان إخفاقا تاما. لم يكن أيا من ذلك”.

حاول الجيش الاستعداد لعملية ثانية، لكن الإيرانيين فرقوا الرهائن لمنع ذلك.

من رماد الكارثة
ووجد تقرير لاحق أعدته لجنة من الضباط العديد من المشاكل التي لاحقت فريق العمل، وكانت أبرزها أن الفريق عبارة عن خليط من الوحدات التي لم تتدرب معا، ولم تجر أبدا بروفة كاملة.

وفي جلسة استماع بمجلس الشيوخ، قال مؤسس وقائد قوة “دلتا“، تشارلي بيكويث: “خرجنا ووجدنا قطعا وأشخاصا ومعدات، وجمعناهم معا من حين لآخر، ثم طلبنا منهم أداء مهمة معقدة للغاية. تم تنفيذ جميع أجزاء المهمة، لكنهم لم يؤدوا بالضرورة كفريق واحد”.

كما أوصى فريق الضباط بحاجة الجيش إلى فرقة عمل مشتركة لمكافحة الإرهاب وقيادة العمليات الخاصة، مما أدى إلى تأسيس قيادة العمليات الخاصة الأميركية (SOCOM) وهي القيادة المقاتلة الموحدة المكلفة بالإشراف على مختلف العمليات الخاصة التابعة للقوات البرية، مشاة البحرية، البحرية، الجوية المتفرعة من القوات المسلحة.

كما تم تأسيس قيادة العمليات الخاصة المشتركة (JSOC) التي جمعت قوة دلتا وفرقة SEAL Team 6 معا.

كما أسس الجيش فوج طيران العمليات الخاصة رقم 160، لضمان عدم تكرار مشاكل المروحيات التي حدثت أثناء عملية “مخلب النسر”.

ومن رماد الكارثة، ربما ولدت العمليات الخاصة الأميركية الحالية.

المصدر: الحرة

شاهد أيضاً

مناقشة سبل تعزيز التعاون بين جامعة إب اليمنية وكاك بنك

حميد الطاهري  عقد اليوم بجامعة إب”وسط اليمن ” إجتماعا لمناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك بين …