*سلسلة خفايا من التاريخ _ ٣٩ _*

 

ناصر قنواتي

((عائلة لبنانية كانت من أغنى العائلات على وجه الأرض وذات نفوذ عالمي ، وكانت عامل مساعد في ضياع فلسطين وأساس الماسونية في الشرق))

“المقال فيه حقائق غريبة عجيبة ستعلم من خلالها الكثير”

هل سمعت يوماً “بعائلة روتشيلد” العائلة الأكثر نفوذاً في العالم والتي سيطرت على أجزاء من مفاصل المال في عدة دول غربية .. اليوم ستقرأ عن “روتشيلد الشرق” العائلة التي كانت ذات نفوذ واسع في لبنان وفلسطين ، مصر ، روسيا ، الدولة العثمانية ، إيطاليا ، اليونان ، فرنسا ، ألمانيا وعدة دول أخرى …

عائلة باعت 8% من مساحة فلسطين ومن الأراضي الأكثر خصوبة للوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي ..
عائلة تشرّد بسببها عشرات آلاف الفلسطينين قبل وبعد وعد بلفور ..
عائلة كان خديوي مصر والسلطان العثماني والقيصر الروسي لايرفضون لها طلب ؛ والتي وصلت للبابا في روما والإمارات الإيطالية قبل وحدة إيطاليا وحتى الامبراطوريات الألمانية والنمساوية ..

إنها عائلة “سرسق” الأرستقراطية اللبنانية ؛ من أغنى العائلات في العالم بنهاية القرن التاسع عشر الميلادي .. والتي تفرق ماتبقى من أبناءها اليوم في عشرات الدول وحملوا عشرات الجنسيات وضاع أحفادهم في متاهات الزمن .. ولكنهم كلهم يعلمون ويفتخرون بأصولهم من مدينة بيروت ومن حي “سرسق” أو شارع سرسق بين الأشرفية والجميزة ، ومن قصورهم وفللهم الشاهدة على تاريخهم والمنتشرة في لبنان وأهمها قصر سرسق أهم شاهد عليهم ، والذي دمر أجزاء منه إنفجار مرفأ بيروت عام 2020 وأدى لإصابة رأس العائلة “الليدي إيفون سرسق” ثم مالبثت أن توفيت بعد ذلك بعدة أيام بسبب الإصابة وحزناً على تدمير أجزاء من القصر الشاهد على عائلة “سرسق” ..
……………………………..
“لعب القمار والمراهنات والبورصات” 👈سبب في بيع 97 قرية فلسطينية لليهود وسبب خسارة معظم أموال عائلة “سرسق” …

معلومة كنت أسمعها منذ أن كنت صغير وهي أن الفلسطينين هم من باعوا أرضهم لليهود ولكن هذا الكلام غير دقيق ، 30% من الأراضي التي اشتراها اليهود قبل بداية الإستيلاء كانت من الفلسطينيين صحيح ؛ ولكن ال 70% المتبقية اشتراها اليهود من عائلات اقطاعية لبنانية بالدرجة الأولى ؛ وسورية وخاصةً دمشقية بالدرجة الثانية🤔

في نهايات القرن التاسع عشر كان عدد من كبار عائلة سرسق يتنقلون بين بيروت وبين نابولي في ايطاليا وحتى فرنسا وكانوا ينشرون الكازينوهات ولعب القمار والمراهنات ولكنهم سقطوا في ادمان لعب قمار حتى أضاعوا معظم مالهم ، مما أدى لعرضهم بيع مئات آلاف الدونمات في عدة دول ومنها حوالي 340 ألف دنم (مايعادل مساحة قطاع غزة) تم عرض تلك الأراضي للبيع بقراها وبيوتها .. تلقفت الوكالة اليهودية هذا العرض وبعد عدة سنوات استطاعوا شراء هذه الأراضي على عدة دفعات من “نجيب وألبرت سرسق” ومن ابن موسى الماسوني الكبير “ألفرد بك سرسق” والذين كانوا رؤساء لأهم المحافل الماسونية في لبنان والشرق ..

هل تعلمون ماهية هذه الأرض التي اشتراها اليهود قبل أكثر من مئة عام وعلى دفعات👈إنها أرض “مرج بن عامر” أخصب الأراضي في فلسطين وذات الموقع الاستراتيجي والتي ضغط آل سرسق على الدولة العثمانية عندما كان مرج بن عامر يتبع لهم حتى يمر خط سكة الحديد ضمن أراضيهم ، فيه اليوم أجمل المستوطنات الإسرائيلية وفيه واحدة من أهم القواعد العسكرية وأهم مطار حربي ..

لم ينتهي الأمر على هذا الحد بل سعى اليهود لشراء باقي أراضي عائلة سرسق في فلسطين والتي كانت تنتشر في حيفا ويافا وغيرها (أشهرها مكان المعبد البهائي وحدائقه اليوم في حيفا👈هذ الجبل كان ملك لعائلة سرسق) .. كذلك حارات وشوارع كاملة في يافا وحيفا وتل أبيب الحالية وأراضي زراعية .. كان من نتيجة هذا الشراء سيطرة اليهود على جميع أراضي عائلة سرسق معظمها بالشراء وغيرها بالإستيلاء ووضع اليد بعد حرب 1948 تحت بند قانون أملاك الغائبين …

تلك الأراضي لعائلة سرسق وصلت مساحتها لحوالي 800 ألف دنم .. أي ما يزيد اليوم عن مساحة دولة البحرين وزيادة .. أي ما يعادل تقريباً 8% من مساحة إسرائيل الحالية بدون الضفة الغربية وقطاع غزة ، وكذلك اشترى اليهود أراضي واسعة من عائلة “التويني” اللبنانية والذين باعوا للوكالة اليهودية ومندوبيهم والصندوق القومي اليهودي أرض مدينة “نهارية” الحالية شمال عكا وقرى بأكملها ، كذلك باعت عائلة “سلام” اللبنانية 165 ألف دنم لليهود ، وعائلة تيان والصباغ والخوري والقباني وبيّهم والأحدب وغيرهم من عائلات لبنانية باعوا مئات آلاف الدونمات لليهود …
وأيضاً باعت عائلة المارديني الدمشقية أراضي واسعة في صفد لليهود ، وكذلك عائلات القوتلي والجزائري والشمعة والعمري من دمشق باعوا كل أملاكهم في فلسطين لليهود🤔

هذه الكارثة أدت لقيام اليهود بطرد أصحاب أكثر من مئة قرية من الفلسطينين من مساكنهم والذين كانوا يعملون ضمن هذه الأراضي تحت سلطة تلك العائلات .. مما أدى لنزوح حوالي 6452 عائلة فلسطينية نحو مدن حيفا ويافا على وجه الخصوص ، وأدى ذلك لبداية ظهور قرى الصفيح حول تلك المدن والتي استغلها اليهود بعد ذلك بحجة أن تلك التجمعات السكنية الفقيرة ليست للفلسطينين مما أدى لطرد هؤلاء في معظمهم مرة أخرى خارج سيطرة الإسرائيليين بعد إنشاء دولتهم عام 1948.
………………………..
عائلة “سرسق” بالمختصر:
هي عائلة من أصول بيزنطية يونانية مسيحية أرثذوكسية في معظمها ومنهم من تكثلك أي أصبح مسيحي كاثوليك ..

وصلت لبنان قادمة من القسطنطينية عام 1714 بناء على هجرة كيفية (غير معروف السبب الحقيقي) .. استقرت في منطقة البربارة شمال لبنان قبل أن تنتقل لمدينة بيروت …
قامت ببناء قصور وأبنية كبيرة في بيروت ، وأصبح عدد من أبناءها من أهم جباة الضرائب للدولة العثمانية في المنطقة (خطأ عثماني قاتل) هذا الأمر جعل من بعض أبناءها من الأغنياء بل ومن أغنى الأغنياء ..

اشتروا الكثير الكثير من الأراضي ..
أصبح لهم نفوذ واسع عند القناصل الغربيين في بيروت ، وأقاموا علاقات اقتصادية وتجارية مع شخصيات عالمية وكانوا يستضيفوا في قصورهم في أوروبا وتركيا ولبنان أهم الشخصيات العالمية من امبراطور ألمانيا ؛ إلى أمبراطور النمسا والمجر ؛ إلى السلطان عبد الحميد وغيرهم من ملوك وأباطرة في العالم ..

ثم توسعت تجارتهم وبدؤوا بالأعمال المصرفية في المنطقة والخدمات والشحن من وإلى مرفأ بيروت ، قاموا بتمويل جزء من حفر قناة السويس في مصر ، بعد ذلك قاموا بالدخول في الصناعة وخاصة صناعة الحرير والصناعات النسيجية والغذائية والخمور ، وتطور الأمر للدخول شركاء في عدة صناعات بعدة دول ومنها شركة “موتورولا” للإتصالات الأمريكية في القرن العشرين ، كذلك اشتهروا منذ سنوات طويلة بالبورصات وخسروا الكثير من أموالهم بالبورصات ولعب القمار ، قاموا ببناء كزينوهات للقمار ، حتى وصل بهم الأمر لبناء “حلبة سباق الخيل” في بيروت والتي كانت الأشهر عالمياً في المراهنات لعدة سنوات في القرن العشرين ..

كانوا محميين من دول عدة ولهم امتيازات عالمية ويتنقل عدد منهم كرعايا دبلوماسيين لألمانيا وروسيا واليونان وإيطاليا وإيرلندا وحتى أمريكا .. وكانوا مستشارين ولهم كلمتهم ولهم حضورهم في عدة نزاعات دولية ..

أشهرهم عبر التاريخ هم :
نيكولا سرسق ، موسى سرسق ، جورج ديمتري سرسق ، نقولا ، خليل ، لطف الله ، إبراهيم ، يوسف ، ميشيل ، نجيب ، ألبرت ، ماتيلدا ، كاثرين ، ايزابيل ، روبرت ، ألكسندر ، نخلة ، نيشع ، سيسي توماسيو سرسق ، وألفرد سرسق .. إلى “الليدي ايفون كوكران” التي ماتت من تأثير انفجار مرفأ بيروت ..

معظم العائلة كانت تزوج بناتها وشبابها لأمراء وأميرات أوربيين ولعائلات أرستقراطية عالمية ومنهم آغا خان الإسماعيلية ، وكذلك لأصحاب شأن وشهرة سياسية ومالية لدرجة لا يتسع المقال لذكرها ..

عمل بعض من أبناء هذه العائلة في القروض الربوية ، وكانوا أشهر من يقوم بدفع المال مقابل فوائد عالية في الظروف القاسية .. أشهر من استدان منهم عدد من حكام مصر وخاصة الخديوي سعيد والخديوي اسماعيل .. وحتى عدد من كبار رجال الدولة العثمانية وروسيا القيصرية وامتدت قروضهم لإيطاليا وألمانيا واليونان وفرنسا والنمسا وبريطانيا .. وكانوا يستعيدون أموالهم أحياناً مقابل أراضي ؛ أو شراء ماتبقى من أراضي للمديون ..

وهنا نجد سيطرتهم على مساحات شاسعة في تركيا وفلسطين ومصر واليونان وإيطاليا وروسيا وسوريا “مساحات كبيرة في حوران وطرطوس”وكذلك في دول عدة ..

كان “ميشيل سرسق” السياسي المدعوم من البلاط العالي العثماني أيام حكم الباشاوات الثلاثة يبيع الطحين والقمح بأكثر من 6 أضعاف سعره أيام المجاعة الكبرى التي حدثت في لبنان أثناء الحرب العالمية الأولى والتي كتبت عنها سابقاً.

استطاعت “الليدي ايفون سرسق” بفضل محاميها والذي أصبح بعد ذلك الرئيس السادس لإسرائيل “حاييم هرتسوغ”(1983-1993) من أن تستعيد جزء من قيمة أملاك العائلة في يافا وتل أبيب وحيفا ، وكانت بذلك من القلة القليلة جداً ممن استعادوا أموال من الحكومة الصهيونية عبر تاريخها😒

هذا مختصر المختصر لعائلة أثّرت بشدة على المنطقة وكانت حاضرة على فترة زمنية هامة جداً في التاريخ الحديث .. اعتبرهم البعض فخر للبنان ومدينة بيروت وخاصة لحفظهم تحف وفنون والكثير من آثار المنطقة وكذلك لأعمالهم في حماية البيئة والتراث اللبناني وحضورهم العالمي الواسع ، وغيرهم اعتبرهم سبب في كارثة ضياع فلسطين وأن لبنان فعلياً لم يستفد من قوتهم ومالهم وما كان لهم من نفوذ ..

هاجر ما تبقى من أفراد العائلة أثناء الحرب الأهلية اللبنانية نحو دول عدة مستخدمين جنسياتهم العديدة ، ومعظمهم استقر خارج لبنان ولم يعودوا سوى بزيارات خاطفة للبعض منهم …

غادر كبارهم وأكابرهم الدنيا ولم يأخذوا معهم شيء سوى أعمالهم وضاع أحفادهم في عشرات الدول بعد أن غرتهم الحياة الدنيا ، وبقي جزء من آثارهم وأعمالهم لتدل على تاريخ رمادي سعى الكثيرون لطمسه حتى لا يتم فضح بعضه …

#ناصر_قنواتي

اليوم يتم ترميم قصر “سرسق” في بيروت بعد تدمير أجزاء منه بإنفجار مرفأ بيروت وتكاليف الترميم تبلغ 12 مليون دولار على حساب منظمات من أوروبا بدعم عدد من أفراد العائلة ..

شاهد أيضاً

إيران: نؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط

ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة تؤكد الأخبار المتداولة بشأن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين طهران وواشنطن …