“ما الحب إلا” رواية حب في زمن عزّ فيه الوفاء…

أمل ناصر

رواية رقيقة، واقعية رصفتها الكاتبة عقدًا ماسيًا ، وقد أماطت لثامًا عن نفس مرهفة مسّها غدر وجرحتها أنانية .
في تعابيرها تناغم وبوح مشبع يرسخ في القلب. كتبت قصتها بكلمات حبلى ببهاء المعاني وقدَّمتها بعاطفة لا تحاصرها القوالب. كلمات عابقة بالرَّوعة والعفويَّة فتميَّزت بأسلوب خاصٍ وأنيقٍ مفعم بالوصف وجمال الألفاظ.
اقتربنا مع الكاتبة من القمم العالية وحلَّقنا في فضاء الفكر والعاطفة الصادقة وغصنا في أعماق الانسانية واتكأنا على روائع الثقافة .
وقد أجزلت في وصف شخصياتها وتحليل أفكارهم بشاعريِّة ورؤية فلسفيِّة فجعلتنا نحب بعضهم ولا نستسيغ بعضهم الآخر. وقد تنقلت الكاتبة كطبحرفيَّة وسلاسة في المكان والزمان فلامس إحساسها عبير الأرض .
” ما الحب الا ” تصوير لواقع مرير يتواشح مع المواقف المنبثقة من ذروة الاحساس اللفظي والمعنوي لنجد الكاتبة تلقي بنفسها وبكل عنفوان في احضان تناقضات الحياة ومفارقاتها، وهذه قمة الاحترافية.
سطعت حرارة قلب رهف( بطلة القصة) ، وبحثت في الحقيقة بجهدٍ حثيثٍ، فجعلتنا نواكب تحركاتها بشغف ونتعاطف مع إحساسها، وكان صراعًا محتدمًا بين القلب والعقل ولكن النهاية كانت صادمة وغير متوقعة، فقد انتصرت رهف لكرامتها انتصارًا مجيدًا. كل هذا كتبته سوسن صالح بحرفية عالية فجاءت جملها مكثَّفة تتدفَّق بتلاحقٍ متماوجٍ يظهر تمكنًا في قاموس الإبداع وهطولا شفافًا وباذخًا.
وبين قبول الحياة ورفضها وبين الفراق والتلاقي وبين اللذة والالم تتسارع الأحداث والمفاجآت التي تجاوزت به الكاتبة  لا شك  المناوشات السطحية والهشاشة.
فالحب لديها يدور في فلك المجهول ولا بد للزمان من إيقافه ولكن دون مقارعة الخطاب بالخطاب ودون ايضا الانعتاق من النمطية الخطابية لقلب الموازين .
استخدمت سوسن حروفًا ارستقراطية ودندنت بها ووضعت اكليلا مزركشا على خمائل المعاني  وختمتها بحكمه واعية: لا غفران للخيانة مهما كان الحب متمكنًا!
سوسن صالح فيض من شعرٍ وإحساس، شخصيَّة إبداعيَّة بامتياز ، شاعرة وقاصة وروائية ، تستحق أن نحتفل بجذل بهذا المنجز القيِّم الذي عبر قلوب من قرأه فألهب المشاعر والوجدان.
وها أنت يا سوسن تطرقين أبواب قلوبنا وتحرّكين مشاعرنا بروايتك الجميلة فلا جفَّ قلمك الذهبي الذي يزهو به الأدب والشعر …