خربوا بيوتنا “هل حان الوقت ليدفعوا الثمن لكن كيف؟

د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي

من المتفق عليه أنّ القوة الشرائية للمواطنين تدهورت بصورة مريعة بحيث أنهم لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية مع تدهور سعر صرف الليرة بشكل جنوني..
ماذا نفهم من كل هذا ؟
هل طبول الانتفاضة تحت اسم ثورة الجياع قد أصبحت جاهزة لإعلانها ؟
فالإنهيار الأمني والسلب والنهب الذي يتم هل هو مقدمة لهذه الثورة؟
كيف سيواجه الشعب المشاكل التي تفوق قدراته في توفير الطعام والشراب والكهرباء واشتراك المولد والمواصلات والتعليم والطبابة وتوفير الأدوية ؟
أشعر أننا أصبحنا بصدد تكرار السيناريو السريلانكي، نتيجة تبعات الأزمة الاقتصادية وما يعرف بثورة الجياع وهذه الثورة تقترب بسرعة كبيرة من الوطن على خلفية فشل حكومة الميقاتي في تقديم البدائل الاقتصادية لمواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية الراهنة، والتي تسببت في انهيار الوطن واتساع رقعة الفقر والبطالة والآفات الاجتماعية على نطاق واسع فلا أستبعد ظهور الاحتجاجات والمظاهرات من جديد ..

فهل حقاً لبنان تنتظره ثورة جياع ، وهل إنّ الجائع يصنع الثورة ؟
ولنفرض جدلاً أنّ الجياع نجحوا بثورتهم في الاستيلاء على الحكم، ما هو نوع النظام السياسي الذي سيؤسسونه ، أو نوع الدولة التي سينشئونها ؟
هل لديهم برنامج وطني اقتصادي اجتماعي يستطعون من خلاله انقاذ الوطن؟

من سيقوض هذا الشعب ولمن ستكون المبايعة؟ هل تم الاتفاق على قائد نظيف الكف عاشق لوطنه يخاف على شعبه ولا يخاف احداً؟
هل متقاعدو الضباط والعسكريين وغيرهم من موظفي القطاع العام سيؤيدون هذه الثورة إن تم إعلانها أم حقوقهم لا تسمح لهم بذلك؟
هل سينتفض الشعب كله في وجه هذه الحكومة وهذا المجلس الفاشل أم سنشهد انقسامات كالتي حصلت بعد انتفاضة ١٧ تشرين وتدخُل الاحزاب الحاكمة لإفشالها من أجل بقائهم؟

إنّ الحديث عن ثورة الجياع كما يسميها البعض يعني الحديث عن تغيير شكل الحكم والنظام القائم .
فكيف سيكون شكل النظام والحكم الذي سيؤسسه الجياع ؟
إذاً المسألة تتعلق بتغيير النظام والحكم الحالي ، لصالح نظام وحكم مستقبلي . لكن كيف النجاح في الوصول إلى الهدف ، والقاعدة العريضة من المواطنين، مجرد ” رعاة ” ملتصقين بالراعي الزعيم ، الذي وظف كل الدولة ، وبمختلف أجهزتها الأيديولوجية ، للوصول إلى ما وصل إليه الوضع اليوم …أي إنّ كل شيء يتحكم فيه من الألف إلى الياء ..
فما أشعر به أنه لا ثورة جياع “رعايا “على الأبواب ، لأن الجائع “الرعية ” لا يثور أبداً ولو شحذ الملح .
فالقليل القليل ممن انتفضوا كانوا ضد النظام الفاشل واغلبهم كانت انتفاضتهم من اجل مصالحهم الشخصية فلو حصلوا عليها لتراجعوا عنها واصبحوا ضد الثوار
من تصنع الثورات هي وحدها الشعوب .. وليس الجياع “الرعايا” خاصة ممن يتبعون الأحزاب ..
عندما يكون لنا شعب وليس رعية ، فآنذاك يجوز التحدث عن نوع النظام السياسي الأصلح ..
وكي يكون لنا شعب وهو الحلم المستحيل ، فإنّ الثورة في لبنان تبقى مجرد حلم كذلك مستحيل …

شاهد أيضاً

قائد الجيش استقبل الامين العام للمجلس الأعلى السوري اللبناني

  استقبل قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة الامين العام للمجلس …