هتاف دهام
لم يكن مقنعا رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيلفي خطابه يوم أمس ، فالتهويل الميثاقي والدستوري والقانوني كان أقرب إلى عويل سياسي مفضوح. ومحاولة أخد موضوع انعقاد جلسة مجلس الوزراء إلى إشكال طائفي إسلامي – مسيحي بهدف تغطية حشرته السياسية في الملف الرئاسي لن تنجح على الأرجح، لأن القاصي والداني في لبنان يدرك أن أزمة باسيل الكبرى هي بالحفاظ على دور سياسي فاعل من خلال لعب دور أساسي في تسمية رئيس للجمهورية، إذ إن المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية وهما رئيس تيار المرده الوزير السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزاف عونيشكلان قلقا وتهديدا للدور السياسي لباسيل بحسب قراءته ومخاوفه. ولا يمكن لأي من المرشحين أن يصل إلا من خلال تسوية على حساب باسيل ،إلا إذا أعاد الأخير حساباته وتراجع عن مواقفه لصالح تبني أحد المرشحين، عندها يكون قد اعتمد السيناريو الأقل سوءاً والذي من شأنه أن يخفف من خسائره.
حاول باسيل أمس قلب الحقائق محملا الرئيس نجيب ميقاتي مسؤولية عدم تشكيل حكومة وفقا لنية مبيتة سلفاً بهدف وضع اليد على صلاحيات رئيس الجمهورية، بحسب تعبيره. علماً أن هذا التحليل لا يقنع أحدا لأن شروط باسيل التصعيدية والتي هدفت إلى الإمساك بالثلث المعطل في الحكومة العتيدة هي السبب الأساسي الذي عطل تشكيل الحكومة. كما أن استشهاده بالدستور وتحديدا المادتين 62 و64 بأنهما يفرضان على الحكومة أن لا تمارس صلاحياتها اذا كانت مستقيلة فهو مناقض لما تنص عليه المادة 62 صراحة لأن هذه المادة، وفق مصادر دستورية وقانونية، تعطي الحكومة صلاحية ممارسة دورها بالمعنى الضيق للسلطة، والمعنى الضيق يتحدد تبعا لما تمليه الضرورة. وهل ثمة ضرورات وظروف استثنائية تفوق ما تمر به البلد على المستويات المالية والاقتصادية والمعيشية والسياسية؟ أما في ما يخص المادة 64 والتي استند فيها باسيل إلى التجربة التي مارستها الحكومة ما بين 2014- 2016 إنما حصلت أيضاً مراعاة لخاطر التيار الوطني الحر ولا تشكل قاعدة سليمة يمكن البناء عليها ، لأن انتقال صلاحيات الرئيس كاملة الى مجلس الوزراء لا تعني بتاتا، بحسب المصادر الدستورية نفسها، نقل الصلاحيات الى الوزراء بوصفهم افراداً بل الى مجلس الوزراء بوصفه مؤسسة لها نظامها وقواعدها في نصاب الاجتماع وكيفية التصويت على القرارات.