الولايات المتحدة وألمانيا…صيفٌ بارد

عزيز فيرم ــــــــــ كاتب سياسي وروائي جزائري

أرخت معركة ستالين غراد الشهيرة الواقعة شهر فبراير من العام 1943 لتحول عميق وجذري في فصول الحرب العالميّة الثانيّة بانكفاء واضح لقوات المحور لصالح الحلفاء، وبالتالي ترنح ألقوات الألمانيّة وحليفاتها ومن ثمة استسلام الجيش السادس الألماني بعد معارك ضروس مع القوات السوفياتيّة التي رهنت تقدم القوات النازيّة .
هذا التاريخ المعلمي البارز في تاريخ السياسة والعلاقات الدوليّة شهد أيضا بداية التفكير الجدّي للغرب في طرق وكيفيات تأديب المحور الدكتاتوري (ألمانيا/ ايطاليا/ اليابان ..) ومن سار على خطاهم .
بيت الطاعة وآلياته وحتى مفاهيمه في المنظور الغربي اختلف بشأنه الساسة والعسكر الغرب بحد ذاتهم فمنهم من رأى بالاكتفاء بحزمة من العقوبات الاقتصاديّة ومنهم من رأى بوجوب معاقبة القادة والشعوب على حد سواء ومنهم من اقترح عقوبات جغرفيّة …وهذا تعددت الرؤى حول مصائر ذلك المحور.
أمريكا المنتشيّة بدخولها الحرب وبميلان ميزان القوى لصالحها بدأت تفكر جديّا في تقليم أظافر ألمانيا بالدرجة الأولى حتى قبل حليفاتها لما تمثله من ثقل وقوّة، ولذا فان قادتها السياسيين والعسكريين اقترحوا عديد الخطط لعل أبرزها خطة مورغنثاو التي تنص على :
-تجريد الألمان من السلاح الثقيل وتقييد الصناعات الثقيلة إلى أدنى المستويات.
-تدويل منطقة حوض الرور (القلب النابض للاقتصاد الألماني) ووضعها تحت وصاية هيئة دوليّة).
جعل ألمانيا دولة زراعيّة بامتياز.
-​تدمير الثروة المنجميّة.
-​-نقل المعدات والمصانع الألمانية للاتحاد السوفياتي و نحو الدول المتضررة الأخرى من النزوح الألماني .
– الترحيل القسري للعمال الألمان خارج بلدهم.
-​تغيير المناهج التربوية والتعليمية التي وضعها النظام الهتلري في وقت سابق.
-​وكانت الخطوة الأكثر جرأة هي تقسيم ألمانيا الى قسمين شمالي وجنوبي ، قبل التقسيم الى شرقية وغربيّة.
-​لكن الملاحظ أن بعض الساسّة الأوربيون رفضوا المفترح الأمريكي السابق ذكرة ويمكن ذكر ونستون تشرشل الذي قال بأن تدمير الاقتصاد الألماني يعني تدمير الاقتصاد الأوربي برمته، الشيء الذي شق صدعا في الصف الغربي.
في 8 أيار/ مايو 1945 كانت نهاية الحرب العالمية الثانية حيث وقع المارشال فيلهيلم كايتل في برلين على استسلام ألمانيا غير المشروط، بعد أن مات هتلر منتحراً، وبهذا انتهت الحرب العالمية الثانية في أوروبا بعد النصر على النازية بصورة نهائية. لكن الحرب الباردة سرعان ما بدأت بعد ذلك بوقت قصير لتستمر على مدى أربعة عقود من الزمن، انقسمت فيها ألمانيا الى دولتين شرقيّة وغربيّة فصل بينهما جدار معلمي كان آن الوقت فاصلا ما بين العالمين الشرقي الشيوعي والغربي الليبرالي الرأسمالي، لكن مع نهاية تلك الحرب تمّ إسقاط الجدار وبالتالي توحيد الألمانيتين لتصبح قوة سياسية واقتصادية وعسكرية واحدة موحدة منخرطة في المجتمع الدولي لكن بتبعية وميل نحو الغرب في وقت أفل فيه المعسكر الاستراكي الشيوعي .
ومع التطور الرّهيب للقوة الألمانيّة وبخاصة في المجال الاقتصادي، أضحت معها الولايات المتحدة الأمريكيّة تنظر إليها بعين ملؤها الغيرة والحسد والترقب كذلك وفي البال تاريخ مرير وأسود بين البلدين .
أمريكا اليوم أي نعم تريد من يخلفها أو من يمثلها في أوربا لتقييد المد الروسي والصيني لكن من جهة أخرى هي تخاف من امكانيّة تعملق أحد الحلفاء ليكون منافسا شرسا لها وألمانيا قد تكون أحدى الدول التي تتوفر فيها معايير العالميّة بأن تصبح قطبا متكاملا وهو ما يخامر التفكير الأمريكي من مدة ويقض مضجعه، لكن يبدو أن ثمة تمرد من قوى أخرى ونمو لدول أخرى قد تشكّل وجعا اضافيا للدولة التي تتسيّد العالم الآن.
للتواصل مع الكاتب
facebook.com/aziz.w.firem

شاهد أيضاً

حاكم الشارقة يشهد إطلاق النسخة 16 من “جائزة اتصالات لكتاب الطفل”

الشارقة – من عمر الجروان المكتب الإعلامي لصاحب السمو حاكم الشارقة المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة …