الطائف”.. مرونة شيعية وهواجس مسيحية

هتاف دهام

فجأة برز على سطح التطورات اللبنانية موضوع “اتفاق الطائف“، بفعل الدعوة التي وجهها السفير السعودي وليد البخاري للمنتدى الذي عقد قبل يومين في الاونيسكو والتي جاءت تتويجاً لسلسلة من التصريحات التي أطلقها البخاري وحذرت من المس بالطائفوالتأكيد على مرجعيته الميثاقية.
لقد جاءت هذه المواقف إثر خروج العشاء السويسري إلى العلن كمقدمة لإطلاق حوار في جنيف برعاية سويسرية للمكونات اللبنانية كان من المفترض أن ينعقد في الثامن من الشهر الجاري. لكن الدعوة السويسرية فهمت بأنها تمهد الطريق لإعادة النظر بالطائف، في حين تؤكد أوساط مطلعة نقلا عن الأجواء السويسرية لـ”لبنان24″ بأن اللقاء الحواري لا يهدف البتة المس بالطائف فضلا عن أن الرعاة السويسريين لهذا الحوار كانوا قد أبلغوا كل المعنيين على المستويين الدولي والاقليمي بتحضيراتهم لاجراء هذا الحوار وقدموا توضيحاتهم في هذا الاتجاه.

في حقيقة الأمر، يستدعي نقاش “اتفاق الطائف” السؤال عن السبب الذي حال دون تطبيق الاصلاحات التي تضمنها هذا الاتفاق، فهذا هو السؤال الذي يجب ان يتركز عليه النقاش بين القوى الاساسية في البلد، إذ أن علة عدم الاستقرار الداخلي في لبنان منذ الخروج السوري في العام 2005 ليس منشأها “اتفاق الطائف” كما يظن كثيرون، بل في حقيقة الامر عدم تطبيق الطائف والابتعاد عنه.

ويقول قطب سياسي بارز لـ”لبنان24″: منذ العام 1991 لغاية العام 2005 لم يبد السوريون اي اهتمام بتطبيق الاصلاحات التي تضمنها اتفاق الطائف بل ربما على العكس، فان عدم انسحاب السوريين إلى خط المديرج – حمانا شكل خطوة اولى ربما اعاقت المضي بالخطوات اللاحقة.

وفق القطب السياسي نفسه، لا تبيت أي من الطوائف الاسلامية نية سلبية تجاه الطائف أو رغبة في الانقضاض عليه بما في ذلك الثنائي الشيعي الذي أعلن تنصّله مرارا من السعي إلى “المثالثة في قلب المناصفة”. وأوضح بأن كل ما يقصده من المؤتمر التأسيسي هو البحث في تطوير النظام السياسي من قلب الأليات التي حددها “اتفاق الطائف“. لذلك، وبحسب القطب السياسي نفسه، يتميز الموقف الشيعي من الطائف بمرونة عالية من حيث الاستعداد للتعايش مع الوضعية الراهنة لاتفاق الطائف أو لإطلاق مسار الاصلاحات التي تضمنها وأهمها العمل على إلغاء الطائفية السياسية.
ان المشكلة الحقيقية، تكمن وفق القطب نفسه، في الموقف المسيحي بصورة عامة الذي يكاد يكون موحدا لناحية إلغاء الطائفية السياسية. ففي الوقت الذي تلتزم فيه “القوات اللبنانية” بالصمت تجاه هذه المسألة، فإن التيار الوطني الحر وحزب الكتائب يجاهران بمواقفهما التي يخرجان فيها، كلّ من موقعه، عن مضمون اتفاق الطائف. فالتيار الوطني الحر تحدث مراراً عن استعادة صلاحيات رئيس الجمهورية علما أن النقلة الأبرز التي أقرها اتفاق الطائف هي نقل جزء من صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعا، الأمر الذي يضع التيار الوطني الحر في موقع التناقض الجذري مع الطائف، وإذا ماجرى أخد كلام النائب جبران باسيل حول تعديل الدستور بالممارسة، فإن الأمر يكتسي خطورة أكبر يهز الحساسيات اللبنانية في الصميم. أما حزب الكتائب فهو لا يخفي من حين إلى آخر تطلعه لإقامة دولة فيدرالية. وتجدر الإشارة إلى أن موقف المطران بولس مطر الذي مثل البطريركية المارونية في منتدى الاونيسكو تجاه اتفاق الطائف كان ضبابيا فهو أشار إلى موقف البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير كأمر واقع، ما فُهم منه الحاجة إلى تجاوز الطائف مع المرور به.

ينص”الطائف“على تشكيل الهيئة الوطنية لوضع خطة مرحلية لالغاء الطائفية السياسية، ومن الواضح ان هناك فرقا بين وضع خطة وبين اقرار الطائفية السياسية دفعة واحدة، فتشكيل الهيئة ووضع الخطة المرحلية لا يعنيان بالضرورة إقراراً فوريا لالغاء الطائفية السياسية. والسؤال المطروح اليوم، وفق مصادر معنية، لماذا لا يتم التركيز على تشكيل هذه الهيئة لرسم مسار عقلاني وإيجابي لالغاء الطائفية السياسية وفق صيغة لا تتناقض مع الهواجس المسيحية، فضلا عن أن تعجيل مسار إقرار اللامركزية الإدارية الذي قطع المجلس النيابي شوطا لمناقشته قد يشكل بدوره خطوة نوعية تستجيب لتطلعات البيئة المسيحية وتساعد في تطوير بنية النظام الاداري.

الأكيد أن مقاربة هذه المسائل إضافة إلى البنود الإصلاحية الأخرى الأكثر حساسية مثل انتخاب مجلس نيابي لا طائفي وتشكيل مجلس شيوخ، كلها أمور تؤكد الحاجة إلى حوار عميق بعد انتخاب رئيس للجمهورية تحت عنوان الحاجة إلى تطبيق ما لم يطبق من “اتفاق الطائف“.

شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …