احسنوا الظن…

Inراوية المصري…



إن من اغتاب عندك.. اغتابك.. ومن نم لك.. نم عليك

أصبحت الأحكام المسبقة في عصر السرعة كالوجبات السريعة المشبعة بشتى أنواع المنكهات كانت وما زالت داء البشر عبر التاريخ! سلوكا انتشر في المجتمعات لأطلاق احكام على الاخرين من خلال المظاهر دون الدخول في صناديقهم المغلقة او منحهم الدفاع عن انفسهم .

غالبا احكامنا المسبقة هي إرضاء لفضولنا وليس مبنية على حقيقة مطلقة، وقد نتمسك بها ونحولها الى حقائق وننشرها كالنار في الهشيم، فنكذب ونصدق ونتعامل مع المشاع صيته الذي نحن انفسنا من اطلقنا احكامنا الظالمة عليه دون دليل بخوف وشك ونفور، وبمجرد سماع اخبار عنه حتى دون رؤيته فنضعه في قفص اتهام من اخراجنا .

فالحكم المسبق هو افة عقلية تتلف اي فرصة للتفكير المنطقي والإنساني والأخلاقي! يعزل الأشخاص عن بعضها البعض وتحرم الكثيرين الانخراط في ثقافات جديدة والشائعات التي تطال الدين، المعتقد، العرق، والعادات.
فضلا عن تلقين الأشخاص في المجتمعات المنغلقة بأن الاختلاط بمجتمعات اخرى لا يفكرون مثلنا، قد تفسدهم ويفسد عائلاتهم بهذه الديكتاتورية المريضة تهيمن الظنون وتصبح تدريجيا مسلمات ومبادئ وتتنقل من فلان عن لسان فلان عند اغلبية البشر.

وحتى يمنع على الكثيرين ان يتسائلوا من هو فلان وماذا كان يعمل وهل هذا المصدر موثوق ؟
فتداول الحكم المسبق دون مصادر قد تحرمنا من ان نقرأ كتاب غير محبب لدى المفتي بالحلال والحرام وعند السؤال يكتفون بقول لا حاجة ان تقرؤا بكتاب اخر غير الكتاب الذي فرض عليكم قد تشككون في دينكم وغير محبب ان تشاهدون محطات أخرى لانهم أعداء طائفتنا او ديننا .

فالأشخاص المنغلقين على انفسهم لا يفكرون ولا يسمعون ولا يبحثون لان هناك من يفكر ويخطط ويتكلم بلسانهم فلا حاجة ان يفعلوا شيء فليوفروا عقولهم والسنتهم الى بث الاشاعات والحكم على الناس دون فهم .
ويبدو ان النساء ظلموا باتهامهم بالثرثرة، لان تبين ان غالبية الرجال يسابقوهم على البحث عن خبريات للتسلية من جار منزله فاخر او قريب اشترى سيارة غالية فمن اين له هذا؟ او فتاة اغرمت بشاب فيشاع صيتها وتسوء سمعتها لان الحب في قريتنا ممنوع..
وهكذا جيل يتعلم من جيل ثقافة الجماعة ان كانت خير او شر متطورة او متخلفة وزحمة الحياة تكمل مسيرتها ويورثون الأبناء حصائل وعادات ابائهم واجدادهم .

فالجماعة التي يعيش الانسان في كنفها وينغلق على الاخر لا يمكن ان يعلم ان الحياة لا تختصر على رمي الاشاعات وبث السموم، فالعقل وجد كي نستعمله وننفتح على العالم فهناك أشياء في الحياة جميلة وتستحق ان تكون بمقدمة اهتماماتها .

في عصر الانترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي يكفي ان يقوم شخص بكتابة منشور قد يولع حربا وهو يجلس على اريكته ويتلذذ بغباء بعض الأشخاص وخاصة ان كان موضوع ديني او طائفي فالانفعالات السريعة تأتي من عدم المعرفة والثقافة والكره المتغلغل في جوف الجاهل الذي لا يعرف من الحياة الا البغبغة ونقل الكلام..
عندما تحكم على انسان حكم مسبق تكون وضعت حاجز بينك وبينه وبينك وبين ضميرك وبصيرتك! لأنك رايت باعين الناس وأعميت بصيرتك خوفا من الخروج من رأي الاكثرية …

قبل ان ترمي التهم على الغير جربهم بنفسك، فالغيبة تقلل من احترامك وتصبح منبوذ وتافه فلا ضرر ان بادرت بعلاقة جيدة مع اناس حكمت عليهم ظلم بناء على قول فاسق فتبين واكتشف بنفسك لا تطلق احكام على الناس وهم قد يكونوا لم يسمعوا عنك وعن عشيرتك وعن بلدك اين موقعه على الخريطة من الأصل.

شاهد أيضاً

الخولي: “لإجراءات حازمة تمنع أي مظاهرات او تحركات سياسية للنازحين السوريين”

  كشف المنسق العام”الحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين” النقيب مارون الخولي “عما حصل في مدينة …