أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

 

الشاعرة مي الحلاني

أنهيتُ دراستي الثّانويّة ودخلت في كليّة الآداب الجامعة اللّبنانيّة ولم أُتابع بسبب الزّواج والظّروف الأمنيّة.

نشأتُ في بيتٍ تميّزت عائلته بثقافتها السّامقة وميولها لِلشّعر والرّسم ومن هواياتي منذُ الصّغَر المُطالعة، الشِّعر، الرّسم والفنّ عُموماً والتّعمُق بالفكر الإنساني والفلسفي.

صدَرَ لي “كُؤوسُ ٱلرّضاب” (شِعراً)

وتحت الطّبع ” رُؤى مي ” .

الشاعرة مي الحلاني:

يعتقد البعض أنّ الثّقافة عبارة عن نصّ أدبيّ نكتُبه

إنّما الثّقافة لها علاقة بالإقتصاد وبالسّياسة وعلم الإجتماع

وبالجيوبوليتيكا الجغرافيات السّياسيّة

 

 

*-لمحة عن البدايات ليتعرّف القارئ عليك أكثر

كنتُ أثناء يَفاعتي مُتأثّرة بوالدي الذي كان يُحبّ مُطالعة كتُب جبران خليل جبران ومي زيادة وبعض الكتُب لمخائيل نعيمة وغيرهم من الأدباء، كنتُ أُتابع قراءة هذه الكتُب وأنا. يافعة فتأثّرتُ بأسلوب هؤلاء الأدباء وأحببت المُطالعة والإتطّلاع على النّصوص الشّبيهة، وفي المرحلة الدّراسيّة المتوسّطة والثّانويّة كنتُ أهتمّ كثيراً للُّغة العربيّة والنّصوص الأدبيّة وبدأت كتاباتي في عمر المرحلة الثانويّة وهي عبارة عن نصوص وجدانيّة ورومانسيّة وغرسَت بداخلي بذرة حُبّ الأدب والطّموح لأنتمي لحياة الشُعراء والأدباء.

*-الإنسان ابن بيئته ، يتفاعل معها وتصقل شخصيته .
كيف أثر الجوّ العائلي على تنمية موهبة الكتابة عندك ؟

كان التّشجيع من أخوتي لجمال النّصوص والمعاني التي كنتُ أتّقنها وأنُصّها بإبداع وكذلك أساتذتي في المدرسة كانوا يقرؤون كتاباتي في مواضيع الإنشاء وكذلك رسوماتي التي كنت ارسمها بإتقان وحرفة ويُثنون عليّ أمام التّلاميذ وهذا ما شجّعني على الإستمرار، لم تلتزم نصوصي بإيدولوجيا معيّنة او بخطّ سياسي معيّن إنّما التزامي وطني عام ولا شكّ أنّ البيئة الحاليّة شوّشَت الكثير من أفكاري في الوضع الحالي وباتت نُصوصي تدخل أحياناً في مواقف سياسيّة ومن قبل لم أكُن كذلك.

*في ظلّ هذا الواقع المأزوم الذي نعيشه، ما هو دور الكلمة الهادفة في منع حصول الانهيار الثقافي الكامل؟

الأصل أنّ هشاشة الوضع الثّقافي بلبنان خاصّةً وفي العالم العربي عامّةً وفي العالم الإسلامي على الأعمّ هشاشة الحالة الثّقافيّة هي بسبب غياب الكلمة الهادفة الكلمة التي يكون فيها مضمون وهذا المضمون له صلة بحركة المُجتمع والشُعوب وبهموم النّاس هذه الكلمة ليست سائدة وبالعكس الذي سائد هو نوع من الكلمات المرصوفة المُعبّرة عن مشاعر ذاتيّة ورومانسيّة عن غزل وأشياء مائعة وهنا تحدُث ميوعة الثّقافة نفسها وتفقد دورها الطّليعي والمؤثّر لذلك نجد الثّقافة والمُثقّف في بلادنا دوره هامشي والسّبب أنّ النّصوص التي يكتبها المثقّفون ليست هادفة ولا مُلتزمة أيضاً وحتّى لو كان الإلتزام فيه تناقض بمعنى لو كان أحدهم يساري أو يميني أو عنده فكر رأسمالي أو اشتراكي فهذا جيّد من أجل الجدل وتحريك الفكر والثّقافة، من جهة ثانية يعتقد البعض أنّ الثّقافة عبارة عن نصّ أدبيّ نكتُبه إنّما الثّقافة لها علاقة بالإقتصاد وبالسّياسة وعلم الإجتماع و بالجيوبوليتيكا الجغرافيات السّياسيّة بكلّ التطوّرات التي تحدُث داخل البلد وخارجه لذلك يجب أن تكون الثّقافة مُتّصلة بكلّ هذه الأحداث.

*ماذا أفرغ قلمك من شهدٍ في ” كؤوس الرّضاب ” ؟

إنّ الإستخدام الشّائع لكلمة رضاب هو استعارة وليس المعنى الحقيقي للكلمة فالرّضاب هو عصير العنب عندما يُغلى قبل أن يُصبح دبساً ومن دون أن يُخمّر. وما وضعته في كُؤوس الرّضاب وضعتُ عصير أفكاري ومشاعري وانفعالاتي وضعتها في كُؤوس اللّغة والأسطر والصفحات ليشعر القارئ بنكهة الكلمات الرّضابيّة الحُلُوة.

*لو كنتِ في موقع المسؤولية – وكلٌّ في مكانه مُكلَّف – ما هو القرار الذي تتخذينه لإنقاذ المجتمع من آفاته؟

القرار الحاسم والعادل الذّي أتّخذُه ودون تردّد هو فرض عقوبة الإعدام لكلّ فاسد على أرض الوطن.

 

*-فقدنا في لبنان منذ أيام شاعرًا تشهد له منابر الإبداع ، وهو الشاعر محمد علي شمس الدين .
لماذا في بلادنا ، يُكرّمُ المبدعون بعد وفاتهم ؟ أو ليس العرفان بفضلهم وهم أحياء أكثر تقديرًا لهم?

الشّاعر والفنّان والمُبدع والمُفكّر: هؤلاء هم الوحيدون بين البشر الّذين يستدركون لحظات موتهم ويتحسّبون لهذه اللّحظة فيبنون لأنفسهم كياناً خالداً فيذهب الجزء البسيط بالفناء ويبقى الجزء العظيم في الحياة ومستمرّاً للأبد مادامَ هنالك أناس تقرأ وتتفاعل مع الفكر والثّقافة والإبداع يعني هذا الشّاعر هو موجود هو حيّ فعندما أقرأ للمُتنبّي أشعر بأنّه يجلس إلى جانبي وكأنّني أُحادثه فهو حيّ بالنّسبة لي وليس ميّت.

 

*ماذا تحضرين لنا في ” رؤى مي “؟

في كتابي الجديد ( رؤى مي ) الرُّؤى للحياة من خلال المُعاناة في أحضان القصيدة والشّعر.

 

* هل يشكّلُ الوضع الراهن تحدّيًا للقصيدة ، بمعنًى آخر هل ستتكمشُ مواضيع الشعراء تماشيًا مع التحديات التي يفرضها العصر أم أن أفق الكلمة غير محدود؟

كلّما تشعّبت موضوعات العصر وكلّما تعقّدت أيضاً أزمات الزّمن الذي نحيا فيه تزداد معها المعاني والموضوعات والصّور والأفكار الّتي تتناولها الثّقافة والشّعر خاصّةً إنّما عندما تكون الأزمة شديدة تقع على طرفين من الثّقافة والشّعر،
الطّرف الأوّل هو الطّرف غير المُلتزم هو الهاوي وهؤلاء تؤثّر عليهم هذه الأزمة وبالأخصّ إذا كانت أزمة اقتصاديّة تلهيهم في البحث عن سُبُل العيش وأيضاً تُضلّلهم الأحداث لأنّهم لا يعون إلى أسبابها وتطوّرها.
في الطّرف الثّاني: الثّقافة المُلتزمة الهادفة بالعكس تماماً الأزمات ومشاكل العصر تزيدهم التزاماً وإصراراً على التّعمّق في أسباب الأزمات وبالتعاطي معها بالإنفعال الشّعري وتقوّي الثّقافة وعادةً الشّاعر الجادّ هو الّذي تُؤثّر فيه هذه الأزمات وتجعل من شعره أوضح وأعمق.

 

*أترك لك الختام مع قصيدة تهدينها لقراء كواليس .

ٱلرّوح ٱلحَائِرة.

مآلي وحاليَ ٱلمُتعَب!؟
أتَخبّطُ بين جُدرانِ ٱلحَيْرة!؟
مالي كاسِفَة ٱلبال أُراقبُ حالي ٱلمُشَتّتَة!؟
وجميع أسئِلتي تَدَفّقَ مَاؤها!
مالي وحاليَ ٱلمُتعَب
في سَجدةِ ٱلتوَسُّل أتَسوّلُ أقداحي
وكفِّي كَجذوَةٍ مُشتَعلة!
يآ قلبي ٱلمُشَبّع بِالدِّيمَةِ ٱلرَّاقدَة
تارةً تَهبُّ كالشَّآبيبِ
وتارة كَنُقطةِ ٱلرَّهْمَة ٱلضَّعيفة!
متَى تُجرَفُ هُمومُك ٱلسَّحيتَة؟
وشَرّ ٱلدّاء بِحَجمِ ٱلدُّجى ٱلآرِق!
كَيفَ لِلأَواذِيِّ هُدوءَ شُطآنِه؟
وٱلصّبرُ أصَابهُ ٱلصُّقْلة وأحاطهُ كالإيثَاق!
مآلي وحاليَ ٱلمُتعَب!؟
غارقَة أنآ! في دوّامةِ ٱلدّمعِ ٱلحارِقِ
أتأوَّبُ مثل ٱلدَّيجور ٱلمُبكِر!
أُراقبُ سِيَر ٱلنُّجوم وٱلأفلآك
مآلي وحاليَ ٱلمُتعَب!.

 

💐🌿تحية كواليس🌿💐

بإختصار تمر الشاعرة مي الحلاني على المشاكل الماضية والحاضرة بتشريح مقتضب بحيث تضع النقاط على حروفها وبصراحة متعقلة من دون تفلسف او استعرض انطلاقاً من مفهومها العقلي للثقافة التي هي نبض وصوت وصورة حياة بكل تفاعلاتها ومفاعيلها واهدافها وسموها.. وتكمل روعتها بنصها الشعري الذي يبدو اكثر انسجاماً مع روعها بحيث نجد الحروف مطواعة لابراز كنزها اللغوي وعمقها المعرفي وسهمها المصوب نحو الارتقاء باللغة وانقاذها من الغوغائية التي تفقدها الرونق والبهاء🌺

مرة اخرى تنوع الشاعرة رانية مرعي 👏 في اختيار ضيوفها الذين يشكلون لوحة متناغمة اللحن المتآخي مع الكلمة فتتحقق الروعة🥰

🙋‍♀️🌿🙏🌹🥰🌸👏👏👏👏👏💐💐💐

فاطمة فقيه

شاهد أيضاً

🟤🟠 رهنت خاتم زفافها لتمنح زوجها جائزة نوبل..قصة “مرسيدس بارشا” زوجة الأديب العالمي غابرييل غارسيا ماركيز..

  غابرييل غارسيا ماركيز ، الكاتب الكولومبي الأشهر في العالم وأحد أعظم الكتاب في عصرنا …