حماس وأردوغان والعودة للجنّة .. مَن هدم الكعبة وسرق الحجر الأسود؟ .. روحي كعبة وقلبي حجر أسود….

نارام سرجون

ما الذي يُعيد قلبي كما كان في صدري وقد سُرِق منه كما سُرِق الحجر الأسود من الكعبة وغاب عشرين عاما؟
وما الذي يُرمِّم جدران روحي التي تصدّعت كما تصدّعت جدران الكعبة عندما رُمِيت بالمنجنيق؟

وما الذي يُعيد لي طمأنينة نفسي التي طارت فزعى مثل عصفور صغير أطلق عليه الصيادون النار وأخطؤوه؟ ومن يُرمِّم جُرحي الذي استقرّ في ظهري؟ هل إخراج النصل من جسدي سيُنقذه أم سيزيد فيه النزيف .. إن بقاء النصل يتغلغل في الجرح أحيانا هو الأفضل ..

يظن التائبون أن توبتهم المُبلّلة بالندم والمُغمّسة بالاعتذار كفيلة بأن تُشفي الجروح والقروح القديمة .. وهم لا يدرون أن الاعتذار أصعب وقعا على النفس أحيانا من لحظة الطعن بالنصل إن صدر من منطق براغماتية وانتهازية .. وأن إخراج النصل من الظهر هو أكثر ايلاما من لحظة اختراق الظهر بالنصل …

منذ فترة ونحن نسمع خليفة المسلمين العثماني يتودّد لسورية الأسد .. ونسمع أيضا أن حماس تتودّد لسورية الأسد ..

ولكن ظهر سورية وشعبها لا يزال مليئا بالسكاكين .. ودم السوريين يا أردوغان لا يزال ساخنا على الأرصفة .. وأحبّة السوريين لا يزالون غائبين .. وجثامين شهداء سورية مغروسة في كل متر ..

وكُلّما أُخرِجت سكّين مغروزة من لحم السوريين نزفوا أكثر وتألّموا أكثر وتذكّروا أكثر بيوتهم التي هُدِمت وفيها أغلى ذكرياتهم ..

وتذكّروا جيرانهم الذين قُتِلوا أمام أعينهم وكانوا بالأمس يشربون معهم القهوة ويُلقون التحيّة عليهم من الشُرفات ..

وتذكّروا أصحابهم الذين ضاعوا في المنافي وفي البِحار .. وتذكّروا أطفالهم الذين فقدوا آباءهم وأمّهاتهم وأخوتهم ورفاقهم .. وفقدوا مدارسهم ومقاعدهم وكتبهم وألعابهم وفقدوا طفولتهم التي عاشت في الرُعب ومات فيها الأمان .. وعاشوا في الخيام .. وصاروا لاجئين لدى أسماك البحر التي شبعت من لحوم السوريين في بحر إيجة ومضيق الدردنيل ..

قد يقبل الشعب السوري اعتذارا من الأوروبي لأنه عدوّه وقد يقبل اعتذارا من الأمريكي لأنه عدوّه وصديق عدوّه إسرائيل .. وقد نقبل اعتذارا من الخليجي لأنه كلب عدوّه ولأنه عبد مأمور عند عدوّهم .. ولكن من كان في جنّة سورية هو أنتم “حماس وتركيا” .. ومن أكل من بيت مونة السوريين هو أنتم .. ونام في ديار السوريين هو أنتم …

سورية فتحت بيتها للأتراك دون أمم الأرض .. وفتحت بيتها لحم*اس .. وسورية فتحت اقتصاد حلب كلّه كي ينتعش اقتصاد جاءت منه سفينة مرمرة وكي تكافئ كلمة واحدة قالها أردوغان في دافوس من أجل فلسطين .. والنتيجة أن آدم التركي وحواء حماس أكلا من شجرة الربيع العربي الملعونة حتى تكرّشا ..

اسمحوا لي أن أقول بأن أوقح ما في بيان حركة حماس هو أنه جاء صدى لبيانات تركيا وكأنه كان ينتظر الأوامر .. وأتفه ما فيه هو أنه انتظر تصريحات تركيا التي تُعبّر عن رغبتها بالمصالحة مع السوريين .. فبدت بيانات حماس وكأنها استجابة لطلب تركي .. وانصياع لأوامر وتوجيهات من استانبول وكأنها فرع للمعارضة السورية .. وليست قناعة من القلب والروح ..

وستبدو حماس في توقيت بيانها التركي وكأنها تقول انها مُرغمة على هذا السُم لأنها لم تقُل للفلسطينيين أن قيادتها أخطأت وأنها كانت آثمة ..

فقد بقي الجيش السوري في نظر وذاكرة الكثيرين من الجهلة والأغبياء هو الجيش الذي كان يقتل شعبه ويحرق المُدن والمساجد ويتسلّى بقتل الأطفال مثلما يقتل الجيش الإسرائيلي الأطفال .. ويُغافل المدنيين فجرا بالسلاح الكيماوي .. رغم أن كل أمم الارض هي التي كانت تقتل الشعب والجيش السوري وأطفال المدارس السوريين ..

ولم تروِ حماس لشعبها ولقطيعها الإخونجي حتى اليوم كيف كانت دمشق تُقصف مِن قِبل الإرهابيين بالتنسيق مع إسرائيل وأنها لا تزال تقصف بالطيران الإسرائيلي والإرها*بيين .. وكيف أن شمالها مُحتل من تركيا وشرقها مُحتل من أميركا وجنوبها مُحتل من إسرائيل ..

ولم تقُل حماس لشعبها ولقطيعها الإخونجي أن جبهة النصرة فاجرة وإرهابية وكانت مثل هاغانا الصهيونية ..

ولم تقُل حماس لشعبها ولقطيعها الإخونجي أن دا*عش كانت ترضع من أثداء تركيا .. وأن كل من قاتل وقتل جيش وشعب سورية كان آثما ومجرما وحقيرا وإلى جهنم وأوّلهم المتطوّعون الفلسطينيون الإسلاميون المتطرّفون في صفوف المج*اهدين الإرها*بيين والإخوان المسلمين ..

أما ما تقوله تركيا في سورية وعن سورية فهو أحقر مِمّا نظن .. إنها تضع سورية في مستوى الإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل .. أي أنها تصالح الأوغاد جميعا .. وتظهر فيها سورية وكأنها صفقة رابحة لتركيا مع أوغاد مثل الخلايجة ومُجرمين مثل الإسرائيليين ..

أي أن أردوغان يُقدّم سورية لشعبه العثماني التافه على أنّه مضطر للمُصالحة مع مُجرمين وخونة كما اضطر للمصالحة مع الأنذال الخليجيين العرب ومن المصريين والإسرائيليين من أجل تحسين وضع تركيا في المنطقة ..

والتركي في قرارة نفسه يُدرك أن الخلايجة عملاء أميركا وإسرائيل ويتفهّم أن تركيا لا تحبهم ولا تحترمهم ولكنها مضطرة لذلك ولكن قلبها يكرههم ولن يتبدّل شعوره بالنقمة والاحتقار لهم ..

وسيفهم نفس الرسالة بالنسبة للسوريين .. ويضع أردوغان سورية في نفس السلّة مع الخونة والمجرمين والمطبعين والإسرائيليين .. رغم أنّ سورية من دفعت ثمن خِسّة ونذالة أردوغان ونذالة العرب والخلايجة ..

وفي نظر إسلاميّيه المعاتيه الجهلة لا تزال سورية هي كفار قريش وأردوغان هو النبي الذي يُبرم صلح الحديبية مع سورية ويعود من دون حج ومن دون صلاة في الجامع الأموي .. على أن فتح مكة أو فتح دمشق هو ما يعمل عليه وما يجب أن يحدث في المستقبل ..

الاعتذار برأيي لا معنى له إذا لم تقُم حم*اس وتركيا برواية الحقيقة عمّا حدث وعن الظلم الذي تعرّض له الشعب السوري والجيش السوري والقيادة السورية .. وعن سوء النيّة وسوء التصرّف وسوء الأخلاق والفجور الذي تمتّعت به قيادات تركيا وقيادات حماس والقول أن هذا الموقف الجديد ليس مبنيّا على تكتيك ومقولة (مُرغم أخوك لا بطل) ..

وإلّا فإن أي تحوّل في موقف مستقبلي ونكوص في العهود سيستدعي تلك الذاكرة القبيحة عن الروايات الإسلامية الإخوانية عن وحشيّة الجيش السوري تجاه أهل ومواطني سورية التي تحوّلت إلى وثائق وحقائق لا تقبل النقاش في مُخيّلة بعض الجهلة والمعاتيه ..

ولذلك على الجميع أن يحكي للجميع عن كذبة الأسلحة الكيماوية التي قيل أن القيادة السورية قتلت بها شعبها .. وأن يحكوا عن مجزرة خان العسل الكيماوية التي ارتكبها الإسلاميون برعاية تركيا، ومجزرة الغوطة الكيماوية لاستجلاب تدخّل أمريكي ..

على الرواية السورية أن تُروى على مسامع كل جمهور حماس وجمهور أردوغان .. عن العُنف الطائفي وعن التحريض المذهبي وعن الجُنون الديني الذي كانت تُغذّيه قطر وإعلام الخليج ودعاية أردوغان ..

ويجب أن يعلم الجميع ان معظم من قُتِل في سورية من المدنيين كانوا ضحايا الإرهابيين وليسوا ضحايا الجيش السوري .. قُتِلوا في مجازر لا تُحصى .. وقُتلوا في نسف الشوارع وفي مدافع جهنم وقذائف الهاون وحفلات الإعدام الجماعية وذُبِحوا فجرا وأُحرِقوا في أفران عدرا العمالية .. وأن معامل سورية سُرِقت وثروتها نُهِبت .. ومُدّخراتها سُلِبت …

إذا لم تقُل حماس الرواية الحقيقية فلا معنى لهذه المُصالحة .. لأنها ستكون مُصالحة المُضطّر البراغماتي لا التائب الذي يُراجع نفسه ويعترف ويُقِرّ بالحقيقة علنا ..

القيادة السورية والشعب السوري ليسا مضطرين لقبول الاعتذار إلا من منطق البراغماتية أيضا .. ولكن قبول الاعتذار دون اعتراف وعلني بالخطيئة والإثم وقول الحقيقة مِن قِبل الخاطئين والآثمين سيكون أكثر خطرا من تلك اللحظة التي قبلت فيها سورية أردوغان الوديع وكافأته على سفينة مرمرة وخطاب ومسرحية ديفوس ..

والتي تحسّست سورية فيها خنجر حماس في ظهرها .. ووجدنا بصماتها على مقابض الأبواب وهي تحاول ان تفتح قلعة سورية للغُزاة ..

ولو كانت حماس مُنسجمة مع توبتها لقالت بأن فلسطين أرض محتلة كما هو شمال سورية وإدلب ولواء اسكندرون ..

الكعبة لا تزال مُتصدّعة الجدارن منذ ضُرٍبت بمنجنيق الربيع العربي .. والحجر الأسود لا يزال مفقودا ومسروقا منذ أن تولّى قرامطة القرن العشرين أمور دينها ودُنياها ..

والجنّة ليست مكانا يعود إليه التائبون بعد أن خرجوا منها وقد تعلّموا أن يعيشوا بين الثعابين .. ويأكلوا مع الثعابين .. ويناموا مع الثعابين .. ويستمعوا للثعابين .. والشياطين …

شاهد أيضاً

ايسكريم الاوريو..❤️🍧

  #الطبقه الاولى علبة قشطه + ظرفين دريم ويب ونخلطهم ، نكسر ٤ اكياس اوريو …