قراءة في رواية الكاتب نزار دندش

للشاعرة الاعلامية امل ناصر

وكما اعتاد الروائي الحداثي المتجدّد نزار دندش على اختيار الحياة المعاصرة ميداناً لرواياته ، نراه اليوم يُقدِّم لنا في روايته الجديدة ” أقنعةٌ خلف الوجوه ” النموذج المُستجدّ للحياة اللبنانية المضطربة في واقعها الخارج عن الضوابط والانتظام .

الدكتور نزار دندش

 

” أقنعة خلف الوجوه ” روايةٌ تحمل عنواناً حمّالَ أوجه ، فيبدو للوهلة الأولى جملةً معكوسةً ، لكنه في الواقع صورةٌ حقيقية لواقع لبناني معكوس .
هذه الرواية المميزة صدرت عن الدار العربية للعلوم- ناشرون قبل أيام وتقع في مئتين وعشرين صفحة ، تُزيّنُ غلافَها لوحةٌ للفنانة باسمة عطوي مستوحاة من الواقع اللبناني بعد انفجار مرفأ بيروت .
هي روايةٌ شفافةٌ كُتِبَتْ بأسلوبٍ أدبي مباشر وجميل وفصاحة مميزة .ينقلنا فيها الكاتب من مشهدٍ الى آخر على بساط ريحٍ وثير ، في رحلةٍ مريحةٍ رغم الواقع الاجتماعي الأليم الذي تغطي أحداثه ، حيث ينقل إلينا صورةً صادقةً عن وجوه اللبنانيين من مختلف الطبقات الاجتماعية ، في خِضمِّ الغضب الساطع الذي يرافق أزمتهم المعيشية ، حتى نشعر وكأننا نقرأ انعكاس المحنة على وجه كل مواطن .
في هذه الرواية قصةُ حبٍّ بطلاها حبيبان راقيان متمردان على كل التقاليد البالية يسرقان الفرح من قلب المعاناة ، في قلبيهما حب الوطن وفي صدريهما إيمانٌ كبير بأن الحقَّ لا بدَّ أن ينتصر . رواية نجد فيها متابعةٌ ليوميات انهيار الطبقة الوسطى وجولات هجرة الكفاءات والأدمغة وكل اليائسين من البقاء على أرض الوطن .

 

“أقنعة خلف الوجوه” رواية فبها تشريحٌ لعقلية أغنياء الحرب وجيوش العبثيين والطفيليين والمتخلفين عن أدوارهم الطبيعية في الحياة .وفيها متابعة لمعاناة المخلصين لوطنهم وضميرهم وانسانيتهم ، الذين لم تلوثهم الرشاوى ولم يشوههم المال المسروق والكسب الخارق للقانون .
في هذه الرواية تختبئ الأقنعة خلف الوجوه وتمتد الأيدي في كل الاتجاهات ، فتارة تمتد أيدي الفوق الى جيوب التحت، وتارة تمتد أيدي التحت في الهواء طالبةً نجدة أهل الخير . رواية فيها يدفع اليأس بالشباب الى الهجرة فيعود بهم الحماس لوطنيتهم الى زواريب الوطن ثم يتعهد القابضون عليه بإبعادهم عن حضنه وقذفهم الى احضان المجهول .
رواية نزار دندش موسوعة وجدانية تمتزج فيها عاطفة الحب بمشاعر المحبة ومشاعر الخيبة ، وتتقاطع فيها مشاعر اليأس والاشمئزاز مع مشاعر العنفوان وعزة النفس في واقعٍ تتنحى فيه العقول لصالح فوضى المشاعر الغاضبة .
رواية نجد فيها قراءة في الأحداث من قلب الاحداث، تصف لنا عملية صنع التاريخ لحظةً بلحظة من قلب البركان الثائر .
” أقنعةٌ خلف الوجوه ” روايةٌ مميزة أنصح بقراءتها كلَّ كبيرٍ وصغير .

شاهد أيضاً

“عامل”: تضرر مراكزنا بالقصف الاسرائيلي لن يثنينا عن واجبنا لتعزيز صمود أهلنا

*مهنا: نرفض انتهاك الاتفاقيات والشرائع الدولية وازدواجية المعايير في التعامل مع الارتكابات الاسرائيلية* بيروت، 17 …