كفُّ اللهِ

الشاعرة أمل طنانة

 

1. وَأَوْجَعُ مافي الغَيْبِ أَنَّكَ حاضِرُ
وَأَنَّكَ في عَيْنَيْهِ، بِالشَّوْقِ ساهِرُ

2. تَحوكُ منَ الْأَسْرارِ أَجْنِحَةً بِها
يَحُطُّ عَلى الْأَحْداثِ، بِالْحُلْمِ طائِرُ

3. وتُمسِكُ في كفّيكَ للعُمْرِ رِبقةً
وَتُطلِقُهُ ما سارَ بِالمَجْدِ سائِرُ

4. كَأنَّكَ في أَنْفاسِهِ رئَةٌ إِذا
دعا الشِّعرَ، ساقَتْهُ إِلَيْكَ الْمحابِرُ

5. فَتَرْمي عَصا الأقدارِ، تَلْقَفُ ما هَذَوا
إِذا لَمْ تُضَأْ مِنْ مُقلتَيْكَ الدَّفاتِرُ
………….

6. أيا أَيّها المأسورُ والأفقُ مِلْكُهُ
فَنَجْمٌ يُدانيهِ وَنَجْمٌ يُسافِرُ

7. ومن يدِهِ التّاريخُ يُملي كتابَهُ
وموسِمُهُ الدّفّاقُ، بالقمحِ ذاخِرُ

8. تُسائِلُنا الأيّامُ: ما سِرُّ قيدِهِ
تَلوذُ بِهِ الشّطآنُ، تنجو البواخِرُ

9. وتطوي له الأرياحُ أذرُعَها متى
تَسوّرَها غيمًا فَتَنْدى الْهَواجِرُ

10. فَكُلُّ رَبيعٍ، أَخْضَرِ الْوَعْدِ ساكِبٍ
جداوِلَهُ نَصْرًا، فمِنْهُ الغدائِرُ

11. وَكُلُّ وَريدٍ، أَحْمَرِ الْوَجْدِ خاضِبٍ
حدائِقَهُ عُرْسًا فمنهُ الأزاهرُ

12. هُوَ الْحُبُّ زَرْعًا، أَعْجَبُ الْحُبِّ سُنْبُلٌ
تغنّي بِهِ لحنَ الحياةِ المقابرُ

13. يُضيءُ على صَمْتِ الرِّمالِ مخاضُهُ
فَيُنْطِقُها عُشْبًا، وَتَعْلو البشائِرُ
………..

14. جُنونٌ بأن تنأى وأنّكَ ماكِثٌ
بكلِّ ضميرٍ، ساكِنٌ لا تُغادِرُ

15. وتُطلِعُ أجيالًا، وَتُنجِبُ أمّةً
وَيَنْشُدُكَ الأبطالُ، ما ثارَ ثائِرُ

16. وترتفعُ الرّاياتُ بالكبرِ إِنَّها
رفيفُ زمانٍ طرَّزتْهُ المفاخِرُ

17. ولكِنْ، رويدًا، إِنَّ في الْقَلْبِ ظُلمةً
وإن نشرَتْ سيلَ النُّجومِ المنائِرُ

18. يُسمّيكَ عشقًا، كلّما الدّهرُ دوّرَتْ
على ضفّتيهِ من قِلاكَ الدّوائِرُ

19. فَهلْ تفلِتُ القلبَ الْمُنادي: أَسيّدي،
وأنتَ على دَرْبِ الحُفاةِ المؤازرُ؟

20. لأقْسى غيابٍ، أن تُباعِدَ فرقَةٌ
أليفَ فؤادٍ، قرَّبتْهُ المشاعِرُ!

21_ تعالَ أبا صدري، لتلقى جبالَنا
بيوتَ نُسورٍ، سيّجتْها الكَواسِرُ

22_ صغارُكَ قد شبّوا، وأينعَ عزمُهُمْ
فهُمْ حرسُ اللهِ، شَهيدٌ وَظافِرُ

23_ وهُمْ أَمَلٌ باقٍ على العهدِ جُندُهُ
وصولَةُ حزبِ اللهِ، نَصْرٌ وَناصِرُ

24_ وهمْ قدَرٌ، في مُقلةِ الدّهرِ أنّهم
إذا ابتسَموا، تُبْدي النّيوبَ الغَضافِرُ

25- وإن عبسَوا يومًا وأومأَ إصبَعٌ
فما بَعْدَ حيفا في السّعيرِ، وَساعِرُ
…………………………..

26. تُراكَ امتحانًا؟ طالَ في الصّبرِ دمعُنا
فحتّامَ، يُشْجينا الجوى، ويُخامرُ

27. وحتّامَ نرجوكَ الوصالَ وأنتَ في
مُحالٍ يُخبّي وجدَنا وَيُجاهرُ

28- يخفّفُ عنّا في انتظارِكَ أنّنا
رضِعْنا انتظارَ الوعدِ، والشوقُ قاهرُ

29. يقلّبُ أشكالَ الوجوهِ اصطِبارُنا
فوجهٌ عريقٌ في التّزلُّفِ غادرُ

30. ووجهٌ محبٌّ لم يضيّعْ سناءَهُ
وإن ركزَتْ في ضفّتيهِ المخاطرُ

31. وكلِّ عزاءِ الوجدِ أنّك قادمٌ
وأنَّ لأيّامِ المتاهاتِ آخرُ

32. وأنّكَ كفُّ اللهِ إن ترمِهِمْ رمى
وَليسَ لكفِّ اللهِ في الكونِ باترُ