بحث معمق ايران بلغت مبتغاها .ماذا عن تحرير فلسطين؟؟(٦)


ميخائيل عوض

ماذا بلغت ايران؟؟  وكيف حققت مبتغاها…؟؟
وماذا عن تحرير فلسطين؟؟ ومن يجب ان يتنكب المهمة؟؟
الخلاصات، ونتائج تجربة ايران الثورة، واولوياتها…
تجربة ٤٣ سنة على الثورة الاسلامية في ايران، شهدت اهم واخطر التحولات والتبدلات في توازنات القوى اقليميا وعالميا وفي العرب ومن بوابة الصراع العربي الصهيوني.  الصراع الذي رافق البشرية لقرن متصل ومازال مسالة محورية في الصراعات وفي تقرير التحولات وموازين القوى.
حققت ايران ما سعت اليه، بتمكن وباقتدار، وبتضحيات جسام، ناورت وفاوضت، وحاورت ولم تحد عن اهدافها قيد انملة، فأكدت انها امه تاريخية، حيوية، قادرة، وذكية.
ايران اليوم؛ دولة نووية تمكنت من العلوم ومن مفاتيحها، وحققت قفزات هائلة. واصبحت مالكة لأخطر واهم عنصر قوة يلجم الاعتداء عليها او مجرد التفكير بغزوها وتدميرها، وباتت اما تملك القنبلة النووية او على العتبة بانتظار القرار والفتوى او الحاجة.
حققت قفزات علمية مذهلة والاهم ان متوسط عمر خبرائها وعلمائها في شتى المجالات دون الاربعين سنة” امة شابه بعلمائها وفي مقتبل العمر”.
اصبحت ايضا دولة فضائية، والنووي والفضائي هي اعمدة حمل الامم الى العالمية والمكانة وحماية السيادة.
واصبحت مالكة لعلوم وخبرات صناعة السلاح واهمه، والاكثر دقة وتطورت الى مصاف الدول الاولى في انتاج السلاح الذكي والذكاء الصناعي ” المسيرات” والصواريخ الذكية والدقيقة جدا..
اكتسبت بقوتها ومثابرتها وصلابتها وحنكتها صفة الدولة الاقليمية الوازنة والمقررة في شؤون ومستقبل الاقليم، ولا ينقصها شيء لتصبح محورية في توازنات القوى العالمية بل اصبحت فيتسابق الغرب والشرق لاستعطافها وكسب ودها.
ايران فاوضت ولم تساوم او تستسلم، وقاتلت ولم تهزم او تنكسر، وصمدت ولم تقدم تنازلات جوهرية في سيادتها او في اهدافها البعيدة.
تعثرت وتأخرت ولم تتراجع عن مشروعها واهدافها.
اهتزت بنيتها الداخلية وتوازناتها ولم ترتبك بل ادارت لعبتها وتوازناتها الداخلية بهدوء وتمكن وذكاء.
بما تحقق لإيران يمكن القول انها فعلا وعمليا وبشواهد الواقع ذاته بلغت مبتغاها وانتزعت مكانتها ودورها بلا نقصان.
ولا يمكن لعقل سليم فاحص متحرر ومنهجي الا بلوغ الخلاصات الاتية؛
١- ايران بريئة من تهمة انها سعت وتسعى لتعميم التشيع، وخوض الحروب المذهبية والدينية لفرض شيعيتها، والادلة قاطعة بما ذكرنا وبواقعات علاقاتها المتينة مع اوراسيا ودول امريكا اللاتينية ومد يد العون والتفاعل برغم انها دول بأكثرياتها الساحقة ليست اسلامية، وايضا تتضح الحقيقة بعلاقتها المتوترة مع اذربيجان الشيعية بسبب التباينات السياسية والمصلحية وعلاقة اذربيجان مع اسرائيل الشيطان الاصغر.
٢- ايران بريئة من تهمة العدوان على العربية واستهداف العرب، وليس من واقعة واحدة تؤكد ما سيق لها من اتهامات جلها جاء من مستعربين وليسوا بعرب، ومن متآمرين على العرب والعروبة وشعوبها وقضيتها المركزية وقضاياها وحقوقها ففي العراق تورط المستعربون بتغطية وشراكة مع الغزات، بينما ايران لم تتورط وان هي لم تدافع عن نظام صدام انما استثمرت فرصتها وهذه من طبائع الامور ومن شؤن الحياء وقواعدها الناظمة .
٣-ايران بريئة من تهمة انها تستثمر بفلسطين وقضيتها لمجرد تحقيق غاياتها، فقد دفعت اثمان باهضه وهائلة لإعلائها شان القدس واستحضار فلسطين وتامين المقاومة بفصائلها وجمهورها. وقد رصدنا غالبية الساحات ودور ايران فيها وتثبتنا من ان قضية القدس وفلسطين والمقاومة كانت الاولوية والمحرك المحوري.
٥-لم يثبت بالوجه الشرعي او باي وجه، ان ايران انقلبت على فلسطين او على دول وفصائل المقاومة، وليس في الواقع ما يثبت انها استثمرت في محور المقاومة وساحاته وفصائله او ضحت بأفرقائه لتحقيق غاياتها او مصالحها الخاصة بعكس امريكا والغرب ودول الاستعراب، والاخوان المسلمين والوهابية ونظمها.
٦-لم يثبت ان ايران تخلفت عن نداء استغاثة، او توفير حاجات تستطيعها لتدعم دول وفصائل محور المقاومة بل بلغت تقديماتها الاطلسي وامريكا اللاتينية وجنوب افريقيا ولم تقم حسابا او تتصرف على اساس ديني او طائفي او مصلحة،  خاصة وذاتية على حساب الامم والشعوب الساعية للحرية ومواجهة قوى الاستبداد والظلم العالمي  بل تحملت اعباء ومسؤوليات وحصارات واعتداءات عليها لثنيها ولم تنثني.
اما بعد؛  فهل ايران وحدها المعنية بتحرير فلسطين؟؟ وهل المهمة واجبة على ايران وغير واجبة على العرب وعلى الفلسطينيين؟؟؟
عين الحق والصدق القول؛ ماحك جلدك مثل ظفرك فقم انت في جميع امرك.
وهذه هي حقيقة التجربة البشرية منذ الخلق الى يومنا.
وما العيب ان تمكنت ايران من بلوغ مبتغاها، وهي تفي بوعدها للقدس وفلسطين، وتقدم بلا حساب!!؟ وهل حقا كان يجب على ايران ان تفرط بفرصها وتعطل قدراتها والا تسعى لأهدافها ومبتغاها كرمال عيون ان اصحاب القضية وامتهم لم يسعوا الى التحرير وانشغلوا بعضهم ببعض وبتلبية حاجات امريكا والاطلسي واسرائيل واسهمت دولهم الوازنة والقادرة بالتآمر على فلسطين وقضبتها لتصفيتها، وعلى كل من ناصر فلسطين واستهدفت ايران لأنها حملت لوائها وشاركوا واستدعوا وامنوا الغزاة لبغداد وطرابلس وصنعاء ولبنان وغطوا الاعتداءات الاسرائيلية والحروب على غزة وشاركوا بتجويعها وحصارها ولم يدخروا جهدا لتفتيت سورية وتدميرها لأنها قلب العروبة وساعدها  وقبضتها لم تساوم او تخون ولا قبلت تنازلا عن فلسطين، وانخرطوا بحروب اسرائيل وامريكا على المقاومة ولبنان…
هل يجوز وضع عيوب العرب وازماتهم وخياناتهم في جعبة ايران وتحميلها مسؤولية ما الت اليه حالهم وايران بريئة من سياساتهم والتزاماتهم وتحالفاتهم وما بلغوا من درك وازمات..؟؟؟
ايران والحق يقال والشهادة لله؛  التزمت وعدها بفلسطين وسعت وعملت وقدمت ولم تبخل بغال او ثمين، ولأنها امة عبقرية، ومنشاة حضارات منذ قديم الازمان نجحت واجادت السير على خطين متكاملين؛ خط الوفاء للقدس وفلسطين والتزام قضيتها والسعي لتوفير شروط واسباب تحريرها. وخط البناء والتقدم والتمكن وبلوغ الاهداف والمبتغى.
وان تحققت الثانية قبل الاولى وفي ميدان وساحات النضال والحروب، فهذا يسجل لصالح ايران ولا ينفي انها جهدت وقدمت في مسار التحرير وتعظيم مكانة وقدرات محور المقاومة وحلفائه، وقد وضعتهم اينما كانوا اولوية على لائحتها بغض النظر عن الدين والطائفة والمذهب والعرق. .
ويسجل لإيران لا عليها وقيادتها انها ادركت باكرا والتزمت وعملت وعرفت ان من يتقرب من فلسطين ويلتزم قضيتها ويقاتل من اجلها ينشد الكمال والقمة والتقدم، ويتسلق سلم الرقي واحتلال المكانة بين الامم،  ففعلتها عن سبق تصور وتصميم وظفرت على عكس تركيا التي تاجرت وتعرت  وتتأزم، وعلى غير ما فعلته مصر وحكمت على دورها وعلى عربها بالتراجع والخذلان  والعجز، ولم تسير على دروب عرب النظم وجامعة المستعربين الذين تخلوا ولهثوا خلف سراب الوعود الأمريكية والاوهام فحصدوا الخيبة والازمات.
هل ايران وحدها ملزمة وملتزمة تحرير فلسطين وستبادر؟؟؟
من قال ان تحرير فلسطين مسؤولية ايران وحدها وانها يجب ان تبادر وتخوض الحرب التي تمنع عنها العرب واصحاب القضية ويتمنع عنها الفلسطينيون وفصائلهم..
الا يكفي ايران عزة وفخرا ان اسهمت نوعيا في توفير الشروط وانضاج الظروف لجعل قضية تحرير فلسطين من البحر الى النهر ممكنه وراهنة وبالمستطاع تحقيق المهمة الواجبة والتي استحق زمانها.
عين العقل والحكمة والمنطق  القول؛ ان ايران ليست ملزمة وليست مضطرة، وان اقدمت وفعلتها تكون قد تطوعت من ذات تلقائها ولحكمتها وعندها ستقطف قصب صناعة مستقبل الاقليم بمن فيه من عرب متخلفين ومترهلين ومنشغلين عن قضيتهم وحاجاتهم.
وان لم تبادر ولم تفعلها ايران فقد ادت قسطها للعلا وامنت نفسها ومحور المقاومة ووضعت قدراتها وماحققته بتصرف من سيتقدم لإنجاز مهمة التحرير التي باتت واجبة وتلح.
فمن الذي سيفعلها ويطلق الرصاصة ويزرع اخر المسامير في نعش اسرائيل ونعش السيطرة الغربية على العرب والاقليم الحاكم بالتوازنات الدولية…
فايران بعد ٤٣ سنة من الكفاح والتضحية  وقد توجتها بالإنجازات والانتصارات، تعبر من حقبة الثورة الى حقبة الدولة، ولكل حقبة سياسات ورجال واهداف وشعارات، وليس عيبا او مستبعدا ان تنشغل عن مهمة تحرير فلسطين، وان تتراجع اذرعها الى خطوط الدفاع، وتاليا ان تنتقل الى حقبة تشريع ما بلغته، والاهتمام بشؤنها وبتامين حاجات شعبها لتعظيم قدراته والوفاء لتضحياته وصموده، وعندها ليس من حق احد ان يعيرها او يتطاول عليها.
ايران في ما بلغته لنفسها وفيما اسهمت بتحقيقه للعرب وامم الاقليم وخاصة لفلسطين والقدس وتحريرها، حققت واشتقت معجزات مع فصائل محور المقاومة، سيان اكانت الدوافع تحقيق اهدافها ومبتغاها  او توفير شروط تحرير فلسطين وشطب اسرائيل وتفكيك قدرات حلفائها والزام امريكا بالتراجع والانسحابية من الاقليم.
فهاتان المهمتان التاريخيتان الثابت انهما متلازمتان ولا تتحقق واحدة دون الاخرى وقد ظفرت ايران بهما.
فمبروك لإيران ما حققت وما بلغت، ولفلسطين توفر شروط وظروف تحريرها والعاقبة على العرب ان هم فرطوا بالفرصة وضلوا في تخلفهم وفرقتهم وبيع كرامتهم واوطانهم، والتضحية بشعوبهم لصالح امريكا والاطلسي ولأهدافها الاستعمارية وسلب العرب حقوقهم ومقدراتهم ونهب ثرواتهم.
سنحاول الاجابة عن الاسئلة المفصلية  عن ايران ومستقبلها ومستقبل نظامها الاسلامي، وفي مسالة فلسطين ونضج شروط وظروف وبيئات تحريرها من البحر الى النهر، وعن من الذي يتوجب عليه حمل الراية والتقدم الى المهمة.

انتهى.

بيروت؛ ٢٧-٨-٢٠٢٢


 

شاهد أيضاً

مؤتمر في المعهد الفني الانطوني -الدكوانة عن العمارة الدينية في لبنان

بوعبود: “لا نفهم تاريخنا بدون ماضينا ولا تحفظ الأوطان بدون التضحيات” كتب مدير التحرير المسؤول …