لبنان تلفن عياش… آلو هون مخفر حبيش؟

تهمة سليم عياش بإغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كلفت الخزينة اللبنانية نحو مليار دولار وإنتظار أكثر من خمسة عشر عامًا

سؤال يُسأل، حتى ولو بدا للبعض أن فيه بعضًا من سذاجة، هل كان كل هذا الجهد الذي بذلته المحكمة الدولية على مدى سنوات يستأهل هذه النتيجة، التي إعتبرها البعض مخيّبة للآمال وغير منطقية، إذ لا يُعقل أن يكون منفذ جريمة بهذا الحجم فرد أحد، من دون أن يكون وراءه من يستطيع التخطيط والتنفيذ، وهي عملية معقدّة، من حيث إعداد العبوة الناسفة، وهي ليست كمّ أصبع ديناميت، ومن حيث التخطيط والمراقبة وتحديد ساعة الصفر، وصولًا إلى التنفيذ. 

هذا الحكم الذي نطقته الغرفة الأولى في المحكمة الدولية توجهّت به إلى الشعب اللبناني المعني الأول بهذه الجريمة، التي أطلق عليها صفة “جريمة العصر”، وهي كذلك بالفعل، وهو أي الشعب اللبناني، الذي كوته الحروب وقد أصبح، لكثرة التجارب، خبير متفجرات بالمعنى النظري، وهو قد هزّ بكتفيه إستهزاء عندما سمع منطوق هذا الحكم، الذي لا “يركب على قوس قزح“. 

كان حرّيًا على هذه المحكمة، التي كلفت الشعب اللبناني دم قلبه، أن تخترع قصة مغايرة عن قصة سليم عياش، وقد صورته وكأنه “رامبو” زمانه وأوانه، لأنه إستطاع لوحده أن يخطذط وينفذ جريمة من هذا النوع

كان حريًا على هذه المحكمة أن يرفع قضاتها سماعة الهاتف ويطلبوا مخفر حبيش ويسألوا المسؤولين فيه عن الجرائم اليومية التي يتمّ كشف مرتكبيها في أقل من 24 ساعة.  

لو كلفوا هؤلاء القضاة أنفسهم عناء السؤال لكان أتاهم الجواب على عكس ما كان عليه منطوق الحكم، الذي يُقال إنه غير نهائي، ولكن للتخفيف من وقع الصدمة، وحفاظًا على ما تبقى من ماء الوجه، من دون أن يعني ذلك أن هذه المحكمة دخلت في بارزارات سياسية وتسويات على الطريقة اللبنانية، لأنه لو كان ذلك صحيحًا، لا سمح الله، لقلنا إن رافضي تدويل التحقيق في إنفجار المرفأ كانوا على حقّ في رفضهم هذا التدويل لأن النتيجة ستكون هي نفسها، وسيكون كل الحق في مسببات هذا الإنفجار – الزلزال على كمّ موظف لا حول ولا قوة لهم

فلو كلفنا مخفرحبيش أو أي مخفر آخر من مخافر قوى الأمن الداخلي لكانت أتت النتيجة، على الأقل، كما جاءت على يد المحكمة الدولية، لكن الفرق أننا لم نكن مضطرّين لدفع كل هذه الأموال الطائلة، ولما كنا إنتظرنا كل هذا الوقت، ولما كان الذين كانوا يتمنون أن تأتي النتيجة على عكس ما جاءت عليه بنوا ما لديهم من “معطيات” فرضية بتورط  كل من النظام السوري وقيادة “حزب الله” ليبنى على الشيء مقتضاه في الإستثمار السياسي.

في هذه اللحظات الحرجة، حيث تتوالى التوقيفات في جريمة إنفجار المرفأ، لا يسعنا سوى القول أبعدوا السياسة عن العمل القضائي، وأتركوا المحقق العدلي القاضي فادي صوان يقوم بمهمته على أكمل وجه، وربما قد تأتي نتيجة التحقيق أفضل من تحقيق خمس عشرة سنة.

شاهد أيضاً

هل تنجح تركيا بإنقاذ نتنياهو حيث فشل الاخرون؟

ميخائيل عوض هزمت غزة في صناديق الانتخابات البلدية التركية حزب العدالة والتنمية هزيمة مذلة. ادت …