هذهِ الدولةُ… هلْ تستحقُّ ان تعيشَ؟

 

إلهام سعيد فريحة

مرَّةً جديدةً يغامرُ اللبنانيونَ اليائسونَ، او ربما يُقامرونَ بحياتهمْ هرباً من الجحيمِ، ويقرِّرونَ الهربَ بالبحرِ من شمالِ لبنانَ ليغرقَ زورقهمْ المنطلقُ بشكلٍ غيرِ شرعيٍّ من الشمالِ قبالةَ الشواطىءِ التركيةِ، وعلى متنهِ اكثرُ من مئةِ شخصٍ من طرابلس، تمكَّنتْ بعضُ زوارقِ احدى الدولِ الاوروبيةِ من إنقاذهمْ…
نفهمُ اسبابَ هؤلاءِ المقهورينَ ونتفهَّمُ محاولاتهمْ الهروبَ من اقدارهمْ، حتى ولو بالمخاطرةِ بحراً،
ولكنْ مَنْ يَصونُ هذهِ الحدودَ البحريةَ؟
وكيفَ تتمكنُ هذهِ الزوارقُ من الهربِ بمنْ فيها؟
ومنْ هي هذهِ المافيا التي تهرِّبُ الناسَ وتتركهمْ من دونِ ايِّ ضماناتٍ في عرضِ البحرِ، إذا لم تغرقْ الزوارقُ؟
وما هو دورُ الاجهزةِ الامنيةِ في ملاحقةِ هذهِ المافياتِ، او في ضبطِ الموانىءِ والشواطىءِ او مراقبةِ منْ يَنوونَ الهجرةَ بحراً، او منْ يُسهِّلونَ لقاءَ آلافِ الدولاراتِ هذا الموتَ الحتميَّ؟
كلُّ ذلكَ يجري وحتى الساعةِ لم يتمَّ سحبُ مفقودي زورقِ الموتِ الذي غرقَ في الربيعِ الماضي، ولمْ تُعرفْ نتائجُ التحقيقاتِ بشأنِ ما جرى…
هلْ هناكَ مصيرٌ ابشعُ من المصيرِ الذي نعيشهُ؟
لدرجةِ الغرقِ الى القعرِ، ولا منْ ينتشلُ، ولا من يرمي قاربَ نجاةٍ؟
***
قالوا لنا ان قاربَ النجاةِ هو صندوقُ النقدِ الدوليِّ، فإذا بالصندوقِ ينتظرُ منَّا تشريعاتٍ وقوانينَ على املِ الموافقةِ عليها،
وإلاَّ بالاموالِ المقسَّطةِ على طريقةِ الشحادةِ على ثلاثِ سنواتٍ ونصفٍ لنْ تأتيَ،
وهي بالكادِ تكفي ستةَ اشهرٍ لقمحٍ مدعومٍ، فماذا سنفعلُ بالثلاثةِ ملياراتِ دولارٍ؟
وهلْ يعقلُ ان نَعدمَ بلداً لقاءَ ثلاثةِ ملياراتِ دولارٍ قد لا تأتي؟
اليومَ كلُّ الآمالِ معقودةٌ على عائداتِ الغازِ بعدَ توقيعِ الترسيمِ، وتلزيمِ الشركاتِ، وتركيبِ المنصَّاتِ، وبدءِ الضخِّ وبدءِ التصديرِ…
عملياً… أليستْ هذهِ سنواتٌ لا تقلُّ عن خمسِ او ستِ سنواتٍ…؟
هلْ نصمدُ او نعيشُ من اليومِ وحتى خمسِ سنواتٍ؟
وماذا لو اطاحَ أيُّ توتُّرٍ داخليٍّ او اقليميٍّ بآمالنا؟
ماذا يحدثُ؟
نعيشُ معلَّقينَ بحبالِ الهواءِ وكأننا نشتري سمكاً في البحرِ من تجارٍ فاسدينَ ومصَّاصي دماءٍ..
***
دولةٌ يهربُ المساجينَ فيها في وضحِ النهارِ من قربِ قصرِ العدلِ،
دولةٌ يهربُ الناسُ فيها في عزِّ الليلِ بحراً،
دولةٌ يهربُ فيها المجرمونَ من الحسابِ،
دولةٌ اطفالها لا يشربونَ حليباً،
دولةٌ ابناؤها لا يحصلونَ على رغيفِ خبزٍ او حبةِ دواءٍ،
دولةٌ يعيشُ شعبها في العتمةِ…
هلْ تستحقُّ ان تعيشَ؟

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …