البارحة طالبنا بالقدس واليوم سنطالب بمكة !

*بقلم الأستاذ الدكتور حسام الدين خلاصي*

وبينما أشرب قهوتي في هذا الصباح ، والبرد يسكن معنا والكهرباء أضحى غيابها أمرا واقعا في حياتنا ، حاولت أن أقنع نفسي بتفهم الأسباب التي أوصلتنا لهذا الحد من التراجع الإقتصادي والدمار والخسائر البشرية منذ اندلاع ما سمي الربيع العربي ، ولكني وجدت وللمرة الأولى أنني أرفض كل التغسيرات المتداولة وأرفض أن أصدق أن الموضوع هو تغيير أنظمة واستبدالها بأخرى ، وتذكرت تاريخا طويلا من السياسات العالمية المكتوبة أو المحكية على الأقل منذ عهد رسول الله محمد ( ص ) والذي عبر السنين رسمنا له صورة نمطية مسالمة تلقفناها و أحببناها ولم نرفضها أو نناقشتها وقام الدين في معاملاته على أساسها ، وبلعنا بعدها تاريخ الأمويين والعباسيين وما تلاهم على أنهم سادة العالم وأنهم أسسوا لدولة الخلافة الإسلامية الزاهية ، و استمتعنا بالحضارة الأندلسية وبأبنيتها وقصورها وموسيقاها ، ثم أقنعنا بالخلافة العثمانية على أنها امتداد للخلافة الراشدة وأنها أنقذت شرف الأمة الإسلامية وساقتها 4 قرون .
وأن العرب والمسلمين نالوا تحررهم بعدها وتوزعوا بين فرنسي و ألماني و إيطالي وبريطاني ثم قاوموا واستقلوا ونالوا أوطانا رسمها على الخريطة كل من سايكس وصديقه بيكو ، وقبلنا هذا الواقع وصار لنا أعلام و نشائد وطنية وجيوش مستقلة وبتنا بعد تفرقة نبحث عن الوحدة .
لقد آمنا أن تلك الفترة كانت الأنسب لأن تزرع جرثومة الاحتلال الصهيوني في فلسطين والتي تكاثرت وانقسمت عدة انقسامات حيوية وصارت تسمي نفسها دولة  وأنه لولا تشرزمنا لما زرعوها.
وصار لزاما علينا أن نفكر بمقاومتها ، وبات كل قطر يقاومها بطريقته ظنا منه أنه مستقل بقراره لتحديد طريقة المقاومة .
إن الاسترسال في هذه الحكاية سيصيب القارىء بقدر كبير من الملل .
ولذلك رأيت أن هناك أسئلة كثيرة قد تثير غبار الاستنكار في ذهن القارىء العربي والمسلم والمسيحي لأنها قد تزعجه !
لماذا قتل العرب بعضهم ؟
لماذا قتل المسلمون بعضهم ؟
لماذا قتل المسلمون المسيحيين ؟
لماذا كنا ومازلنا أرضا يغزوها من يشاء ؟
لماذا توقف الشمال الأوربي عن الاقتتال ؟
لماذا تقتل أمريكا وإسرائيل من تشاء وكم تشاء وقتما تشاء ؟
أين كنا طيلة هذا الزمن ، وماذا كنا نفعل ؟
فليس قدر المقاومة  أن نخلقها في زمن الاحتلال أو العدوان  فقط ، لأنني كما أنتم عرفنا أمما ودولا شكلت جدارا مقاوما عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا استعدادا لعدوان افتراضي فالبشرية لن تتوقف عن طبيعتها في العدوان على بعضها .
لماذا أخفقت الأيدلوجيات القومية في جمع المتشابهين أو على الأقل لم تصمد طويلا أمام من هاجمها ؟
لماذا لم تفلح الأديان في جمع أنصارها ، وشتتهم إلى طوائف أو مذاهب فاقتتلوا ، بينما لم يظهر أي تأثير سلبي للأديان في الدول الغير عربية أو إسلامية مثال ذلك الشمال الأوربي .
الأسئلة الكثيرة قد تنهك القارىء أيضا لكنها تخزه كإبرة فيستفيق من الاستسلام للتكهنات الحالية المنتشرة والمرحلية التي قد تعمينا عن الطريق الذي يسير عليه أعداء العروبة والإسلام والمسيحية بل والإنسانية جمعاء .
بعد هذه التقدمة متأكد أنا من أن الحضارة التي تبنى على الأرض ترتكز على العلم والقوة والتحصن وراءهما وهذا ليس بخافي على أحد ولكن وحدها الدول الغاطسة في الأيديولوجيات المتحجرة وترى نفسها جزرا مستقلة وتعتبر أن قوتها الداخلية منفصلة عن قوتها الخارجية ولاترى أن القوى الداخلية يجب أن تسعى دائما للاتحاد مع القوى الداخلية لدول متشابهة معها في الهدف والسلوك .
ولتشكيل محور مقاومة للعولمة اللإنسانية متماسك وقوي يجب السعي لترك الإعتبارات القائمة على الأنا القطرية والانصهار في النحن واستنهاض القوى الفكرية الجديدة بين بلدان المحور المقاوم لصياغة نظرية مرحلية جديدة تخدم توجهات المواجهة .
إن التبعية الاقتصادية والانسياق وراء تطلعات صندوق النقد الدولي أفقر كل الدول الراضخة له وحدد لها سياساتها ؛ ولكن بالمقابل فإن المحور الإنساني المقاوم يتطور ببطء اقتصاديا وذلك لتفاوت درجات النمو بين أقطاره ولعدم خروج بعض هذه الأقطار من حالة التمسك بالقطرية التي فرضت عليه جيوسياسيا .
لقد دأبت الصهيونية العالمية حديثا على تملك مفاتيح الاقتصاد العالمي بذكاء وعلى إشغال العالم بكافة أنواع الحروب التقليدية والذكية والناعمة والاقتصادية والإرهابية وكان المحور الأساسي لهذه الموجة من الحروب هو القضية الفلسطينية والكيان الصهيوني الذي بات واضحا مدى قوته خارج الكيان في أرجاء العالم عبر شبكة تداخلات عالمية واستخباراتية متينة ،  إضافة لتمكين قوته الداخلية على حساب تفتيت القوى الفلسطينية اعتمادا على عملاء ووسطاء .
هذه الصهيونية نثرت الآن أمام العروبة والإسلام والمسيحية بيضة صفقة القرن و رقدت فوقها تنتظر ردود الأفعال من الرافضين وتوقعت مسبقا الرفض ممن سيرفضون والقبول من العملاء .
هذه الصهيونية نثرت الآن أمام العروبة والإسلام والمسيحية بيضة صفقة القرن و رقدت فوقها تنتظر ردود الأفعال من الرافضين وتوقعت مسبقا الرفض ممن سيرفضون والقبول من العملاء .
لقد تنادى العرب لتوحيد كلمتهم فبدأت كالعادة المؤتمرات والمسيرات والتظاهرات الرافضة ، أما المسلمون فيما عدا الجمهورية الإسلامية الإيرانية فهم في سبات عميق وكذلك المسيحيون فلا القدس قدسهم ولا فلسطين تعنيهم طبعا باستثناء الخطابات الخادعة والماكرة من  الإخوان المسلمين من زعامات تركيا و تونس و حركة حماس .
إن صفقة القرن منجزة وليست مؤجلة أو تنتظر موافقة أو رفض أحد
فكل الدول العربية وافقت على التطبيع ، حتى السودان الهش والمقسم انبطح وبدأ في تنفيذ دوره في تمليك الكيان الصهيوني ما تبقى من مجرى النيل .
وماهي إلا فترة من الزمن ليبدأ حج اليهود الصهاينة إلى أرض الحجاز ومكة ليخبروا محمدا ( ص ) هاقد عدنا يامحمد لنثأر لهزائمنا أمامك عندما تصديت لنا كمفسدين في الأرض وهزمتنا تحقيقا لكلمة الله .
هاقد عدنا يامحمد لننتقم لأجدادنا ونحتل شواطىء البحر الأحمر ونغتصب النيل كاملا ونبسط سيطرتنا في الارجاء ونهدم مابنيته من عدل .
نعم صفقة القرن ليست للقدس فقط
صفقة القرن أمامها مئة عام أي قرن كامل لتكتمل حوائجها ومازالت أهدافها التلمودية والتوراتية المبيته كثيرة ومكة المكرمة أول الأهداف الرئيسية .
والحل مهما تجاهلنا و ناورنا واستمهلنا سيكون بإعلان حرب الوجود على هذا الكيان الصهيوني مهما بلغ الثمن فهو أقل كلفة من ان ترى أن كل شيء يسرق ويهدم أمام أعين الجميع .
واليوم مع تشكل محور أعلن أن هدفه إخراج الولايات المتحدة الأمريكة من المنطقة أرى أنه الدرب الوحيد فكما يمكرون سنمكر والله خير الماكرين ..

 

أ. د. حسام الدين خلاصي
..
رئيس ومؤسس الأمانة العامة للثوابت الوطنية في سورية

شاهد أيضاً

البيسري استقبل الحشيمي وقصارجي ومحفوظ

  استقبل المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري ، في مكتبه في مقر …