المشاريع الأميركيّة للمنطقة هدفها أمن واستمرار “إسرائيل” جولة بايدن لإحياء “الشرق الأوسط الجديد – الكبير”.. ولبنان ساحة صراعه

كمال ذبيان

للولايات المتحدة الاميركية، على تعاقب اداراتها، والحزب الحاكم فيها سواء كان ديموقراطيا او جمهوريا، ومنذ مطلع القرن العشرين وتحديدا في الخمسينات منه، مشاريعها السياسية وخططها العسكرية وبرامجها الاقتصادية في الشرق الادنى والاوسط، ، وكان من اهدافها تأمين المصالح الاميركية، وكذلك ضمان امن واستمرار الكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين.

فمن مشروع الرئيس الاميركي دوايت ايزنهاور ضد التمدد الشيوعي منتصف الخمسينات، ثم مشاريع وزير الخارجية الاميركية الاسبق هنري كينسجر للحروب في المنطقة وتقسيمها وخلق وطن بديل للفلسطينيين في الاردن او توطينهم في اماكن نزوحهم، ولبنان كان واحدا من الدول التي استهدفها كيسنجر.

وتتالت المشاريع الاميركية، فنجح الرئيس جيمي كارتر بعقد معاهدة سلام بين الدولة العبرية والنظام المصري برئاسة انور السادات في العام 1977، ثم جاء بعده الرئيس رونالد ريغان بمشروعه التوسعي للسلام بضم انظمة عربية اخرى اليه، وكان لبنان مطروحا كدولة ثانية توقع السلام مع العدو الاسرائيلي، وكلفه ذلك اجتياحين في العام 1978 و1982، لكن المقاومة اسقطت المشروع “الاسرائيلي” – الاميركي، بإلغاء اتفاق 17 ايار في عهد امين الجميل.

 

ولم تتوقف المخططات الاميركية للمنطقة، فظهر مشروع الرئيس الاميركي جورج بوش الاب للسلام، بعد اخراج الجيش العراقي بقيادة صدام حسين من الكويت عام 1991، فانعقد مؤتمر مدريد للسلام، الذي افرز سلاما منفردا بين منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات ورئيس الحكومة “الاسرائيلية” اسحق رابين برعاية الرئيس الاميركي بيل كلينتون، فكان اتفاق اوسلو الذي لم يطبق كاملا، واسقطه “الاسرائيليون” من جانبهم بعد مقتل رابين عام 1994، على يد مستوطن يهودي متطرف كما ذكر، بعد عام على الاتفاق 1993.

والابرز في المشاريع الاميركية هو “الشرق الاوسط الجديد” الذي نظّر له رئيس الحكومة “الاسرائيلية” الاسبق شيمون بيريز في بداية تسعينات القرن الماضي والقائم على الاقتصاد، وتبناه الرئيس الاميركي جورج بوش الابن، ليتوسع الى “الشرق الاوسط الكبير”، تحت عنوان نشر الديموقراطية بالتشجيع على “الثورات الملونة ” التي ظهرت في بداية الالفية الثانية، وبدأت في اوكرانيا عام 2004 باسم “الثورة البرتقالية” لتصل الى “ثورة الارز” في لبنان عام 2005.

هذا “الشرق الاوسط الجديد والكبير” يهدف الى دمج الكيان الصهيوني في المنطقة، ويكون الاقتصاد الاساس الذي يبنى عليه، وحاول بوش الابن تجربته في لبنان عبر القرار 1559 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 2 ايلول 2004، والذي ركز على انسحاب القوات السورية ونزع سلاح حزب الله ورفض التمديد للرئيس اميل لحود برفض تعديل المادة 49 من الدستور، فكان اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث عمّت “الفوضى الخلاقة” التي هي من صلب مشروع بوش الابن، ونظّرت له وزيرة خارجيته كونداليزا رايس، فكان العدوان الاسرائيلي صيف 2006 قبل 16 عاماً وعلى مدى 33 يوما، ففشلت “اسرائيل” في تحقيق اهداف عدوانها، بضرب سلاح المقاومة لا سيما الصاروخي منه، وانهاء وجود حزب الله في لبنان، ومعه النفوذ الايراني بعد ان اخرج النظام السوري منه.

هذه المشاريع الاميركية، كان لبنان يتأثر بها، ويتحول الى ساحة صراع فيه وعليه، وهذا ما حصل في ما سمي بـ “ثورة 1958” في نهاية عهد الرئيس كميل شمعون الذي ارتبط بالمشروع الاميركي المسمى “ايزنهاور” او “حلف بغداد”، ثم كانت حربه الاهلية التي زرعت بذورها منذ العام 1969، لتنفجر في 13 نيسان 1975 وامتدت لمدة 15 عاما، تخللها غزوان “اسرائيليان” للبنان، ودخول الجيش السوري، وخروج منظمة التحرير الفلسطينية، وقدوم القوات المتعددة الجنسيات، ولم تتوقف الحرب اللبنانية الا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فانتفت الحرب الباردة، ووقوف سوريا الى جانب التحالف العسكري الذي قادته اميركا، لاخراج الجيش العراقي من الكويت عام 1991، والطلب الى سوريا رعاية تطبيق اتفاق الطائف الذي وقعه النواب اللبنانيون في السعودية التي رعته، فعرف لبنان استقرارا سياسياً ونمواً افتصادياً، مع وجود المقاومة وتحريرها الارض اللبنانية المحتلة من العدو الاسرائيلي.

ومع زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى الاراضي الفلسطينية المحتلة ولقائه مسؤولين “اسرائيليين” ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فانه يحمل مشروعاً لضمان امن “اسرائيل” ودمجها في المنطقة من خلال مشروع ما زال قائما وهو “الشرق الاوسط الجديد او الكبير”، تقوده الدولة العبرية، التي بدأت دول عربية تطبّع معها، حيث سيكون لهذا المشروع تداعياته على لبنان، الذي ما زال البعض في الداخل، يعرضه كدولة قابلة للسلام مع “اسرائيل” والانخراط في المشروع العربي، كما يروّج له مَن كانوا في 14 آذار، وفق مرجع حزبي مناهض لهذا المشروع، والداعي الى مقاومته، لان الحرب مع العدو الاسرائيلي هي حرب وجود وليست حرب حدود، ولا اختلاق عدو وهو ايران، وان مشاريع السلام التي قامت بين انظمة عربية والكيان الصهيوني، رأينا الى اين اوصلت هذه الدول الى الفقر والجوع وازمات مالية واقتصادية واجتماعية، وكان دليلها للسلام مع “اسرائيل”، هو تحوّلها الى دولة بحبوحة وازدهار، وما يحصل في مصر والاردن والسودان، تأكيد على ان الصلح مع “اسرائيل” يقويها ويضعف من يصالحها.

شاهد أيضاً

الفنان الفلسطيني سانت ليفانت يكشف عن أغنيته “قلبي ماني ناسي”

سانت ليفانت يقدم “قلبي ماني ناسي” بأسلوب موسيقي متنوع ومعقد رسالة عميقة ومؤثرة من خلال …