“سحر الشرق” في حوار الوضوح مع الأديب والإعلامي والناقد اللبناني العربي جهاد أيوب:

“نعيش متغيرات كلية ونحن على أبواب الحرب العالمية الثالثة”

# في داخلي كم كبير من الغضب وبراكين من صراخ والثورة لا لزوم لها

# صراخي يتبخر ويجب أن تسمع الأرض صراخ المطر

# نتناحر في الوديان وسلمنا الشرف لعدونا وانجبنا أبناء الخطيئة

# الأستاذ المتعصب سرقنا ورسم لنا دائرة كي نتصارع في داخلها

# حقدنا على بعضنا لا يصدق ونهمل الذئب ونتغنى بليلى

#”شو خصك” شريكة في ذبحنا و”الحياد” تحايل وانا لن أتجنى أو اتنحى

# اكتشفتني إمرأة لا تقرأ ولا تكتب ولا تعرف الزراعة لكنها مؤمنة

# أعيش في وطن الاهتزازات الحياتية وبين أمة تعشق التناحر في العتمة

#زعاماتنا تقارير مخابراتية للخارج ونحتاج محاكم شعبية

# اللبناني يتغرب 90 سنة وما أن يعود يتمسك بحقيبته الطائفية

# وجب محاربة المقاومة لكونها تؤجل حروبنا الهمجية

# تخلينا عن الوطن حينما هجرنا الصناعة والزراعة وارتضينا بتجارة المومس

# الإنسان المعاصر سقط في الخطيئة وافتعل الحرية ويبحث عن الحروب

# الغرب اعتاد الحرب والرخاء القاتل والشرق مفعول به وخمول

# الغرب يتجه إلى حرب عصابات وسرقات وما حدث في أوكرانيا قد يكون لصالحنا

# ما يحدث في لبنان بقرار أميركي ورغبة إسرائيلية وتمني عربي وبأيدي وفعل لبناني

# الرقابة الدينية والحزبية والطائفية تقضي على الإبداع

# حضاراتنا القديمة مجرد حجر أصم مرتعاً لأوساخ العصافير

حوار// زيزي ضاهر

تشعر وأنت تحاور الناقد والإعلامي الأديب جهاد أيوب، بأنه يمتلك الدنيا، أو عاش غالبية الأزمنة!

هو شفاف، بسيط، واضح، وعفوي، لدية ثقافة واسعة لا يفرضها فرضاً بطريقة مزعجة كما غيره، حريته ليست معجزة بل اكتسبها من ثقافته!
هو صدوق صادق، وتستطيع أن تصادقه دون أن يخونك، لذلك علاقاته واسعة من المحيط إلى الخليج، من سياسيين إلى مثقفين وفنانين دون أن يربك هذا أو ذاك رغم وضوح شخصيته ونقده ومواقفه…عليك أن تتقبله كما هو لا كما أنت ترغب، لكونه يضع النقاط على الحروف بذكاء وبتهذيب!

يعتز بكونه رافق شحرورة لبنان، واسطورة الشرق ونجمة النجوم، ومعشوقة الملايين صباح، دون أن نغفل عن صداقاته مع الكبار الكبار في الفن أهمهم الهرم وديع الصافي والأدبية ليلى عسيران!

ويُعتبر جهاد أيوب احد أهم اعلاميي لبنان والعالم العربي حيث ترك بصمته وابداعاته في كل نقد لعمل أدبي درامي مسرحي وفني بكافة أنواعه.

حواري هذه المرة ساخن جداً حول ما يجري من تجاذبات سياسية وفكرية على كافة الصعد مع الناقد الحر، والمحافظ على المبادئ رغم الصعاب في وطن تردى به كل شيء، وأمة تغيرت معالم أخلاقها ووجودها…أردت أن اقول له اصرخ يا جهاد أيوب، واخرج كل ما خفي، واكتب كلمتك كما عودتنا ولو على حد السيف.

وكانت فكرة ان أجري معه الحوار كي يعرف محبي ومتابعي جهاد أيوب الحقيقي الطيب، المكافح المتواضع رغم النجاح الذي عرفه ك إعلامي رافق المشاهير وأبى إلا أن يكون في القمة رغم هذا التنافس غير الشريف في عالم الأدب والإعلام والثقافة، هو حاضر دائماً، ولقد أثبت بموهبته بجدارة الحضور المختلف والمميز، وكان في المقدمة دائماً، وهنا حوار ” سحر الشرق” بمسؤولية لنتعرف على آخر نتاجاته الأدبية وخاصة رأيه بما يجري على الساحة الدولية، وكان هذا الحوار الذهبي في زمن أعوج:

▪البداية

• بداية قبل أي سؤال هل جهاد أيوب يرغب بالصراخ؟

– نعم أرغب بالصراخ…في داخلي كم كبير من الغضب، وداخل الغضب براكين من صراخ، ولكن رغم ذلك لا يوجد ثورة، فالثورات لم تعد تنفع في بلادنا لسهولة سرقتها، استطاع العم سام أن يُصنعها من خلال “الهامبرغر” وأفلام الكرتون، وتسويق ثقافة الاستحمار، وتبسيط القرار إلى حد افتعال الجريمة دون عقاب!

بلادنا أصبحت تعيش الجهل بإدعاء، والمتعلم فيها أمي لا يعرف فك حرف الحياة، والأمي يصل إلى مراكز القيادة، ويفرض شروطه، ويصنع ثقافة الوطن، وثقافته غبار، وغباره قاتل!

ارغب أن يخرج صراخي الغاضب خارج الشكوى إلى الماء، والشمس تُبخر الماء، ويصعد إلى السماء حيث غضب الغيوم فيتساقط الماء الغاضب بغزارة بعد صراخ الرعد وحنين البرق القاتل…يجب أن تسمع الأرض صراخ المطر لا أن تعتاد سقوطه وتتخدر!

 

• سوف أترك لك مساحة تقول فيها كل ما غاب عني، كل ما يؤلمك، وكل ما تريد قوله، ليرى المتابع متاعب ومعاناة جهاد أيوب، وكل مواطن يعاني هذا التردي الحاصل على كل الأصعدة..

– شكراً لثقتك…كل ما أقوله هو نحن، وكل نحن هو أنا، والغريب أننا أصبحنا ندعي المعرفة، ولا يغيب عنا واقع الحال بحيث نعرف كل الأمور، لقد سكنا الإدعاء، وبدوره عاشرنا حتى انجبنا أبناء الخطيئة!
نحن اليوم في وديان الجهل نتناحر، قبائل تغزوا بعضها دون قوانين العفة والكبرياء، سلمنا الشرف لعدونا بإرادتنا، وخنا الفضيلة مع كذبة الحرية، والنتيجة متعة مؤقته، يذهب بريقها بعد الاغتسال من الفعل الحرام!

نحن أمة أصبحت أمم، وكل فرد فيها هو أمة، كم أحببت أن يسجن الكون بفرد وبفردي، ولكن غياب الحكمة والأخلاق جعلت منا خواء بملابس أنيقة، وشاشات ترقص على الدم، ونقود الطائرة بعقلية الهمج!

 

• كأنك تلغي الذات، وتتجنى ؟

– وأين هي ذواتنا؟…وهل نحن من نكتشف ذواتنا؟…عشنا ننتظر غيرنا يفكر عنا، يخترع عنا، يصنع الدواء عنا، حتى طريقة ممارسة الجنس علمنا، وكيف نأكل أيضاً علمنا هذبنا، وهذا الذي اتكلنا عليه يعيش العنصرية والشذوذ والفوقية والتعصب، لكنه عرف اسرارنا وخيرات ارضنا وعصبيتنا وطائفيتنا، فاستغل حمرنتنا، وحدد شعار مشوارنا، ونصب قائدنا، ورسم دائرة كي نتصارع فيها دون أن نزعجه…وهذا ما حصل!

القصيدة خاوية رغم ما نعانية، لذلك لم يعد الشعر ديواننا فتاه صوت الشرف في نفايات تصرفاتنا !

العلم ليس مطلباً بل وسيلة من أجل وظيفة لا علاقة لها بما تعلمناه، لذلك فقدنا المستقبل!

المثقف المؤمن بالإنسان مجرد كتاب في مكتبة للديكور داخل صورة عبيطة!

نصنع الكتب ولا نقرأها، وننفذ الأفلام التي تمول من الغرب بشروط جنسية ولا أخلاقية وفضائحية فنساهم بتخدير الشباب، ونكون شركاء مع من يسرق بلادنا دون أن نحصل على حصة من السرقة!
المسرح ضاع في مربع مهجور لكثرة التنظير والغرور!

نتغنى بإشعال الحروب العبثية الدامية فيما بيننا، ونفتح افواهنا لتزوير الحقائق دون كلل بعداء وحقد لا يصدق، وكأننا من كوكب مختلف، وحينما نشرح النتيجة التي بالتأكيد كلنا الخاسر في نهايتها، نعزل، نشيطن، نُغتصب، نُغتال ونحن في القبر!

كتبنا الدينية طائفية تلغي وحدة الدين، ودائماً نشرح النتيجة ونعمل السبب والمسبب، ودائماً نتعاطف مع ليلى ولا ندري لماذا فعل الذئب ذلك، لا بل لا نسمعه ونهمله…ودائماُ نبرر الخطأ والخسارة!
فنوننا بكل فصولها تستسهل الدعارة، تلغي الاسرة، ترفض الحب، وتفقده العذرية، ولا تشبهنا إلا بواقع الجريمة بعد حصولها، ولا تتعامل مع قضايانا بحكمة وبواقعية، بل هي أبواق لإشعال جريمة في منازلنا، وإلغاء الإنسان فينا بحجة الحرية الشخصية رغم الأموال الهائلة التي تصرف عليها !

الجاهل في بلادنا شريك في السلطة، والمثقف هو منتوف الوجود والحياة ويومه كأبة طعامه المفقود!
كل هذا واتهم بالتجني…انا يا سيدتي لا استطيع التنحي ولا التجني…!

• ولماذا تحمل جهاد كل هذا العناء، صحيح نعيش ما تفضلت، ولكن قد يخرج من يقول لك:” شو خصك”؟

– هذه ” شو خصك” شريكة في ذبحنا، في ذبح ذاتنا لذواتنا، هذه زَرعت “اللا مبالاة،” وأصبحنا نتسلى بمصائب جارنا حتى تصل المصيبة إلينا ونحن تحت دوش الحمام من غير ماء، والماء مقطوعة ونحن لا نعلم!
هذا انا بكل هذا التناقض، لذلك خصني ونص!

¤أنت وأنا

جهاد أيوب… كلمني عن نفسك، بداياتك، كيف بدأت مسيرتك الإعلامية، وهل أخذت حقك إعلامياً عبر خدمتك له بكل أمانة، عبر تاريخك الجميل المشرف، وماذا أعطاك لبنان والعرب مقابل هذا العطاء الكبير؟

– سؤال مهم، ويتطلب لقاء طويل، ولا أدري إذا وجد من سيقرأ، وأدبياً وجب أن أجيب.

انا إنسان عادي يعيش في وطن التضاد، في أمة تاريخها يكتب لها، مع مجموعات تتغنى بالشمس وتعيش العتمة، وتفاخر بالتسامح وهي متناحرة!

إكتشفتني إمرأة رماها الرحمن كي نتعلم منها، لا تعرف القراءة لكنها تقرأ الحياة جيداً، ولا تعرف الكتابة، لكنها كتبت فينا ما يعجز عن كتابته القلم، ليست فلاحة وأشجارها مثمرة، وليست مدعية دين، لكنها مؤمنة تخاف الله، وليست مدرسة بل هي ناظرة كي نكبر، وليست منظرة بل هي جامعة، بل حددت المشوار بإبتسامة وببساطة…إنها أمي التي حفرت بداخلي كل هذا، وميزت موهبتي، وشجعتني!
من هنا أنا ما هو عليه، ولم يعد يهمني إن أخذت حقي من هذا أو ذاك، المهم أنا مؤمن بما أنا، ولم أغدر، اظلم افتعل الخيانة، ولم اغادر حيث وجب أن أكون، بل أقول كلمتي وارمي الحجة والسلام، والباقي على رب العالمين…دوري أن لا اصمت، وايضاً أن لا ازعج واتطاول على غيري ومن انتقده، اعرف حدودي وسلاحي وقيمة أفكاري…لا أبوح بأسرار من أمنني، ولا اهدم البيوت العامرة، ولا زلت اعتبر الإنسان هو أشرف الخلق، وأن بيوت العرب بيتي حتى لو منعت من زيارة بلاد العرب…وإذا سافرت تغربت لا اخاف الخواجة وأنا بالأصل أهل الخواجة، ولا أتعقد من الجديد، ادرسه واجالسه واشاركه المشوار بشرط أن يعرف الموروث ويطوره لا أن يهمله…هذا انا…

¤ لبنان

• كيف ترى واقع لبنان الآن، وما يجري من سباق في التسلح الخفي عبر زج دول في حروب ليست لها من أجل أطماع سياسية في هذه الأيام؟

– كل عمره لبنان هكذا، شعوبه عشوائية المواطنة، والمواطن فيه مسكون بالهمجية الطائفية، والطوائف تنتظر بعضها حتى تتقاتل، وقتالنا من غير هدف!

الشعوب اللبنانية رحيمة على عدو بلدها، واشداء فيما بينها، لذلك لبنان الأرض أهم من شعوبه، وشعوبه تتسول التحضر، وتدعي الحضارة…لا قيمة لحضارة لا إنسان فيها، وكل حضارة غزت العالم غابت شمسها، وبقي منها حجارة متهالكة صماء مرتعاً لأوساخ العصافير!

من هنا لا عجب إن تكررت مذابحنا، أما حروبنا فهي ضوضاء لم يعد لها قيمة…قيمة لبنان في نجاح الفرد خارجه، وما أن يعود إليه يصبح من العصر الحجري، تصوري اللبناني يعيش 90 سنة في بلاد الغرب، وما أن يعود إلى لبنان يجلب معه حقيبة عنصريته وطائفيته، ويعاود تحديد المواطنية والمواطن، وكأن كل غربته ودراساته وعلومه ونجاحاته تختزل بجلب المال وكأس عرق وغبار الحضور والتقوقع!
فقط بزغ في لبنان فجر المقاومة، وانتصرت على من اغتصب أرض لبنان والعرب، لذلك هي من تؤجل حروبنا الجاهلية الداخلية، ولذلك وجب محاربتها!

 

• ما رأيك فيما يجري من تجاذبات سياسية عبر إلهاء لبنان بصراعات داخلية في حين يتم سرقة خيرات لبنان من البحر أمام ناظر كل لبناني يحلم بالعيش الكريم، وما دور الأحزاب التي تؤمن بالحق باعتبارها المناضلة عن الحقوق المسروقة، كيف تصمت أمام كل ما يجري بعد أن صرعونا ب نداءات الوطن والحقوق المكتسبة شرعاً للشعوب المنهوبة، والحقيقة العدو في البحر يسرق خيراتنا حيث لا رادع له؟

– نعم هذا موجز ما يحصل في لبنان، لبنان مرتعاً للعملاء، لبنان يحمي من يخون لبنان، لبنان الذي لم يتوافق على شيئ منذ النشأة إلى اليوم، لبنان يعيش تخمة الفساد، واتهام من يقاوم من أجل لبنان…إن كل أنواع الحروب خيضت في لبنان وصولاً إلى الحروب الاقتصادية التي نعيشها، وسببها وجود من يؤمن بالمقاومة وبلبنان وطن الجميع والنهائي، ما يحدث مفتعل، وللأسف بقرار أميركي، ورغبة إسرائيلية، وتمني عرب أميركا، وبأيدي لبنانية، ومساهمة لبنانية!
إسرائيل تحتاج إلى شهور كي تستخرج نفطها، ولبنان يحتاج إلى عشر سنوات، وكل ساسته شركاء بهذه الخيانة من يعلم ومن يدعي بأنه لا يعلم…أما أحزاب لبنان فنخرها الفساد والتنظير وسوء الفكر وتجديد والصراعات فيما داخل كل حزب!

قد تكون الحرب الروسية الأوكرانية اوقعت الخير علينا، ولصالحنا، لآن الغرب اليوم يحتاج نفط فلسطين المحتلة ولبنان المنقسم والفوضى، وهذا يجبرهم بالموافقة لو بعد حين على استخراج نفطنا، ولكن إذا قررت المقاومة أن تدافع عن حقوقنا البحرية، أما لبنان الدولة فهو في غيبوبة الموت القريب!

 

• وهل هناك أمل في استعادة أموال المودعين، وما رأيك فيما يجري بحق حاكم مصرف لبنان، ومن وراء سرقة أموالنا وتجويعنا؟

– أميركا هي الحاكم الفعلي لجميع مصارف لبنان وجمعيتهم، وما يقوم به حاكم مصرف لبنان يدل على إنه من موظفي الخزانة الأميركية، ولن يستعيد المودع اللبناني أمواله لآنها سرقت، وأصبح الجزء الكبير منها في الخزانة الأميركية، والجزء الباقي في جيوب زعامات لبنانية شريكة المصارف في السرقة، وأموالها في المصارف الغربية ومكشوفة ومعروفة!

 

• كان لبنان فيما مضى يرسم احلامنا، اليوم أصبحنا نحن نرسم أحلامه، ونشكل الأمكنة بحيث نستطيع العيش ضمنها، مالذي طرأ على مساحة عيشنا اليوم ؟

– جميل هذا الذي قلتيه، وحقيقي، ولكن لبنان الماضي ليس حقيقة وطن، بل مزرعة صغيرة كبرت صدفة، والتناحر وجد مع وجود الاستعمار، اليوم الأمكنة تغيرت، منها تماسك من دون خطة عمل، ومنها تتلاشى مع الهجرة، ومنها تتعذب لكون ساكنها مسكون بالغرور والعنصرية!

حتى لا أطيل الشرح أنا ادعو المسيحيين بالأخص والمسلمين الانطواء تحت لواء المقاومة…مقاومة العدو الصهيوني حتى نستخرج حدودنا وخيرات ارضنا، ومقاومة الفساد حتى نصنع دولة، ومقاومة الطائفية حتى نصنع وطن، ومقاومة العنصرية المغروزة فينا حتى نعاود اكتشاف الإنسان اللبناني الطموح ابن طائر الفينيق…الفينيق ليس كذبة واختراع، بل جربناه كل هذا الكم من العذاب والدمار وحروب العدو علينا، ومع كل عام…صدقوني هذه البقعة الصغير على كوكب الأرض واسمها لبنان تختلف عن كل العالم، هي السحر، ولكن شعوبه جعلوا السحر ينقلب على الساحر، اسألوا العلماء يقولون لكم ما هو الضغط الجاذب الموجود فوق

بيروت وكل لبنان…نحن وطن عجيب، وشعوبه عجائبية، ولن تقوم لنا قائمة إلا إذا توحدنا، واليوم وجب أن نتوحد خلف المقاومة…

 

ما مدى التأثر على لبنان بكل ما يجري من صراعات دولية ومن حوله خاصة مشروع صناعة عالم جديد ذات طابع سيادي مختلف عما سبق، وهل تحبذ فكرة دخول لبنان في هذا الصراع المخيف بكل تقلباته السياسية؟

– كذبة “الحياد” تحايل وجودي على لبنان، الغاية منها انتصار طائفة على غيرها حينما تُسمح لها الفرصة، لذلك هي صناعة ناجمة عن حقد أو عن فشل، لكنها ليست عفوية!

لبنان جزء من محيطه، ومن الطبيعي أن يتأثر، ويؤثر إن اتحد، نحن ينقصنا التربية الوطنية، والمواطنة، وأخلاقية المواطن، والإيمان بالله وبالإنسان، واكتشاف لبنان قبل كل شيئ…تصوري صناع كذبة الحياد مع الغرب ضد أي مشرقي، ومع من لديه المال ضد إبن وطنه، ومع الفاسد لآنه من طائفته…للأسف جعلوا من حضور لبنان كذبة، ورخاوة مخاطية!

لا توجد لدينا حصانة وطنية، ولا اقتصادية ولا ثقافية فكيف لا نتأثر بكل مجريات العالم، مشكلتنا نكذب الكذبة ونصدقها، ولا نؤمن بالفرد فينا، ونصر على أن ضعفنا قوة!

الضعف يصبح قوة إن وجدت الكرامة، وإن مارسنا فيما بيننا أخلاقيات العيش المشترك لا أن نكون تقارير مخابراتية للخارج!

ما هي مشاريع السياسيين في لبنان، وإلى أي مدى يطورون أزماته، ومدى ارتباطهم بالخارج؟

– أرادت الزعامات الطائفية أن تكون مزروعة في لبنان وليست من لبنان بالمفهوم الوطني، ومن قبل كذبة استقلال لبنان والخيانة هي التي تحرك زعامات على بعضها…

ُيعتقد، وللأسف أن هذا الفعل يصلح لهذا العصر، ولهذه الظروف، وهذا خطأ وجودي وتقني، ولن أقول أن الشعوب اللبنانية تغيرت، وأصبحت واعية لا سمح الله، بل الظروف الراهنة هي التي عرت الزعامات والشعوب اللبنانية، وقد يصاب لبنان بلوثة التغيير مع مرور الوقت، ولكن حالياً صعبة إلا إذا خرج من بين كل هذا الحقد اللبنانية جماعة وزعامة تؤمن بالعدل وبالعدالة، وتبدأ بمحاكمات شعبية تلغي الطائفية، وتأخذ سيف العدالة، وتنطلق بمحاكمة الزعامات الفاسدة وتاريخها ورجال الدين الطائفية!

الساحة الفنية 


• هل ما يجري على الساحة الدولية سوف يؤثر على لبنان كونه وجد ساحة تغيير لكل سياسي ينفذ أجندة خارجية؟

– بالتأكيد، لآن الأرضية اللبنانية غير صالحة لغير الخراب، وتاريخياً لبنان بلد الاهتزازات الحياتية، وليس مستقراً ومقراً للحياة الهادئة…لبنان اليوم بعد أن تنحت الدولة عن دورها، هو مجموعات تعيش في زوايا الوطن، وكل مجموعة تعتقد بإنها دولة عظمى…لا تقوم قيامة لبنان إلا بوحدة الفرد فيه، وإلغاء الطائفية، وتحجيم دور رجال الطوائف، ومحاسبة الفاسد، وتعليم الأخلاق، والفن وما صنعته صباح و وديع الصافي والأخوين رحباني وشوش وبعض أهل الثقافة والفن في مناهجه التربوية من الابتدائي إلى الثانوي…بذلك تصنع وطن غير متفلت، ونبعد الجريمة عن مجتمعات حاقدة على حالها!

اللبناني غير عابىء بهذا الوطن الجميل الحزين الذي قاسى ويلات الحرب الأهلية والصراعات الدولية، وكأن لبنان ساحة ونقطة تبدا به ومنه مع إنه ينتظر كل تغيير خارجي!

نعم نحن نعيش في كوكب واحد، ونستطيع أن نكون مختلفين من خلال العلم والثقافة والإنسان إن فهمنا الحرية، والله، وتخلينا عن عنصريتنا، وأمنا أن الحياة تستوعب الجميع خارج أنا أو لا أحد!

 

• كيف أثرت حرب أوكرانيا على العالم أجمع، ومدى تبعاتها على لبنان؟

– نعم أثرت هذه الحرب على لبنان، وعلى كل الدول خاصة الدول الغربية، والمصيبة أن البعض يعتبر لبنان مناخه غربي الهوى والانتماء…شيئ مضحك ومبكي معاً!

نحن في لبنان تخلينا عن الصناعة التي تكفينا، وجعلنا ارضنا جرداء رغم أن لبنان يعوم على الماء، وأصبح كل اقتصادنا سرقات وتجارة مارقة، ارتضينا بتجارة التسول والمومس فمن الطبيعي أن نخسر مع اي عاصفة خارجية، والرد السلبي سيصيبنا دائماً بسبب هشاشة البلد اجتماعياً واقتصادياً!

الحرب في اوكرانية أرادها الغرب حرباً على روسيا والشرق، ولكن حتى الأن انعكست سلباً على عيشة الغربي الذي لم يعتاد الجوع وحرمانه من الرفاهية، وها هو يعاني مثل معاناتنا التي تعودناها ونعيشها بإدمان وهو ليس كذلك، وهذا سيزيد الصراع داخل المجتمع الغربي، وقد نشهد حرب عصابات وسرقات، وظهور مجموعات متطرفة في أكثر من دولة أوروبية خلال فصل الشتاء!

أوكرانيا من أجمل بلاد العالم، استغلت أميركا طيب أهلها، وخيرات أرضها، وجعلتها قوة ضد الوجود الروسي مع إنها قطعة منها، وبنيت مصانع جرثومية ضد البشرية فيها، وها هي دمرتها وتبيعها السلاح الأميركي وتتفرج على شتات أهلها مع لسان إعلامي عنصري بغيض، كشف حقيقة الغرب تجاه العالم!

¤الزائفة والإعلام

• ما رأيك في البيروقراطية الزائفة التي يتكلم بها البعض، هل حددت البنى والهياكل التي يقوم عليها أي نظام، وهل تم العمل بها ام هي مجرد تسمية يدعيها المسؤولين كي يحافظوا على ترتيبهم السياسي والطبقي؟

– سألتم وبذات الوقت اجبتم، واجابتكم في مكانها…اوافق ما تفضلتم، وازيد أن الإنسان المعاصر

سقط في الخطيئة، ونام في شخصنة افعاله، وافتعل الحرية والديمقراطية والاشتراكية بالبيروقراطية، وأصر أن تكون أفعاله كذباً وزوراً حتى تغنى بفرضها دون ممارسة فأشعل حروبه في حب مكاسبه ليس أكثر وحتى لو امتلأت الدنيا بالدماء…الغرب اعتاد الحرب المجرمة ومن ثم الرخاء القاتل، والشرق اعتاد ان يكون المفعول به والخامل في إكتشاف ذاته، والمُنظر في ثرثرات دون فعل، ولبنان كل هذا التضاد الذي ذكرته، لذلك تجد من يقول لبنان غلطة، وأنا أقول لبنان هو الدرس!

¤ الرقابة

• هل للرقابة دور مهم في الإعلامي، خاصة بعد تردي مستوى الأدب والثقافة، وما إذا كان هناك قيود على البعض خوفاً من الفتنة الطائفية التي أثقلت كاهل اللبنانيين؟

– الرقابة تكون أخلاقية لا طائفية ولا دينية ولا حزبية، وليست فقط في الإعلام بل في كل المجالات، والرقابة الدينية والطائفية والحزبية تقضي على الابداع، ولكن الرقابة الأخلاقية هي التي تنير الابداع، وتفرضه للنقاش، وهذا ما أنا عليه، وأمارسه بكل شفافية ووضوح، ولا يضرها الإلتزام !

لبنان الإبداع انتهى إلا إذا الرحمن غير بشعوبه، والعرب يعيشون خلسة الحياة، والعالم من غير ذاكرة، لكونه اعتمد على السوشال ميديا، وهذه بسهولة تزور، ويُلعب بها، نحن نستسهل المعلومة، ولا نقوم بالبحث، لذلك السوشال ميديا اليوم صنعت الخمول، وقامت بتشتيت الحقيقة، وأكثرت من أهل الادعاء، واصابت العالم بفوضى المعلومة!

وهل أنت ضدها؟

– أنا ضد طريقة فرضها، وحماقة استخدامها، ولكن مع علومها، واكتشافاتها.

 

• ما مدى دور الإعلام في نقل الواقع الذي نعيشه على كافة الميادين، وهل نجح الإعلام في نقل الحقيقة بكافة جوانبها، ام أن هناك أسباب اخرى ادت الى تغيير المشهد السياسي والثقافي خدمة لجهة معينة؟

– لم ينجح الإعلام في نقل الحقيقة، بل نجح في تزوير الحقيقة في كافة الميادين، وأثر على كل المجتمعات التي أصبحت مجرد متلقية تشبة الألات المعدنية، وبذلك نعيش اليوم تغيرات سياسية ودينية وثقافية ألغت مفاهيم اجتماعية كثيرة، وهذا يجعلنا على أبواب الحرب العالمية الثالثة!

 

• اعتذر أتعبتك …جهاد أيوب الإنسان الذي أفنى عمره من أجل إحياء الكلمة الحرة، ماذا يقول لمتابعيه ومحبيه في كل مكان، وهل أنت راضي عما وصلت إليه أم أنه هناك حلم ما زال يراودك؟

– لم اتعب من حوارك شاعرتنا العزيزة، بل فرحت بالخوض وبصراخي…انا سعيد بما أنا عليه، ويكفيني التصالح مع الشمس رغم شجاري من وقت إلى وقت مع حالي، ومحبتب للنجوم في الليل، والنوم على وسادة لا ظلم فيها، ولم أكذب عليها، ولم اتجمل من أجل وظيفة…انا عشت حتى الآن أنا، اكتب وارسم وانتقد، وها أنا أنجزت أكثر من ديوان بإسلوب معاصرة وأكثر من رواية تحت الطبع…أما الأحلام فهي منذ زمن كانت معلقة، واليوم سُرقت، وأحلم بكل يوم بيومه….

حاورته زيزي ضاهر

شاهد أيضاً

التلاقي والتواصل يزور قناة الوعي الشيرازي

  قدم رئيس حركة التلاقي والتواصل الاستاذ مهدي حرقوص ، شرحا وافيا عن تطلعات الحركة …