رئيس جمعية تجار عاليه، سمير شهيب: “العصا لمن عصا”..

حوار رانية الاحمدية

الموسم السياحي يلزمه الكثير من المقومات الغائبة عنها الدولة..

 

بلدا تعمّه التجاوزات، إعتاد مواطنوه الفوضى حتى أصبحت جزءاً من عاداتهم وتقاليدهم..
بلدا سقطت فيه كل المحاذير حتى بات أبناؤه لا يؤمنون بسلطاتهم، فمن المنظار القريب وعند التطلع إلى حلبة الصراع والمناورات المتشتتة ما بين الفرقاء، والدعم المتعثر ما بين الحلفاء في ميدان السلطة، يتراءى للمواطن اللبناني وبشكل ملموس إحتجاب كل الملفات تحت التصدعات السياسية على الساحة المحلية، وأهمها الملفين السياحي والإقتصادي اللذين ينعشا البلد ويعيدا إليه حيويته وثقة مواطنيه فيه أولاً وثقة العالم به ثانياً.

الحديث عن الأزمة الإقتصادية اللبنانية التي تندرج في أبحاث مطوّلة متخطية جدار الخطورة، بتهجير القوى المنتجة والكفوءة، أو تهميشها، أو تركها عاطلة عن العمل تتخبط بإحباطها في ظل الغلاء المعيشي المستمر مع تدني الرواتب والأجور والإرتفاع الجنوني وبشكل يومي للدولار مقابل الليرة اللبنانية، حتى بات المواطن اللبناني يرزح تحت خط العوز والفقر والجوع بكل ما لهذه الكلمات من معنى، ناهيك عن الإقفالات المتكررة لأهم الشركات والمحال التجارية الكبيرة كما الصغيرة، وكل ذلك في ظل دولة مفلسة ليس مادياً فقط، بل حتى أنها أفلست من الحلول التي قد تنتشل هذا البلد، أو أنها إدّعت الإفلاس وكأنها تعيش في زمن غير زمنها، وسياسة البنك المركزي التي تخطت كل المحظورات وإقتربت خزينته من شفير الهاوية هذا إذا ما كانت قد وقعت فيها، أمّا المصارف فحدّث ولا حرج عن نهبها لأموال المودعين «عينك عينك» دون أن يرف لها جفنا.

كل هذه الأمور وغيرها سنبقى نتحدث فيها إلى أن يفيق المسؤولين في هذا البلد من غيبوبتهم ويعودوا إلى سلك الطريق الصحيح من أجل إنقاذ لبنان وشعبه..

ولأننا على أبواب تشكيل حكومة جديدة بعد الإستحقاق الإنتخابي وإنتخاب رئاسة مجلس النواب اللذين لم يغيرا شيئاً ولم يتغيرا حتى، ولأنه لدينا كامل الثقة في قراءاته الإقتصادية والسياحية والسياسية كان لا بدّ لنا من إستضافته عبر “موقع مجلة كواليس”، لنتعرف إلى ما تشهده الساحة السياسية اليوم، وإلى الموسم السياحي في ظل الوضع الإقتصادي المتدهور ووضع التجارة وتجار لبنان وفي عاليه خصوصاً .

 

جمعية تجار عاليه تتخبط بمشاكلها كباقي جمعيات لبنان.

 

إنه رئيس جمعية تجار عاليه سمير شهيب الذي يعمل ليل نهار كخلية نحل من أجل دعم تجار المنطقة وحمايتهم.

وهذا أبرز ما جاء في الحوار.

*فضلا عن براعتك في التجارة ووضع الخطط التي تعطي الأمل حتى ولو عرقل تنفيذها في مكان ما، إلا أن قراءاتك السياسية والإقتصادية صائبة، كيف ترى لبنان بعد الإنتخابات، هل سيبقى كما قبلها، وجمعية تجار عاليه، كيف تضع خططها اليوم في ظل كل ما يحدث؟

– للأسف لا توجد أية تغيرات بعد الإنتخابات، إلا إذا حكم القرار الدولي في تغيير الوضع في لبنان، أمّا داخلياً نحن ليس لدينا إمكانية التغيير لا في الثورة ولا بمن أتوا ولا بمن ذهبوا، لأن لبنان كما تعلمين بلداً صغيراً ومحكوماً للأسف، فطوال عمره تبنى قراراته على العلاقات الخارجية، لذا لا أتوقع بأن الوضع سيكون أحسن.

أمّا فيما يخص جمعية تجار عالية فهي كباقي جمعيات التجار في لبنان تتخبط في مشاكلها ومشاكل التجار وأزماتهم والإقفالات وإفلاس التجار، للأسف أصبحنا نتراجع حتى في موضوع التطور الخاص بالموضة، وبصعوبة بالغة نكمل طريقنا، بالرغم من أنه لدينا مؤسسات جديدة ستفتتح أبوابها في عاليه خاصة في الثياب وغيرها، مع العلم هناك الكثير من المؤسسات التي تخسر يوما بعد يوم والإقفالات تتزايد في منطقة جبل لبنان ككل وليس في منطقة عاليه فقط، إلا أننا نعمل على حماية التجار من خلال« غروب التأمين الصحي» الذي أصدرناه منذ سنوات قليلة مضت، وكنت قد تحدثت بهذا عبر إحدى لقاءاتي معك، لأنه لم يعد هناك شيء ينفع الشخص في هذا البلد سوى التأمين على نفسه وعلى صحته، لكننا نأمل بأن نرى بوادرا مشجعة من مؤسسات الدولة لنعيد النهوض بأنفسنا وبمؤسساتنا، لكن إذا بقي الوضع هكذا وعلى هذا الدعم، وإذا لم يحصل أي إتفاق دولي حول تصحيح الوضع في لبنان وإستخراج البترول وغيره للأسف هذا يعني بأننا سنبقى في تراجع ونحو الأسوأ فال 7 مليار على شفير النهاية.

 

*بقيت الأمور مبهمة حتى اللحظة الأخيرة ما بين حدوث الإنتخابات من عدمها، لكنها تمت وغيرت بعض المسارات، برأيك ما الذي قلب الموازين، بالإضافة إلى أننا على أبواب تشكيل حكومة جديدة، برأيك هل سيتم ذلك في أسرع وقت، أم كما العادة، مماطلة، تعطيل وإهمال؟

لا أعتقد بأن الموازين قد تغيرت فمن هم حاكمون ما زالوا حاكمين، ومن لديهم الميثاقية بقيت لديهم والتي أصبحت في جهة واحدة، ممّا يجعل الأمور للأسف مبهمة حول وجود حكومة من عدمها، ونأمل بأن تشكل حكومة تسيّر أمور البلد، لكنني لا أتوقع بأن ما نأمله سيحدث، لأن الشروط ما زالت هي نفسها مع الخلافات المعتادة على الوزارات المطلوبة لكل فريق، فللأسف لا أحد يفكر في مصلحة هذا الوطن، خصوصاً المسؤولين في مركز القرار الكبير، أمّا عن وصولنا للإستحقاق الإنتخابي، فالأمر واضح جليا بأن القرار الدولي جاء بإجراء الإنتخابات.

*لقد وصلت مجموعة من المجتمع المدني إلى الندوة البرلمانية بعد أن كان ذلك حلماً مستحيلاً في ظل منظومة فاسدة تأكل الأخضر واليابس، هل ترى ذلك باباً للتغيير من أجل إعادة النهوض في لبنان الذي دخل في نفق مظلم، أم يذهب« العاشق ويأتي الولهان»؟

ضروري جداً التغيير، والأهم هو المشاركة في السلطة ممن يحملون أفكاراً إنقاذية لهذا البلد وشعبه، وقد أثبتت مشاركة الناس في الإقتراع بأن مقولة «كلن يعني كلن»، ليست ثابتة، لأن هناك من هم في السلطة «أوادم»، ولهم دورهم ومحترمين، وصحيح أنهم في الحكومة لكنهم لم يشاركوا في القرار، هم في الحكومة من أجل تسيير خدمات الناس، إنما القرار معروف أين ومن من كان يصدر، وليس من الضروري الدخول في الكثير من التفاصيل، لأن ذلك واضحاً للعلن ولكل الناس، حيث أن الجميع يعلم من الذي كان يدير البلد ومن هو مسؤولاً عن الفساد ونهب المال العام وما إلى هنالك، لذا نتمنى لهؤلاء التغيريين بأن يستطيعوا القيام بشيء وأن يستطيعوا التنسيق فيما بينهم وبين من هم في الحكومة من المسؤولين الذين تهمهم مصلحة هذا البلد وشعبه، بالإضافة إلى التنسيق مع السياديين من أجل التغيير الفعلي، مع العلم أنه وللأسف إنتخابات رئاسة مجلس النواب لا تبشّر بأي تغيير فعلي، لكننا نتأمل في التغيير..

 

نريد حكومة تدير شؤون الناس وتيسّر أمورهم

 

*في لقائنا الأخير تحدثت عن إرتفاع الدولار بشكل جنوني إذا ما بقيت خطط الانقاذ ذاهبة أدراج الرياح، وها نحن اليوم نرى جنون إرتفاعه بين الفينة والأخرى، ما الحل الذي تراه يجب ان يكون وعلى ماذا تعتمد في قراءاتك هذه التي يفسرها البعض بأنها مجرد توقعات، هل على أساس الأزمة الإقتصادية العالمية، أم على سياستنا الداخلية الفاشلة في كل شيئ؟

طبعا هذه المعطيات هي ليست توقعات كما يعتقد البعض، إنما هي قراءات كما ذكرتي في سؤالك تبنى على الإحتياط الإلزامي الخاص في الدولة الذي شارف على نهايته، كما ذكرت آنفا، وعلى الحركة الإقتصادية التي يمكن إعتبارها في عداد الاموات، وعدم تواجد السواح، خصوصاً وأن لبنان يعتمد على السياحة، فكل ما يلزمنا هو صنع قرارا داخليا لمصلحة هذا الوطن الذي إذا ضبطت حدوده سيعود وطنا له مكانته، كما يجب العمل على إعادة الأمن والإستقرار، إعادة النظام، القضاء، بالإضافة إلى الإتفاقات السياسية الدولية التي هي الأساس، فبمجرد ما يصبح هناك إتفاقاً دولياً ينص على حياد لبنان سنعود بلداً يتمتع بكل المقومات العالية من القدر والقيمة.

 

*علاقات لبنان التاريخية والحضارية الخارجية ذهبت أدراج الرياح، برأيك هل ستعود مجددا في القريب العاجل، وما هي الخطوات التي يجب إتخاذها من أجل إعادتها؟

تعتمد هذه العلاقات على الثقة في البلد، وللثقة في هذا البلد يجب أن تعتمد على علاقاته مع البنك الدولي والأمم المتحدة، وعلاقاته الدولية، والثقة في الإقتصاد اللبناني، والمصرف المركزي والمصارف بشكل عام، فلبنان ليس بلداً خطيراً إذ أن إقتصاده صغير جدا ويعود إلى إنتعاشه بسرعة إذا ما وجدت هذه المقومات، لذا أكرر يجب أن نعيد الثقة في الدولة وفي من هم مسؤولين عنها.

 

وزارة السياحة غائبة عن السمع منذ ثلاث سنوات..

 

*تحوّل لبنان إلى نظام ريعي قتلت فيه التجارة والصناعة والزراعة وأحلام البناء من خلال فوائدا تغني عن الجهد، برأيك من المعني بذلك وكيف يمكننا إسناد كل هذا من جديد؟

شعب لبنان معطاء وخلاق ولا يخاف، إنما الموضوع لدى الدولة، فعندما تعمل هذه الدولة على سياسة إقتصادية صحيحة وتعطي القروض وتعيد تنظيم الإقتصاد من جديد نجد بأن الأمور سهلة جدا، فلبنان منفتح على العالم بأكمله، ولدينا الكثير من الأدمغة المميزة بأشخاص رائعين، بالإضافة إلى رؤوس الأموال المتواجدة في الخارج الذين بقدرتهم النهوض في هذا الوطن، لكن شرط أن لا تذهب أموالهم في المصارف كما حدث معنا ومع كل الناس، حيث إتبعت المصارف لدينا المثل القائل « إلك معنا وما معنا»، إذ أنه وبالرغم من الأموال الموجودة لدى الناس إلا ّ أنهم ليسوا قادرين على العيش، للأسف لقد حولوا الناس من «مرتاحين إلى جوعانين»، حجزوا أموالهم بالفوائد العالية من ثم أخذوها منهم، فإذا أخذت منهم «بالكابيتال كونترول»، كيف سيتمكنون العيش بكرامة.. ولا يمكننا إعادة إسناد كل هذا إلاّ بسياسية مالية واضحة من الدولة تعيد أموال المودعين وتعيد الثقة في الإقتصاد والمصارف.

*بدأ الموسم الصيفي، لكن للأسف لا نرى بوادر مشجعة في مناطقنا السياحية كمدينة عاليه وغيرها، ومع عودة لبنان لممارسة حياته الطبيعية في حياته السياسية والإقتصادية، هل سيستمر تقصير الدولة للتحضير للمواسم السياحية والذي يبدأ عادة قبل أسابيع من بدء الموسم، بينما يفترض وضع خطة سياحية موّسعة قبل خمس أو ستة أشهر؟

التحضير للموسم السياحي بحاجة للكثير من المقومات الغائبة عنها الدولة وأهمها الكهرباء التي يعطونا إياها ساعة واحدة في اليوم، فكيف يمكن لموسم سياحي أن يكون بدون كهرباء والتي تعتمد عليها الكثير من المرافق السياحة وأهمها الأوتيلات والمطاعم وغيرها؟!.ّ، ناهيك عن فاتورة المولدات التي تصدر بملايين الليرات ولا أعتقد بأن أحدا سيحتمل كلفة هذه الفواتير العالية الخاصة بالمولدات، بالإضافة إلى أن أصحاب المولدات أصبحوا يعطون ساعة أو ساعتين من التغذية، أيضا هناك الطرقات التي لم تعد صالحة للسياحة، فهي باتت بحاجة للكثير من الصيانة وإعادة الترميم، أمّا وزارة السياحة الغائبة عن السمع منذ ثلاث سنوات تقريباً، وهنا ومن خلال منبركم أتوجه برسالة إلى وزير السياحة أن يهتم ولو قليلاً بالمشاريع التي قد تنعش السياحة وتنشطها ممّا يعود ذلك إيجاباً على خزينة الدولة ويعيد مكانة لبنان السياحية المرموقة، ونعلم جيداً بأن ميزانية الوزارة قليلة جداً ولا تمتلك حتى «شرطة سياحة»، ونعذرهم بذلك، إلا ّ أنه ما يهمنا هو الحديث عن السياحة قليلاً وتفعيلها على مستوى الدولة، أمّا فيما يخص عودة لبنان لممارسة حياته السياسية الطبيعية، لم تحصل بعد، إذ أنه وللأسف ستبدأ الخلافات على الحصص الوزارية كما ذكرت في بداية حديثي، لكن كل ما نأمله بأن يعوا تماماً بأن لبنان أصبح بلداً منهاراً كلياً، لذا فليترفعوا قليلاً عن غاياتهم ومصالحهم الشخصية ولينظروا إلى هذا البلد نظرة الرأفة به وبشعبه إذ لم يعد يهم المواطن اللبناني غير وجود دولة تدير له شؤونه من دون أية مشاكل، لذا كل ما نريده هو تشكيل حكومة تأخذ الثقة بأسرع وقت ممكن من أجل العودة إلى حياتنا الطبيعية، وأن لا يختلفوا على الحصص الوزارية ويعطّلوا من جديد، نحن نريد حكومة فقط لا يهم نوعها، أو لونها، أو لمن هي تابعة، كل ما يهمنا حكومة تدير شؤون الناس وتيسّر أمورهم.

 

المصارف حولت الناس من« مرتاحين إلى جوعانين»..

 

*لو كنت تملك عصا سحرية ما هو المستحيل الذي كنت ستفعله؟

«العصا لمن عصا»، لو كنت أمتلك تلك العصا، لكنت غيرت النظام السياسي في لبنان، كنت أقمت دولة مدنية بعيدة عن الطائفية، دولة فيها حماية، فيها أمن، فيها قضاء، فيها إقتصاد حر، حدود مضبوطة، فلو وجدت العصا السحرية لأصبح لدينا وطن في لحظة، نتمنى بأن يفهموا أن الدين للدين، والدولة للدولة عندها كل شيء  يعود إلى مساره الصحيح، لكن للأسف القرار بكل هذا يأتي على مستوى خارجي وليس على المستوى الداخلي. فعندما تقرر الأمم المتحدة بأن يصبح لبنان سويسرا الشرق سيعود كذلك، وهنا أستذكر العام 1993 عندما مرّ لبنان بأكبر أزماته حيث كان بلداً مهدّماً والنفايات تملأ شوارعه، جاء القرار الدولي والعربي بتولي الرئيس الشهيد رفيق الحريري زمام الأمور إستقرّ الوضع وإنتعش البلد خلال شهرين أو ثلاثة أشهر وعشنا 10- 15 سنة لا بأس بهم، اليوم لا نتمنى نفس العودة أي أن تكون بقرار خارجي، بل يجب أن تكون بقرار داخلي لنكون بلداً حراً مستقلاً يتمتع بنظام سياسي مدني ويصبح لدينا مجلس شيوخ، وتصبح دولتنا كالدول الأوروبية، ونحن شعبا يحب الحياة ولسنا بعيدين عن التكيف والإنسجام مع هكذا معطيات.

*كما العادة سؤالي الأخير يقول، سؤال لم يخطر لنا على بال تود التحدث به؟

كما العادة كانت أسئلتك شاملة، ولو أردنا الغوص في تفاصيلها أكثر قد لا تكفينا مجلدات للإجابة عليها، شكرا لك على ثقتك الدائمة بي، وشكرا لمجلة كواليس التي تسعى دائما لتوصيل كل الآراء دون التحيز لأحد وعملها الدؤوب برسالة إعلامية حقيقية.

رانية الأحمدية

 

شاهد أيضاً

الشارقة تتصدر المشهد اليوناني مع الاحتفاء بها ضيف شرف الدورة الـ20 من “معرض سالونيك الدولي للكتاب”

بدور القاسمي: لسنا مجرد ممثلين لدولنا ولكننا مسؤولون عن قصة إنسانية مشتركة ● عمدة مدينة …