مقتطفاتٌ من حواري مع كلبي هذا الصباح

د، نزار دندش

أرجوكَ لا تنبحْ ولا تعوِ ! فأنا مثلكَ على مدار الساعة أعوي ثم أعوي … ولكن ليس لي من يسمعني !
أنت تنبحُ ليلاً نهاراً فلا أفهمُكَ ، وأنا أكتب الشعرَ هجاءً ، صبحاً ومساءً ، وليس لي من يقرأني ، وأكتب النثرَ نداءاتٍ واستغاثاتٍ وتحليلاتٍ … وليس لي من يفهمني .
أما أنت فَلَكَ في كل يومٍ من يُطْعِمُكَ ، أما أنا فليس لي من يُفكِّرُ بي ومن يُطعمني .
أنت كلبٌ توالي فرداً – تُخلصُ لي وحدي ، وأنا مواطِنٌ أوالي افراداً وجماعاتٍ وقوىً وأصحابَ نفوذٍ من كل بقاع الأرضِ . تسرقني المافيات وتنهبني ، وترعبني العصابات ، وتكبِّلني نصوصُ قوانينٍ فُصِّلت على قياس المساكينِ . أُمالئُ الكلَّ كي أحيا وأُطيعُ أمرَ الكلِّ كي أبقى … وأَعضُّ دوماً على جُرحي .
أنتَ تنبحُ متى شئتَ وكيفما شئتَ ، وتُقلِقُ من شئت وتُرعِبُ من شئتَ وترفع صوتَكَ في وجهِ مَنْ شئتَ … وأنا دوماً أُداري ، وأصمتُ حتى في عُقْرِ داري ، أخافُ أُصفِّقُ لأشباهِ الثوّارِ .
همُّكَ الوحيدُ ان تأكلَ وتشربَ وتحلمَ بكلبةِ الجيرانِ ، أما انا فهاني قد بتُّ اليوم لا احلم الا بما تحلم أنت ، مع انني ومنذ عشرات السنين احمل جنسية مواطن لبناني !
ها نحن قد تساوينا في أحلامنا وفي طموحاتنا لكنَّ فرقاً كبيراً يبقى بيننا ، فأحلامك تتحقق أما احلامي فتتكسّر ولك انت من يساعدك على تحقيق طموحاتك أما أنا فليس لي الا من يسعى لحرماني ومن يسرق مني احلامي ويُفسِدُ طموحي ويدفعني الى ترك اوطاني .
كم صرت اشبهك اليوم مع انك لستَ متحمساً لأن تشبهني . صحيحٌ ان رَسَنَكَ ظاهرٌ وبادٍ للعيانِ ورسني مخفيٌّ ومطليٌّ بأجملِ الألوانِ ، لكنَّ قيدي يؤلمني وضميري دوماً يعذبني اخاف الحاضرَ يعدمني … أخاف الآتي يصلبني … وماذا لو قطعوا لساني .
ولأني المقهور هنا ، وأنت في العمرِ الهاني ، فبماذا اليوم تنصحني ولمن سأشكو أحزاني ، إني محتارٌ أبداً ما بين الأول والثاني !

 

شاهد أيضاً

بايدن وزوجته ينشران إقرارهما الضريبي في تقليد كسره ترامب

  نشر الرئيس الأمريكي جو بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن، إقرارهما الضريبي لعام 2023 الاثنين، …