فنان في رمضان (٥)

يوسف وهبي يحيي لياليه في منزله
ولم يستطع الصوم عن السجائر

زياد سامي عيتاني*

كان للعديد من فناني الزمن الجميل، مواقف لا تنسى مع شهر رمضان المبارك، سواء مع طقوس الشهر الكريم، أو مواقف مثيرة للجدل حدثت إبان هذا الشهر.
وفي هذا السياق إحتفظ يوسف وهبي بكونه أديب المسرح العربي وعملاق في فنه لسنوات طويلة، وربما يكون هذا ما منحه طقوسه الرمضانية الخاصة التي كانت محل إنتقاد للكثير، بالرغم من أنه كان يتفق مع أحد كبار المقرئين ليتلو آيات الذكر الحكيم طوال شهر رمضان الكريم بمنزله.
****

•لم يستطع الصوم عن القهوة والسجائر:
فيوسف وهبي لم يكن يقوى على الصيام بشكله الصحيح، لذلك لم يكن يصوم إلا نادرا جدا، بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة الصادرة بتاريخ 16 ديسمبر 1934 عن بعض المواقف الطريفة التي مر بها الفنانون في رمضان.
ويقول الكاتب إن يوسف وهبي أخبره أنه لم يصم في مصر بسبب أن الخدم يأكلوا كل الطعام ولم يجد ما يسد بها جوعه لكنه صام في إيطاليا كثيرا.
ويسخر الكاتب منه، أنه صام من شدة الجوع، ليس إلا أن يوسف وهبي كان أول من يجلس على مائدة الإفطار في رمضان، فكان ينتظر آذان المغرب بفارغ الصبر.
وقد كشف وهبي عن عاداته وطقوسه في هذا الشهر الفضيل فقال: “إنني أنتظر هذا الشهر من العام للعام لما يمتاز به من طقوس وعادات جميلة تربيت عليها في بيتنا في مدينة الفيوم”.
وأضاف أنه اتبع تعاليم الإسلام وصام شهر رمضان لكنه لم يستطع الصيام عن السجائر والقهوة وقال: “كنت أصوم بالفعل عن كل أنواع الأكل والمشروبات ولكنني لم أمتنع إطلاقا عن شرب القهوة أو تدخين السجائر”.
ويواصل الفنان الكبير يوسف وهبي، في حديث نشر في إحدى المجلات الفنية: “وعندما يؤذن لأذان المغرب تجدني أول الجالسين على المائدة وأحرص على أن تكون السفرة عامرة بأشهى الأنواع وما لذ وطاب من الديوك الرومي والدجاج وأحاول أن أعوض ما حرمت منه طوال نهار رمضان”.
ويستطرد قائلا: “من أهم طقوسي الرمضانية أيضا أنه قبل حلول الشهر الفضيل أتفق مع كبار المقرئين لإحياء ليالي الشهر بتلاوة آيات من الذكر الحكيم في منزلي، ولا أشعر بقدوم الشهر المبارك إلا بهذا الطقس الرمضاني الروحاني الذي تربيت عليه منذ في بيت والدي”.
****
•أمنيته في ليلة القدر:
نشرت مجلة “الكواكب” عن أمنيات الفنان الراحل يوسف وهبي، وسيدة الشاشة العربية الراحلة فاتن حمامة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك.
وقال “وهبي” بأن أهم أمنية بالنسبة له أن تتبنى مسرح الدولة تقديم العروض العالمية بإتقان وإبهار كما كان في الماضي، وعن أمنيته الشخصية فكان يتمنى أن تكون صحته في أحسن حال، وتستقل مصر استقلال تام.
****
•أمير دافور ينصب عليه على قهوة الفيشاوي:
وكان من بين هذه النوادر ما حكاه الفنان الكبير يوسف وهبي لمجة “الكواكب” فى عدد نادر صدر فى رمضان عام 1962.
وقال يوسف بك وهبي: “أنه كان من عشاق حي الحسين الشعبي ومن أهم زبائن قهوة “الفيشاوي” الشهيرة، وخاصة فى شهر رمضان حيث كان يقضي فيها مع أصدقائه أجمل السهرات الرمضانية التى تمتلئ بالضحك والمرح والفكاهة”.
وتابع الفنان الكبير قائلاً: “في إحدى الليالي إقترب مني شاب أسمر أنيق الثياب وفارع الطول، وعرفني بنفسه على أنه أمير دارفور ويريد أن يتعرف على عبدالوهاب”.
وأشار يوسف بك إلى أنه قرب هذا الشاب من مجلسه وشلته وسهراته، ودعاه كثيراً إلى منزله، ووصفه بأنه كان حلو الحديث وحاز إحترام وإعجاب أصدقاء الفنان الكبير وتقديرهم لمكانته عنده.
وأصبح هذا الشاب عضواً هاماً في شلة “الفيشاوي” التي يلتقي بها يوسف وهبي دائماً.
وقال الفنان الكبير: “لأول مرة أقع فى براثن محتال خطير، حيث زارني الشاب الذي كنت أعتقد أنه أمير دارفور في منزلي ذات يوم وطلب مني سلفة كبيرة حتى يصله مندوب والده الملك ومعه مبلغ ضخم من المال”.
وأكد وهبي أنه لم يدور بخلده أن يكون الشاب الذي عرفه على أنه أمير دارفور ولم يفارقه منذ أكثر من أسبوع سينصب عليه، لذلك أعطاه كل ما طلبه من أموال، وتواعدا أن يلتقيا فى قهوة “الفيشاوي” كالمعتاد لقضاء السهرة.
وأضاف: “أن الشاب لم يحضر، ولكنه وجد بدلاً منه ضابط بوليس يسأل عن الشاب ويريد القبض عليه، لأنه محتال محترف، وهكذا شرب يوسف بك وهبى مقلب النصاب على قهوة “الفيشاوي”.
****
•عروض مسرحية رمضانية:
وعن استعداداته لاستقبال شهر رمضان على خشبة مسرحه قال: “في الأسبوع الأخير من شهر شعبان وقبل حلول شهر رمضان نغلق أبواب المسارح على عمال الزخرفة والزينة من نجارين ونقاشين الذين يزينون المسارح وواجهاتها استعدادا لاستقبال الشهر الكريم واستعدادا لبدء الفرق المسرحية منافسة طاحنة مع بدايات شهر رمضان، حيث تمتلئ صفحات الجرائد بإعلانات الفرق وبرنامج كل منها والمفاجآت التي تحملها للجمهور، حيث تشهد المسارح إقبالا لا نظير له حتى أنها كانت تضاعف عدد الكراسي نظرا لشدة الإقبال”.
****
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي

 

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …