ما سر هذا الإنقلاب الرمضاني؟!

 

بقلم الشيخ مظهر الحموي

ما سر هذه الفريضة المباركة التي تُحدث إنقلابا طوعيا في النفس والمجتمع والأمة ؟.
أي بلاغ رقم واحد يستطيع أن ينصاع له أكثر من مليار ونصف مليار إنسان فور ثبوت هلال رمضان ؟
بل أي إنقلاب عسكري يذعن له الناس رضى وإقتناعا كما الإنقلاب الرمضاني في حياة مئات الملايين من المسلمين بعد صدور الحكم الإلهي ( كتب عليكم الصيام )
وتدور الأيام على الواحد منا وهو مسترسل في مشاغله ومنهمك في يومياته وأعماله وحساباته الخاصة ، ويأتي رمضان ويضبط سلوكه وكأنه يقول له تمهل أيها الإنسان فليست الحياة الدنيا لعبا ولهوا وتجارة ومصالح خاصة ، بل هناك ما هو أسمى من هذه الأهداف الآنية والأغراض الزائفة والهموم التافهة{ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِیَعۡبُدُونِ }
وشهر رمضان من العبادات الشاملة التي تغلف حياة الإنسان ومشاعره وسلوكه وتصحح له من إنحرافاته التي يشعر بها في زحمة العراك على التنافس الدنيوي.
رمضان حياة جديدة تخيم على المؤمنين والصائمين حقا، يدخلون فيها عن رضى وغبطة وتسليم مخلصين لأوامره ونواهيه فيستدرك فيه المؤمن زلاته ويستعيد رشده وإستقامته.
رمضان مجتمع جديد تدوم فيه الإلفة والتراحم في ظل بركاته ونفحاته وأعطياته ويحرص فيه عباد الله على التكافل والتواصل حيث أيادي البر والصدقات تزداد ونفحات الزكوات تشمل خيراتها كل فقير ومعسر ومسكين .
إنه شهر المجاهدة العذبة والمكابدة الشيقة والصبر اللذيذ على المشقات والأذى والمكاره والشهوات وما أكثرها في نوافذ الحواس والبطن والفرج واللسان .
ترى كيف ينقلب المجتمع فجأة في هذا الشهر الى واحة مودة وتحابب؟ إنه سحر رمضان الذي يرجو الناس أن يعم طوال أشهر السنة .
وما هو سر هذا الإنجذاب الشامل لإستعجال قدوم هذا الشهر الكريم والترحيب به وإستقباله بالصيام والصلاة والقيام وقراءة القرآن وعف اللسان وغض البصر والصبر على المكاره ..
ترى هل هناك في العالم أي إنقلاب – دموي أو سلمي – كان في مقدوره أن يغير سلوك الأفراد ويجبرهم على الإنصياع لمقرراته ، هكذا وبكل إقتناع ، مثل شهر الصوم الذي يحول حياة الإنسان والمجتمع فور رؤية هلال رمضان ، ليمتثل المؤمنون جميعا دون تردد ودون ملاحقات بوليسية حيث يقول { یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ }
في ظل شهر الإنقلاب الرمضاني تتعزز المحاسبة الذاتية على ما فرطت أيدينا توخيا للتوبة ورجاء للمغفرة
فلندخل جميعا في شهر رمضان حريصين على إلتزام شروطه وأوامره ونواهيه ، ومتمسكين بمقاصده وأهدافه ، حتى نعيش شهرا مميزا ، وحالة ولا أبهى أو أرق وقد دعانا الله سبحانه وتعالى الى أعظم جائزة لمن حسن صيامه وقيامه وخلقه فقال ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) ويا نعم الجزاء والثواب والمقصد .
*أخوكم الشيخ مظهر الحموي*

شاهد أيضاً

76 عاما على النكبة: حرب صهيونية مفتوحة ومعارك وجودية شرسة على الارض والتاريخ والرواية الفلسطينية…!

*نواف الزرو [email protected] المعارك الوجودية الشرسة المحتدمة على امتداد مساحة فلسطين من غزة الى الاقصى …