صباح القدس

 

ناصر قنديل

صباح القدس لقوانين الحروب ، لا يمكن أن تقرأ بالمقلوب ، حيث المعادلة التي يرسمها الروس ، فيها الكثير من الدروس ، فمعيار النصر ليس دخول المدن والتحول الى احتلال ، وليس التوسع في الجغرافيا وخوض القتال ، وليس السرعة ، بل بمقدار الجرعة ، فالمعيار، في الإنتصار ، امساك القرار ، والسيطرة على مفاصل الحركة ، والتحكم بحدود قدرة الخصم على خوض معركة ، واحكام اغلاق البر والبحر ، حتى توفير شروط التفاوض نحو النصر ، وأعظم الحروب لم تنته باسقاط الحكام ، بل بفرض شروط الاستسلام ، واخطر الانتصارات هي التي انتهت بالوهم ، كالدخول الأميركي الى بغداد ، حيث اثبت العلم ، ان كل احتلال سيزول لأي بلاد ، والجيوش العبقرية ، هي التي تبقي حربها على القشرة والمفاصل ، وتملك القدرة الفكرية ، لتعرف أين وكيف تقاتل ، ولا تستخف بالشعوب ، في خوض الحروب ، فتحدد الحق من الباطل ، وترسم بينهما خط فاصل ، وها هي روسيا تفتح حربها الفعلية ، وتبقي على نار هادئة حربها في الميدان ، فتطلق العنان للمسارات الأصلية ، التي تغير في البنيان ، مسار النظام العالمي الجديد ، ومسار تسعير الطاقة ، وتشكل مع الصين حلف التجديد ، حلف يصعب اختراقه ، وتبدأ بالضغط لكسر حصرية الدولار ، في التداول وتحديد الأسعار ، وتحول الجغرافيا الى سلاح ، وتضع أوروبا أمام الإختبار ، بين أن تبقى لأمريكا مجرد ساح مستباح ، أو أن تفهم مقتضيات وميزات الجار ، وهذه هي في العمق الحروب الناعمة ، وليست حروب الفتن ، حروب تحرك مكامن القوى الداعمة ، وتلعب على مسار الزمن ، فتغير مجرى الصراع ، وتقلب الأوضاع ، وتتفادى صرف فائض القوة ، لمنطق فرض الخوة ، بل تجعله قيمة مضافة ، يعدل لكل مسار انحرافه ، وتترفع عن انتصارات خارج الحق والقانون ، لأنها سر الفشل ، هذه حرب الذين يعلمون ، حرب يضرب بها المثل ، على قاعدة العبرة بالخواتيم ، والقدرة على السير على سراط مستقيم .

شاهد أيضاً

إيران: نؤكد وجود مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في مسقط

ممثلية إيران لدى الأمم المتحدة تؤكد الأخبار المتداولة بشأن مفاوضاتٍ غير مباشرة بين طهران وواشنطن …