لبنان من أكثر الدول تعاسة !!!

د. سلام شمس الدين
اختصاصية في علم النفس الاجتماعي

ليس مستغربًا أن يكون لبنان في ذيل القائمة في المؤشر العالمي للسعادة، إذا ما نظرنا إلى المعايير التي اعتمدتّها الأمم المتحدة، والتي ركزت بصورة رئيسةٍ على نصيب الفرد من الناتج المحلي، وصولا إلى تفشي الفساد، مرورًا بمؤشّر الدعم الاجتماعي خلال الأزمات والاضطرابات، إلى متوسط العمر المتوقع للفرد، إلى مؤشر الحريات وتحديد الخيارات، إلى جودة الحياة في مجال الصّحة والتعليم وغيرها.
لبنان الذي كان أهلُه غارقين بخيراته يتمتعون بالبذخ والترف والنعيم، نراه اليوم في أسوأ حالاته غارقًا في الفقر والقلق والديون والهموم، محرومًا من أبسط متطلبات العيش، بعد تدهور العملة اللبنانية وانخفاض دَخلِ الفرد وتدني القيمة الشرائية لليرة اللبنانيّة، وبعد انهيار مؤسساته التربويّة والتعليميّة والصّحيّة والمصرفيّة والاقتصاديّة، كل ذلك بسبب فشل حكوماتِه المتعاقبة في إدارة أزماته، وغياب الخطط والاستراتيجيات التنموية التي تلامس واقعه الاجتماعي والاقتصادي، لا بل غياب المواطن عن أهدافها وجدول أعمالها.
هذه النتائج التي أظهرها مؤشر السعادة العالمي، لا يمكن تجاهلها، سيما بعد أن كان لبنان مرآة الشرق الأوسط، لتضعنا أمام الواقع والحقيقة، وتشكل بدورها رسالة مهمة لصناع القرار، بضرورة الوقوف وقفة تحليلية، للوقائع والمؤشرات والسعي نحو التغيير وتطوير الأداء. هذه الوضعية تستدعي وضع حد للفساد ومحاربته بالمعنى القانوني، وبناء علاقات دعم متبادل، والنهوض بمؤسساته الحكومية المختلفة، وتحسين مستوى العيش وتوفير فرص النمو المختلفة، وكل ما من شأنه أن يرتقي بمستوى الحياة وتكاليفها بصورة أفضل … وإلا سيبقى وطننا لبنان تحت المجهر الدولي، يعاني يوما بعد يوم من اتساع الفجوات التنمويّة، والكثير من الضغوط الاقتصاديّة والمشكلات الاجتماعيّة. ناهيك عن اتساع دائرة الضغوط النفسية التي تولدُ مزيدا من الإحباطات والتوتر والقلق والاكتئاب، وانعدام الصحة النفسية بكل أبعادها. وكل ذلك مرتبط بقرار سياسي لا أكثر ولا أقل.
فالسعادة يا سادة، مرتبطة بالإنجاز وتكثيف الجهود، بابتكار أدوات ووسائل تدفعنا إلى رفع توقعاتنا ووضع أهدافنا من أجل الصّالح العام، بعيدا عن الأنانية والطمع والمصالح الخاصة، للعبور من الألم والعجز إلى الأمل والحياة، باتباع التفكير الإيجابي العقلاني لمواجهة الواقع، وعدم تكرار الفشل الحاصل في السياسات وفي النظام القائم.
فالشعب اللبناني يستحق العيش الكريم ويستحق أن يكون من أسعد الناس.

شاهد أيضاً

أمسية ثقافية بيروتية مميزة الى وليد دقة رمز فلسطين وشاهدها وشهيدها

برعاية معالي وزير الثقافة اللبنانية ووفاءً للشهيد الاسير وليد دقة وبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني : …