تركيا انفجار فقاعة اردوغان..! يسوقها للفوضى والاحتراب ام يسقط بانقلاب.. للعرب فرصة نادرة هل يستثمرونها؟؟

تقدير موقف سياسي٢٣-١٢-٢٠٢١

ميخائيل عوض

المعطيات والتحليل؛
لسنوات ثلاث متتالية شهدت الليرة التركية انهيارا وعجزت اجراءات المركزي ووزارة المالية عن وقف مسارها الانحداري برغم هدن وفترات هدوء بنتيجة عوامل طارئة كمثل هبة الاخوان المسلمين العالمية وتحفيزها على اسناد الليرة ومن ثم زيارة امير قطر واسناد اردوغان بمليارات الدولار، واخيرا زيارة الاماراتي وتعهده بضخ عشر مليارات دولار بالاقتصاد المتهالك، وشكلت سياسات اردوغان الارتجالية احد عناصر التحفيز على تسارع الانهيار المالي حيث بلغ سعر الدولار ١٨،٤٠ ليرة كرقم فلكي غير مسبوق، وكدليل اضافي على عنف وعمق الازمة الاقتصادية المتقاطعة مع ازمات هيكلية وبنوية وسياسية عامة ادخل ارد وغان تركيا بها ويزيد في عصف ازمتها بإقدامه على اجراءات هوائية وعنترية لا تمت لعلم الاقتصاد وادارة اقتصاد الازمات بصلة فغير وزراء مالية وحاكم المصرف مرات وامر بتخفيض الفائدة بذريعة التخلص من الاقتصاد الربوي المرذول اسلاميا، وبرغم كل ذلك حافظت الليرة على تدهورها بل زادت من التسارع.
وعند بلوغ الانهيار حد غير مسبوق وتجاوز ال ١٨ ليرة للدولار اطلق السلطان عفريتا جديدا من قبعته! ستكون اثاره اكثر تدميرا على الاقتصاد ومستقبل العملة والتضخم فقد اقرت السلطات التركية تحمل خسارة فارق اسعار العملات للودائع بالليرة التركية وهذه وصفة الكارثة بعينها وانقلاب على الحرب ضد ما اسماه الاقتصاد الربوي بتولية الدولة وموازناتها العاجزة شخصية المرابي الكبير.
تختلف الآراء والتقديرات حول مسارات ومستقبل تركيا وازماتها ومازال منظرو الاخوان المسلمين وكهنة معبد اردوغان المتداعي يتعاملون مع الازمة وارتجاليات اردوغان على انها الحكمة بعينها وان الازمة عابر وان تركيا ستنهض وانها قادرة وهي من يتحكم بالأزمة وبان معجزتهم التركية صناعة خاصة وستكون مفاجئة وجديدة وتنهض أقوى مما كانت!!.
بعيدا عن بروبغندا الاخوان وكهنة معبدهم المتداع يمكن ضبط عناصر الازمة ومعرفة مسارتها وما يبطنه المستقبل القريب لتركيا من انهيارات درامية وفوضى عارمة وربما توحش وانهيار وحدتها الوطنية الاتاتوركية الكمالية…
الفقاعة” المعجزة الاردوغانية” منتج صنع في بيئة وافرة؛
فقد انتجت وصعدت الاردوغانية مع نهاية القرن المنصرم وقدمت نفسها معجزة بخديعة متقنة وبمساعدة ظروف وبيئات موضوعية وافرة وبإسناد وتصنيع امريكي ولأسباب امريكية-اسرائيلية في سياق محاولة اعادة هيكلة السيطرة الامريكية، وبما ان امريكا فشلت ولم تعد بحاجة للفقاعة فالمنطقي ان تنفجر وقد قارب موعدها.
١-صممت الدولة العميقة الأمريكية نموذج الاسلام السني المعتدل وتفاهمت مع حركة الاخوان العالمية لتفويضها في العرب والمسلمين واختيرت تركيا كمنصة لأهميتها الجيو استرتيجية والجيوبوليتكيه وصنعت شخصيتها المحببة اردوغان ودفعته للانشقاق عن حركة المعلم واستاذ الاسلام السياسي التركي اربكان وهو من وصف انشقاق اردوغان ورفاقه بانها صناعة السي اي ايه.
٢- اعلن اردوغان نفسه وبلسانه في خطبه انه وكيل امريكا للشرق الاوسط الجديد، وزاد  كثيرا واعتد بنفسه وتوهم قدرته على استعادة العثمانية البائدة وقال في خطب؛ انه ساع ليصل اتراكه الى حيث بلغ اجداده من امصار على صهوات الجياد وورط تركيا بتبني واعداد جيشه العثماني الاسلامي من مرتزقة فصائل الارهاب العالمية وتوسع في نشر القواعد والقوات التركية العسكرية في بلاد كثيرة حتى غدت تركيا ثان دولة بعد امريكا في نشر قواتها وقواعدها واجهزتها خارج الحدود مع فارق جوهري يكمن في قدرات امريكا وهيمنتها بعكس تركيا الوكيل المتطوع والصغير في قدراته والضامرة عضلاته فكيف تبدو امورها اليوم وامريكا قررت اعادة هيكلة وسحب القوات والقواعد التي انهكتها اقتصاديا وبددت الثروات الهائلة على حروب بلا طائل..
٣- تصنيع الفقاعة الاردوغانية تصادفت مع انهيار النمور الاسيوية وازمات روسيا وامريكا اللاتينية وكتلة المال الساخن العالمية المضاربة تبحث عن صيد ثمين وجدته في تركيا وانهمرت الاموال الساخنة على المصارف التركية واغرقتها بديون تبلغ ٤٦٠ مليار دولار دين خارجي واكثر منه ديون داخلية فاستندت الاردوغانية الى وفرة الديون بالترويج للاقتصاد الاستهلاكي للأسر وبديون سهلة المنال وبلا ضمانات فعلية فسجلت ارقام الاقتصاد نموا كاذبا لتلميع المعجزة الفقاعة.
٤-بادرت حكومات اردوغان الى بيع وتخصيص القطاع العام ومؤسساته بابخس الاسعار وبفساد موصوف ما وفر مئات مليارات الدولارات اسهمت في تلميع الفقاعة ووفرت وفرة لسداد ديون صندوق النقد التي كانت تركيا تان تحت ثقلها وامنت تمويل مغامرات وسياسات اردوغان في الداخل وفي التدخلية المسلحة في الخارج فتحرير تركيا من ديون صندوق النقد حرر حكومات اردوغان من رقابته ومن رقابة شركات ومؤسسات الخبرة والتصنيف واستبدلها بديون المال الساخن وشعاره اضرب واهرب.
وتصادفت ظاهرة اردوغان مع تحولات اقليمية وعالمية استفادت منها تركيا فغزو افغانستان ثم بغداد امن لتركيا دور سياسي وعسكري كوكيل للمشروع الامريكي وبفعل الاتصال الجغرافي امن للاقتصاد التركي اسواق مجزية واموال باحثة عن مغاسل لغسلها من العراق ووسط اسيا وتموين العراق والقوات الغازية بالمنتجات واحتكار العلاقة بكردستان العراق ونفطها وتامين حاجاتها ما وفر للاقتصاد التركي مكاسب هائلة ثم الاشتباك الامريكي الايراني في الملف النووي والعقوبات وحصار ايران دفعها للحضن التركي كملاذ اقتصادي وحقق الاقتصاد التركي وقطاعاته مكاسب جمة وبكلفة رخيصة.
٥-اقفال الابواب امام تركيا الاسلامية ومنعها من دخول النادي المسيحي” الاتحاد الاوروبي” تقاطع مع انعطافه تركية الى الشرق والعرب والمسلمين وعبر البوابة التاريخية سورية لإنفاذ استراتيجية صفر مشاكل والبعد الاقليمي الذي صاغها وكلف بإنجازها ابرز منظري الحقبة الاردوغانية احمد داوود اوغلو وكان استاذ اردوغان حتى اتم خطته ثم انقلب عليه اردوغان فخرج من حزب العدالة والتنمية واسس حزبا منافسا كما الخبير الاقتصادي باباجان الذي خرج ايضا على اردوغان واسس حزبا منافسا.
٦-حقبة الفوضى العربية اغرت اردوغان وعززت أوهامه العثمانية ودفعته الى التورط المباشر في سورية والعراق واليمن وليبيا وتونس والسودان وفي افغانستان ووسط اسيا ووفرت له مكانة محورية كلاعب يملك اوراق وامنت مصادر تمويل للإرهاب الذي اديرت جيوشه من تركيا فتعززت الفقاعة .
٧-في ظروف مؤاتيه نحج اردوغان في الرقص على الحبال المشدودة بين روسبا وامريكا ووازن بين النفوذين بوهم ان يستثمر في صراعاتهما ليخرج كاسبا وحيدا بينما كلا اللاعبان كان يستخدمه ليكسب هو لا ليعطي الرقاص مكاسب على حسابه.
٨-استغل اردوغان بذكاء وفطنه صعود حركة حماس في للمقاومة وتاجر بالقضية الفلسطينية وتظاهر بالخلاف مع الكيان الصهيوني فعوم نفسه كند لإيران وفصائلها وكبديل عن عرب خانوا وتصالحوا مع اسرائيل.
انتهت الظروف الموضوعية التي تأمنت “للمعجزة” الفقاعة وذاب الثلج لتجد تركيا الاردوغانية نفسها امام الحقائق المادية العارية وتبدأ رحلة الافول والهزائم والانكسارات ولتضربها ازمة اقتصادية عنيفة هيكلية مترافقة مع ازمة الدور الوظيفي وازمة المكانة والحضور وتتفاعل مع ازمات اجتماعية وسياسية شاملة وعنيفة كشفتها وعمقتها سياسات اردوغان الداخلية وعبثه باركان الدولة الاتاتوركية التي اصابها اردوغان بإعطاب قاتلة فالاتاتوركية قامت على قواعد ومحاور كمثل تغريب تركيا واوربتها فجاءت الاردوغانية لتشريقها واسيويتها واسلمتها، فأحدثت صراعا وشرخا عميقا بين العلمنة والاسلمة، ثم اطاح اردوغان بالعامود الاكثر اهمية لتركيا الكمالية الجيش ومكانته كحام للدستور ولوحدة الدولة  فأعاد اردوغان تعريف الجيش ودوره واخضعه وكسر اجنحته وقلص دوره ومكانته بل واستبدله بميليشيات وزارة الداخلية والجماعات الاسلامية الإخوانية وبفصائل محلية كحراس الليل والذئاب الرمادية وضخم اجهزة الامن وحولها الى مليشيات تابعة للعدالة والتنمية التي اذلت الجيش يوم المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استخدمها اردوغان لتصفية منظمة غولن ومحاولة شطبها بالرغم من انه احد طلابها  وتلامذتها وهذه ايضا اسهمت في خلخلة وتهميش واضعاف قبضة ووحدة الدولة العميقة،” اركينون” وتحولت فيها التوازنات الى ثنائية الاردوغانية – الروسية وهذه تفسر تفاهمات اردوغان بوتين ولماذا اسهمت روسيا وايران بأفشال انقلاب غولن – الاطلسية في الدولة العميقة.
والقاعدة العامود الثالث في الاتاتوركية دور الدولة والقطاع العام وقد انجز اردوغان تصفيتها وحول الدولة الى مجرد جاب بعد ان كانت دولة رعاية وليس جباية.
في خلاصات القول؛ ان العوامل والظروف المادية والموضوعية التي اسهمت في تصنيع الفقاعة الاردوغانية “ومعجزتها” الاقتصادية قد زالت وانتفت اسبابها وعناصرها وفي هذه الحالة فالمنطقي ان تدخل الاردوغانية ازمتها التكوينية والهيكلية وأن تنفجر على نفسها ونموذجها ليكون سؤال المليون دولار كيف سيتصرف السلطان الواهم وهو يرى سلطنته قد هرمت ونخرها السوس وتتهاوى؟؟.. فهل يرحل طائعا ليفديها.. ام يرتكب حماقة نيرون في حرق روما… ويسوقها الى الفوضى والحرب الاهلية والتشظي والقوى الإقليمية والدولية ستنتعش عندما ترى تركيا العثمانية والكمالية وهي في طور الزوال؟؟
والخلاصة الاهم؛ ان ما هو جار في تركيا ازمة عامة سياسية ووطنية وازمة دور وازمة نموذج وبنية وازمة اقتصادية اجتماعية عاصفة تتجلى بظواهرها كأزمة مالية وانهيار عملة وطنية وقرارات ارتجالية وارتباكات حادة في السياسات..
يتبع…
تركيا في طور الانفجار والتشظي فهل تقع المعجزة وتنجو… وهل ينجح العرب في استثمار فرصتهم الضالة وقد توفرت..؟؟

شاهد أيضاً

بركة للميادين نت: مفاجآت تنتظر الاحتلال في رفح.. والرد الإيراني استراتيجي

الكاتب عبدالله ذبيان   القيادي الفلسطيني علي بركة يكشف للميادين نت أن “كتائب رفح” لم …