الحاج حمزة حمزة الوائليّ (أبو طالب) في ذمّة الباري…

حسن علي شرارة

زوجُ خالتي، وابنُ عمِّ المرحومةِ والدتي الحاج حمزة حمزة الوائليّ (أبو طالب) في ذمّة الباري…
أبا طالب، أيُّهَا الأصيلُ المعتّقُ، لأنَّ مسيرةَ حياتِك شائقةٌ..شائكةٌ..صافية، كانَ فيكَ هَذا الكَلام.
ولكنْ من أينَ أبدأُ فيكَ رحلةَ كلامي؟
كيفَ جمعتَ بينَ رِقّةِ الأبِ، وصَلابةِ المُناضلْ؟ كَيفَ وَفّقْتَ بينَ عِنادِ المَبدئيِّ، وسَلاسَةِ المُتفائلْ؟ فباللّهِ عَليكْ، كيفَ جمعتَ كلَّ ذَلك؟ وكيفَ اندغمَتْ فيكَ المُتناقضاتْ؟ أبا طالب، يا رجلًا ركلَ ملاذَ الدُّنيا، وأثبتَ في مستنقعِ القناعةِ رِجلَهُ، وقالَ لهَا: منْ تحتِ أخْمَصِكِ الحشرُ. أيّها الجريءُ، القنوعُ، المُستغني، المُتحدّي، القانعُ على كِبْرٍ، الهادئُ على ثورة… كم سنفتقدك في زّمن نحن أحوجُ ما نكون فيه لمزايا كمزاياكَ!! فكم علّمتنا حبَّ الأرضِ، والوطنِ، والنّاسِ، والتّواضعِ، والتّمسّكِ بالتّراثِ وبالأصالة!
وكم جاهدْتَ في هذه الحياةِ بلا تعبٍ، ولا كللٍ، ولا ملل… وسرتَ نحو غاياتِكَ السّاميةِ مرفوعَ الهامةِ، موفورَ الكرامةِ، لا تلينْ، ولا تستكينْ… لا تداهنُ ولا تُرائي/ لا تتلوّنُ ولا تنافقْ/ لا تتذمّرُ ولا تتشكّى
سرتَ في رحلةِ عطاءٍ شائقةٍ شائكةٍ تقدّمُ عُصارةَ جُهدِكَ، وذوبَ رُوحِك، ودَفقَ مشاعرِك لأبنائِك ليروْا معكَ سواءَ السّبيلْ.
تعطّرْتَ بشذَا الكرامةِ، وتسربلْتَ ثوبَ العِزّة، وامتسحْتَ بزيتِ المحبّةِ والوفاءْ…
فجاءَ جهادُك عنيدًا.. ينزفُ كرامةً، ويقطرُ عزّةً، وينزُّ إخلاصًا.
تجلببتَ أصالةَ أسرتِكَ، وصمودَ أهلِكَ، وإباءَ قومِكَ.. فجاءَتْ مواقفُكَ أبيّةً، عصيّةْ، تبشّرُ بالفجرِ الآتي…
أيُّها الطودُ المنيعُ، كم تظلّلنا بمحبّتِك، وتفيّأنَا أفنانَ حنانِك… ثقْ أنّ البذرةَ التي غرسْتَها فينا بَسَقَتْ ونَمَتْ، وَهَا هِي تشمخُ الى الذُّرَى الشُّمّ.
أبا طالب، هل انتهتْ الرّحلةُ برحيلِك؟ لا لنْ تنتهي الرّحلةُ. فسيرتُك ستظلُّ متوهّجةً فينا.
فنمْ قريرَ العينِ في رحابِ إمامِ المُتّقين.. سلّمْ على الحبيبينِ “الحاج طالب” و”الحاج “بلال” المجاهديْنِ الحقيقيّيَنِ.
أسألُ اللهَ أنْ يكلأك برعايتِه، وأن يُسكنكَ فسيحَ جنّاتِه، وأن يتغمّدَك بواسعِ رحمتِه.
حسن عليّ شرارة