اتصالات مكثفة بين السفارة الأمريكية و”هيئة البيعة”.. اقتربت الساعة

[حسن العمري]

مصادر في البيت الأبيض كشفت عن وجود اتصالات مكثفة بين السفارة الأمريكية في الرياض والعديد من أمراء آل سعود من أعضاء ما يسمى “هيئة البيعة” ضمن قرار الإدارة الجديدة بمراجعة علاقة واشنطن بالرياض، ما يفسر أسباب عدم إجراء أية مكالمة بين الرئيس الأمريكي الجديد “جو بايدن” و”سلمان بن عبد العزيز”، ثم رفضه عدة اتصالات أجراها “محمد بن سلمان” للأول بغية تقديم التهاني بفوزه في الانتخابات الرئاسية، ليأتي قرار حذف اسم “جماعة الحوثي” من قائمة “المنظمات الإرهابية” التي وضعت فيه من قبل “دونالد ترامب” نهاية رئاسته، كضربة قاضية تنهال على الرياض والفرحة لم تكتمل بعد. معهد “بروكينجز” الأمريكي للأبحاث كشف عن تسلم إدارة الرئيس بايدن، تقريراً مفصلاً عما يجري في المملكة وقصور الأسرة السعودية الحاكمة محذراً من إحتمالية وقوع تصفيات دموية كبيرة يستهدف من خلالها ابن سلمان خصومه تحت يافطة المؤامرة والتخابر مع الأجنبي أو ما يطلق عليه “مكافحة الفساد” حيث حملات الاعتقالات تتواصل وتطال العشرات من الأمراء وكبار المسؤولين السعوديين في الداخل، فيما مخاطر مشابه لما حدث للصحفي “جمال خاشقجي” بإنتظار آخرين في خارج السعودية؛ ما دفع بالبيت الأبيض الى إجراء مسح وتقييم ميداني لما يدور في الرياض وجدة. صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية هي الاخرى كشفت عن توصيات نقلها سياسيين أمريكين مخضرمين الى إدارة بايدن بضرورة المزيد من الضغط على سلمان ونجله والعمل على محاسبة محمد بن سلمان ومستشاره “سعود القحطاني” وإنهاء الحصانة الترامبية لأبو منشار ودفعه الى الإفراج السريع عن جميع المعتقلين من أمراء وناشطين ومسؤولين ودعاة وأكاديميين وصحفيين وعلماء ومتظاهرين مسالمين وكل معارض لسياسة ولي العهد التي دفعت بالمملكة والمنطقة الى الدمار والإقتتال، حيث الحرب على اليمن التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء قسم كبير منهم من الأطفال والنساء هي إحدى هستريات وعنتريات ولي عهد سلمان. مصدر دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى أوشى بأن سفيرَ الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة “جون أبي زيد” والقائمة بأعمال البعثة “مارتينا سترونغ” وكذلك نائب السفير الأمريكي المكلف ومستشاره “إدوين ساغرتون” وآخرين قد أجتمعوا مع عدد من الأمراء من أعضاء “هيئة البيعة” والتقوا كلاً من “محمد بن نايف” و”أحمد بن عبدالعزيز” و”مقرن بن عبد العزيز”؛ للتوصل الى مخرج جديد يحفظ شأن وكرامة الأسرة الحاكمة بالضغط على سلمان من أجل عزل نجله محمد الطائش والإتيان مرة اخرى بأبن نايف أو أخيه أحمد كولي للعهد لضمان سير الأمور بالشكل المطلوب داخل السلطة الحاكمة يضمن عدم تعرض ولي العهد الحالي الى المسائلة بالجرائم التي ارتكبها داخلياً وأقليمياً. الواشنطن بوست ذكّرت الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بوعوده خلال حملاته الإنتخابية وما جاء في خطابه الأول بمقر وزارة الخارجية الأمريكية قبل أيام بأن يدفع قتلة “خاشقجي” والأطفال في اليمن الثمن، من إعادة النظر في العلاقات الأمريكية السعودية ورفع السرية عن تقرير المخابرات الأمريكية بقضية جمال خاشقجي ومحاسبة كل الذين جاء ذكرهم في التقرير الأمريكي وكذا في تحقيق المقررة الخاصة في الأمم المتحدة للقتل خارج القانون والإعدام الفوري “أغنيس كالامارد”، واللذان أكدا على الدور الرئيس لمحمد بن سلمان في تلك الجريمة وإشراف “القحطاني” على عملية قتل وتقطيع جثمان  خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018. المعهد الأمريكي “بروكينجز” خلص في دراسته التي استند فيها على توصيات كبار مستشاري إدارة بايدن ودبلوماسيين أمريكيين قدماء عملوا في الشرق الأوسط، بأنه حان الوقت لعزل محمد بن سلمان من السلطة وعودة أبن عمه الذي عزله تحت قوة السيف محمد بن نايف أو عمه أحمد بن عبد العزيز لتولي أمور المملكة وعودة المياه الى مجاريها السابقة داخل قصور الأسرة الحاكمة قبل فوات الأوان ووقوع المذبحة، واصفاً بن سلمان بأنه “متهور وخطير”، وأن تكون عملية الإستبدال “مهمة عاجلة بالنظر لمساهمته الكبيرة في الأمن الأمريكي وأقرب المقربين من آل سعود الى الإستخبارات الأمريكية، وهو خريج الجامعات الأمريكية وتلقى تدريبات في الإستخبارات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي والشرطة البريطانية “سكوتلاند يارد” ايضاً”. المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية “جورج تينيت” وصف محمد بن نايف بأنه “أهم شركائه” في قتال تنظيم “القاعدة”، و”الأذكى والأكثر إنجازا بين أبناء أسرته”، فقد انقذ حياة مئات الأمريكيين، وأحبط مؤامرة من تنظيم “القاعدة” لمهاجمة قنصلية الولايات المتحدة في جدة عام 1998 حين كان نائب الرئيس الأمريكي “آل جور” هناك للقاء ولي العهد آنذاك “عبدالله بن عبدالعزيز” وفق كتاب “الدم والنفط” الذي يسرد وقائع الأحداث التي دارت داخل الديوان الملكي ليلة 20 يونيو 2017 وكيف ازيل ولي العهد آنذاك بكل ذل واستهزاء ومن ثم اعتقاله. تطورات الأحداث في البيت الأبيض تجاه سلمان ونجله أربكت الديوان الملكي ودخل صدمو سياسية كبيرة وبات تخبطه واضحاً للعيان، وهو يلتمس هذا وذاك للتوسط بغية إجراء اتصال مع الإدارة الأمريكية الجديدة بأي مستوى كان لكن الرفض متواصل من الحليف الأمريكي ما يؤكد عزم الأخير على ضرورة إجراء تعديلات جذرية على سياسة الرياض تبدأ بوقف الحرب على اليمن، ومن ثم إطلاق سراح المعارضية المعتقلين وهو ما اعتبره مراقبون بأنه “من أصعب الامتحانات للعلاقات الثنائية بين البلدين”، خاصة وإن اللغة الدبلوماسية تجاه سلمان ونجله متشنجة مع تجميد مبيعات السلاح الأمريكية الى المملكة وتعيين “تيموثي ليندر كونغ” مبعوثاً أمريكياً الى اليمن، ثم استمرار سلسلة البيانات والخطب والتصريحات من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة ضد السلطات السعودية. تأكيد الرئيس الأمريكي بايدن وخلال خطابه أمام موظفي وزارة الخارجية في واشنطن بأن “سياسة الولايات المتحدة الخارجية ستكون في مواجهة الأنظمة الدكتاتورية” زاد الطين بلة وأربك الوضع السعودي قبل غيره، ومعلومات مؤكدة تشير الى أن وزارة الخارجية الأمريكية طلبت من الرياض وقبل أي حوار معها إطلاق سراح الأمراء المعتقلين وفي مقدمتهم الأمير محمد بن نايف. فيما كشف أحد كبار العسكريين السعوديين مقرب من المعارضة الأسرية، أن على محمد بن سلمان السمع والطاعة وتنفيذ طلبات واشنطن بالحرف الواحد و”فوقها دعس خشوم” كما تم بالسابق ابتلاع 13 شرط ورفع الحصار عن دولة قطر. صحيفة “تايمز” البريطانية كشفت قبل ايام من أن الغموض يلف منذ نوفمبر الماضي مصير الأمير السعودي المعتقل “سلمان بن عبد العزيز بن سلمان آل سعود” ووالده، بعد حبسهما على مدى ثلاث سنوات في الرياض. مشيرة الى أن “سلمان” كان بين 11 أميراً احتجزهم ولي العهد عام 2018 بعد اعتراضهم على توليه السلطة المطلقة في المملكة؛ وصحيفة “الغارديان” البريطانية نقلت عن محامين لمحمد بن نايف قولهم أن حياته في خطر كبير وأن موكلهم ضحية لهجوم مستمر ومنسق من داخل السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل ذابا محمد بن سلمان الإلكتروني الى جانب المضايقات الأمنية وتحييد وتقييد تحركه حتى داخل الأسرة. رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي “آدم شيف” مشروع قدّم قبل أيام قرار تحت مسمى “قانون جمال خاشقجي لمحاسبة حرية الصحافة” بهدف تشديد الضغط على كل من السعودية والرئيس بايدن لمحاسبة القتلة، وقال إن “القتل الوحشي لجمال خاشقجي كان اعتداءً على حقوق الإنسان، لكن ولمدة عام، رفضت إدارة ترامب نشر تقرير عن ضلوع السعودية في الجريمة”.. وكان الكونغرس الأمريكي وفي وقت لاحق صادق أقر تعديل قانوني طالب فيه إدارة ترامب بتقديم تقرير كامل حول المسؤولين عن الجريمة، لكن ترامب لم يستجب لهذه المطالبة. 

شاهد أيضاً

الجميع يتاجر بفلسطين

جمال اسعد  يزخر التاريخ بحوادث ووقائع ميليودرامية تتخطى العقول وتتجاوز المعقول ولكن المشكلة الفلسطينية قد …