فخامة الرئيس: إلى متى!؟

دعدنان منصور _

دولة تترنّح، ونظام يحتضر، اقتصاد منهار، وخزينة منهوبة،وودائع مسروقة، وشعب يئن ويجوعلصوص الماليسرحون، وفجّار البلد يمرحونعلى أبواب دول العالمنستعطي ونستجدي، يُملُون علينا ويشترطون،

يجتمعون بنا وعلينا يُملًونيعرفون طينة وعجينة كلّواحد فينا، سلوكه ومعياره، صدقيته أو نفاقه، نزاهته أوفساده، حافظاً للمال العام ومصالح الشعب، أو مبدّداًلثروة الوطن وعابثاً بحقوق المواطن.

بعد هذا الواقع المميت الذي لم يشهد لبنان مثله، حتىفي أحلك ظروف الحرب، في ظلّ عدم الاستقرار السياسي،والفراغ الحكومي، وشدّ الخناق على شعب له كرامته وعزةنفسه، والتحلل البطيء لدولة قبيحة تفتقر لاحترامنفسها، واحترام دول العالم لها، دولة مترهّلة، فاشلة بكلّالمقاييس، والمعايير، بمسؤوليها الظاهرين، والمستترينداخل الدولة العميقة، يتساءل المواطنون الشرفاءالأحرار:

ما الذي يجعلنا ننتظر يا فخامة الرئيس، لنخرج من هذاالمستنقع الذي وضعت فيه منظومة سياسية فاسدة شعباًبأكمله؟وإلى متى سيظلّ المسؤولون يتلذذون بإذلالوقهر شعبهم، وكأنهم على كوكب آخر، لا تعنيهم حاجات

مواطن، ولا نداءات فقيرآذانهم صماء عن سماع صرخاتطالب في الخارج ضاع مستقبله، بسبب امتناع الجهةالمعنية عن تحويل القسط الجامعي، بسبب سياساتفاسد مشارك في نهب أموال البلد والناس.

الى متى يا فخامة الرئيس، ستستمرّ الدولة الفاشلة، فيإذلال المواطن وتجويعه وتركيعه، وأرباب الحكم ما زالوايتنافسون على هذه الوزارة أو تلك، على حصة أو أخرى،يفتحون شهيتهم على وزارة دسمة، ويغلقونها على وزارةمفلسة، ومن نصيب أيّ طائفة ستسند اليهامركب لبنانيغرق بشعبه، والمسؤولون فيه يتلهّون بوجبة تشكيلةوزارية، وهندسة تكوينها وتركيبتهابين مَن يُعيّن ومَنيسمّي، بين مَن يظفر بالعدد الأكبر، ومَن يحصل علىالثلث المعطل، بين مَن يثق بالآخر أو لا يثق؟

الى متى يا فخامة الرئيس، سيظلّ الشعب اللبناني الأبي،رهينة للعناد، والمماطلة، واللامبالاة، وعدم احترامالوعود التي أعطيناها للآخرين، حتى يستمرّ البلد فيالانهيار السريع، الذي نعيشه جراء الفراغ في السلطة،وعقول المسؤولين؟!

إنّ سلوك المسؤولين في التعاطي حيال الانهيار الحاصلعلى مستوى الدولة والمؤسسات، وتقاعسهم وإهمالهموفشلهم في إيجاد الحلول العاجلة، إنما يعجل لثورةجامعة جارفة، تضمّ هذه المرة كلّ فئات الشعب بكلّطوائفه، ولن يستطيع بعد ذلك أرباب المنظومة السياسيةالفاسدة الفاجرة، التي دمّرت شعباً بأكمله على مدىعقود، أن يجعلوا محازبيهم والدائرين في فلكهم،والمنتفعين منهم لوقت، ليبقوهم داخل جلابيبهمفهذهالمنظومة ستدفع الثمن الباهظ، على ما اقترفته وتقترفهأياديها الملوّثة بسرقة شعب ونهب بلد.

فيا فخامة الرئيس، وإنْ كنا لا نأمل خيراً من أيّ حكومةمقبلة، لكونها تعكس نظاماً طائفياً رجعياً متخلفاً، ولطالماأنّ السارق لا يزال طليقاً، والفاسد لا يزال سارحاً،والمختلس لمال الدولة بعيداً عن المساءلة والمحاكمة،

وكلّ الذين هرّبوا الأموال العامة والخاصة، من مصرفيين،ومختلسين، ومستفيدين من هندسات ماليّة مشبوهةتستدعي المراجعة والتحقيق، ومعرفة ما وراء الأسبابالحقيقية لهذه الهندسات، التي أنعمها عليهم حاكم لامثيل له في العالم، أوصل نظام البلد المالي الىالحضيض الذي نحن فيه.

يا فخامة الرئيسهل وصل صوت الشعب إليكم الذييصرخ اليوم قائلاًأتضحّون بالوطن من أجل تأليف حكومةومكاسب وزاراتها، أم تتنازلون عن بعض المكاسب لإنقاذوطن وشعب على السواء؟!

هل تسمعون صوت المواطن المعذب المسحوق، أميضيع صوته في الأثير، أثير مَن يبحث عن المغانم،والمناصب، والمكاسب، والتمسك بأنانيته، والإصرار علىعناده، وعنجهيته؟!

فخامة الرئيس!

انكم أمام الاستحقاق، وحكم التاريخ!

فلتشكل الحكومة اليوم قبل الغد، لأنّ الوطن كما الشعبلم يعد يتحمّل الانتظاروهما فوق المصالح والحساباتالخاصة، واعتبارات المسؤولين الضيقة مهما علا شأنهم..

احذروا صولة الجياع، ولا تستخفوا بهم، فقد مضى زمنالإذلال، والتخويف من الغير، والاحتماء بالطائفة والزعيمالمواطن يريد اليوم الاحتماء بوطن يليق بأبنائه، وقضاءنزيه، شفاف، مرفوعة اليد السياسية عنه، يسوده العدلالحقيقي، ويحقق العدالة على الأرض، ومسؤولين شرفاءلا يخرجون من السلطة فاسدين بثروات غير مشروعة،لتشير عليهم الناس في ما بعد، بالبَنان وتلوك سمعتهم،وتلعنهم وذريّتهم، وتشتمهم في كلّ مناسبة تأتي علىذكرهم، وما أكثر المناسبات في هذا المجال!

*وزير الخارجيّة والمغتربين

المصدر: البناء

شاهد أيضاً

دبوس

ا لتآكل… سميح التايه ثلاثمائة من الصواريخ البطيئة، وبضع عشرات من المُسيّرات التي لا تندرج …