«فلسفة العناد فى زمن الباطل»

بقلم نيفين عباس  – جمهورية مصر العربية


من الصعوبة تغيير رأي شخص يتشبث برأيه لمجرد الإنتصار له لأن هذا النوع من الشخصيات تمتلك عقلية متحجرة غير قابلة للتغيير حتي ولو كان علي نحوٍ أعمي يفتقر للكثير من المنطق والحكمة والعقل، ففلسفة العناد والجدال بالباطل اصبحت هي المقياس للشعور بالإنتصار والقوة في ظل الوضع الراهن الذي فتح المجال للجميع لكي يدلي بدلوه في كافة القضايا وعلي جميع الأصعدة من السياسيين وحتي مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي، فخرجت حقبة من الخلافات القائمة علي العناد والتمسك بالرأي لإثبات الحضور فقط لا أكثر، الأمر لا يقتصر علي أصحاب الآراء السياسية الصارمة التي لا تتغير أو أعضاء الأحزاب الذين لا يوضحون في كثير من الأحيان ما هي النتائج الإيجابية الملموسة التي ستحصد نتيجة ذلك التمسك بالآراء، ولا حتي علي أصحاب العقائد واللحي الذين يبالغون في التشبث بالرأي لدرجة التطرف! بل إمتد حتي وصل للمنازل، فبين الرجل وزوجته نجد إصراف في ثقافة العناد لمجرد إثبات أنه المتحكم أو المتحكمة في المنزل، والعناد بين الزوجين هو أسرع طريقة يمكن أن تهدم المنزل في وقت قياسي، فنجاح الحياة الزوجية لا يتم سوي بالحكمة والود واللين بين الزوجين والتحلي بقدر كبير من التفاهم وتجاوز الهفوات وعدم الوقوف علي الزلات أو تصيد الأخطاء، فالجميع يدرك عواقب العناد لكن لا أحد يستطيع تحقيق التخلي عنه علي أرض الواقع ليصبح الأمر تراكمات سلبية صغيرة مستمرة تولد بالنهاية مشكلة ضخمة قائمة علي سبب بسيط، العناد في كل حالاته يدل علي عدم قدرة الشخص علي التوافق والتكيف مع الأخرين حوله وفي بعض الحالات قد يكون مؤشراً علي ضعف الشخصية الذي يختبئ خلفه شخصية هشه تحاول إظهار قوتها الزائفة، العناد ليس إسلوباً ناجحاً لتحقيق المطالب خاصة إذا كان التخلي عنه سيظهر ضعف رأي الرجل علي وجه خاص أمام أسرته أو زوجته، فالغالبية يترسخ في عقلهم أن الحياة الزوجية عبارة عن حلبة صراع يجب علي كل طرف بها إثبات أنه الأقوي والأجدر بتولي ذمام المبادرة بالرغم من أن الحياة الزوجية ميثاق غليظ يجب أن يضعف أمامه كل الصغائر التي يمكن أن تهدم جدار الود والمحبة فيما بينهم، ومن المعروف أن الرجل الشرقي بطبيعته يكره الرفض فكيف بزوجته التي سترفض رأيه وتظهر ضعفه أمام الأخرين، وهنا يتولد إحساس بالإهانة ينتج عنه العناد والتشبث بالرأي للإنتصار لكرامته حتي وإن كان مخطئ حتي لا تهتز صورته لأنه تعود علي تولي ذمام الأمور دون نقاش أو جدال، ولكي نكون أكثر إنصافاً هناك أيضاً فئة من النساء يتمسكن بالعناد لدرجة المرض، وهذا النوع من أصعب أنواع النساء التي يمكن التعامل معها لأنه يرجع لمراحل حياتها الأولي التي تعودت فيها علي تلبية كافة مطالبها مستغلة سيف العناد لتحقيق ذلكالعناد يولد التسلط والتسلط يولد القسوة والبغض والتنافر، يليه عدم الإحترام والتقدير للمحيطين ثم الإبتعاد بالنهاية، لأن العناد خرج من صورة الرفض للرأي الأخر ليصبح قرار وجب نفاذه علي حساب أي شيئ أخر، وعلي كل شخص معرفة أن التشبث بالرأي مرض يجب التغلب عليه بالإستماع للطرف الأخر وتقدير الآراء المخالفة حتي وإن لم نكن سنعمل بها، خاصة الزوجين الذي يجب علي كل طرف منهم التمسك بأدب الحوار وترك الجدال والأمور الصغيرة والمواقف السلبية جانباً خاصة عند الدخول في نقاش عن طريقة تربية الأطفال أو الأمور المتعلقة بالمنزل والنفقات، ومحاولة الإستماع للطرف الأخر والتفكير في وجهة نظره مع مراعاة إبعاد الأطفال عن دائرة الخلاف الناتج عن العناد لأن هناك الكثير من الأباء والأمهات يستغلون الأطفال في للإنتصار لموقفهم.

شاهد أيضاً

بايدن.. هل يُورّط أمريكا في مستنقعات الشرق الأوسط؟

    بدأ الرئيس الأمريكى جو بايدن حكمه فى كانون الثاني/يناير 2021 محاولا توجيه التركيز …