عائلات بیروتیة ذات الأصول العشائریة

المحامي فؤاد مطر

إ ّن الأسر البیروتیة ذات الأصول العشائریة تعود جذورھا إلى شبھ الجزیرة العربیة والیمن وفدت الى العراق وأسھمت في فتوحات بلاد ما بین النھرین وبلاد الشام وھي تنسب إلى عشیرتین أساسیتین ھما النعیم والزریقات.. وقد إستوطنت في عدة مناطق من حماه والجولان وحوران وحلب وسواھا لتستقر في السواحل اللبنانیة كحماة ثغور رابطوا في مناطق عدة خاصة في بیروت وتوزعت وفق سجلات النفوس في كل أنحائھا وبشكل أساسي في منطقتي المزرعة والخضر، وقد سمیت بمزرعة العرب نسبة إلیھم لأنھم أوائل من سكن فیھا بالقرب من حرج بیروت وعرف من ھذه العائلات آل مطر ویونس ودیاب والعرب ورحال وزنھور وآخرین بینما استقر الآخرون في حي الخضر التابع لمنطقة المدور وھي جزأ من بیروت. واشتھر فیھا مسلخ بیروت ومستشفى الكرنتینا التي أنشأھا إبراھیم باشا ابن محمد علي باشا حاكم مصر سنة ١٨٣٤ وعائلاتھا الأوائل ھم مطر ودیاب الذین انتقلوا من منطقة المزرعة )الحرش( وآل الخضر وشحادة والخلف والخطیب من السعدیات وآل الحسن والحسین والعلي وآخرین ث ّم توافدت إلیھا عائلات من عشائر البقاع وصور في جنوب لبنان، وكل ھذه العائلات من الطائفیة السنیة ترتبط بعلاقة نسب واحدة كما لایمكن فصل العائلات والأسر ذات الجذور العشائریة عن نسیج المجتمع البیروتي لأن أصولھا مشتركة وواحدة فیما بینھا تربطھا علاقة النسب والقربى والمصاھرة والحیاة المشتركة، وان سجلات الًنفوس تظھر ان أرقام سجلاتھم تترواح بین رقم ٢ و ٣٦٧ المدور وأیضا بالنسبة للمزرعة وغیرھا، وان عقارات المدور كانت تحتوي على أربعة طوابق وھناك أكثر من ثلاثمایة عقار مسجل في بلدیة بیروت تم إزالة معالمھا الكاملة في بلدیة حرب الستین
وكان أصحابھا من التجار وكانت مضرب مثل لسعتھا، والمنطقة كانت ملجأ لأعداد كبیرة من العاملین في مرفأ بیروت ومصانعھا ومعاملھا. اطلق اسم الخضر نسبة لمقام الخضر علیھ السلام الذي كان یتردد المؤمنون إلیھ وبناه والي صیدا عام ١٦٦١م. ان الذریقات والنعیم ھم من القبائل العربیة المنتشرة في كافة الدول العربیة وھي منسوبة إلى البیت النبوي الشریف.
وقد أشار كتاب “جامع الدرر البھیة “لأنساب القریشیین في البلاد الشامیة في الصفحة )٣٠٠( ان أسرة مطر )یتفرع عنھا عائلات یونس ودیاب على سبیل المثال( ھم من فروع النسب الشریف. ان جد عشیرت ّي النعیم والزریقات ھو عز الدین أبو حمرة اسمھ أحمد الأصغر عز الدین أبو حمرة، ویُكنى بأبي محمد ابن السید موسى الشھیر بنعیم ابن السید أحمد الصیاد وابن السید عبد الرحیم ممھد الدولة ابن السید سیف الدین عثمان ابن السید حسن الرفاعي ابن السید محمد عسلة ابن السید علي الجازم أبو الفوارس المغربي ابن السید أحمد المرتضى المغربي إبن السید علي أبو الفضائل المغربي ابن السید حسن رفاعة المكي ابن السید محمد المھدي ابن السید محمد أبو القاسم المكي ابن السید المحدث الوصي ابن السید أحمد الصالح الأكبر ابن السید موسى الثاني أبو سبحة ابن السید إبراھیم المرتضى ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي زین العابدین )السجاد( ابن الإمام الحسین ابن علي بن أبي طالب زوج فاطمة الزھراء. كان عز الدین أبو حمرة یبشر بالطریقة الرفاعیة، ویزوره السلطان الملك الظاھر بییرس، وقد مات عز الدین عام ٦٧٥ ھجریة، مقامھ قرب مدینة حماه في قریة سمیت باسمھ بعد وفاتھ ” قریة عز الدین”. ومازال الزریقات ینسبون أنفسھم بفخر واعتزاز بنسبھم إلى الإمام زین العابدین، والنعیم إلى الشیخ عز الدین . دافعت ھذه الأسر المرابطة عن عروبة لبنان، وكانت رائدة في العمل الوطني والقومي، وقدمت الشھداء، وسقط لھا الشھداء ضد الاحتلال
الفرنسي، والشھداء الأوائل في أعقاب انتفاضة ١٩٥٨ ضد مشروع إیزنھاور وأوائل من دفن في جبانة الشھداء الحرج. ومنذ بدایة الخمسینات ارتبطت ھذه العائلات سیاسیًا بالتجربة الناصریة وكانت الانطلاقة الأولى لأول حركة ناصریة في العالم العربي من منطقة الخضر المسلخ والأساس في معركة انتخابات عام ٧٢ من منطقة العرب المزرعة وأدت الى الفوز الكاسح للمرشح الناصري للندوة البرلمانیة. وكانت منطقة الخضر المسلخ أولى من ارتكب بھا المجازر في الحرب العبثیة عام ١٩٧٥ حیث سقط مئات الشھداء من أبنائھا، وھجروا قس ًرا إلى الدول الأوروبیة وغیرھا وإلى كل مناطق بیروت والضاحیة وبشامون ودوحتي الحص وعرمون والناعمة… ان أبناء ھذه العائلات موظفین في الدولة ومحامین وقضاة وأطباء ومھندسین وضباط عسكریین وأدباء وإعلامیین ومخاتیر وت ّجار وفي كافة القطاعات السياسية والاجتماعية ولهم الدور الفاعل في المجتمع.

•