مفأجأة فوق التوقعات

نبيه البرجي

الفيتناميون وصفوها بـ”الشيطان المجنح” . لم تكن راقصة البولشوي على وقع “بحيرة البجع” لتشايكوفسكي . وحين تظهر في السماء , كان هذا يعني , كما قال الفيلسوف الفرنسي لوي ألتوسير , “أن ثمة مقبرة أخرى في الطريق الى أولئك البؤساء” !
انها القاذفة الأسطورية “بي ـ 52 H ” . من قاعدتها في داكوتا الى الشرق الأوسط . أي مقبرة في الانتظار ؟ جون كول , استاذ التاريخ في جامعة ميتشيغان , قال “كنا نعلم أن الرئيس يمتلك صلاحيات الأنبياء , لكننا لم نكن نعلم أنه يمتلك حيناً , صلاحيات قاطع الطريق , وحيناً صلاحيات المهرج” .


لا أحد يعلم ما الغاية من ارسال دونالد ترامب القاذفة الى منطقتنا التي غالباً , ما يسأل أهلها “لماذا يفترض بنا , بنا فقط , أن نبقى قابعين عند أبواب الجحيم ؟” .
استطراداً , ماذا اذا لامست القاذفة الخطوط الايرانية الحمراء ؟ المعلومات تقول ان البنتاغون رفض طلب البيت الأبيض تزويدها بالقنابل النووية . هل حقاً أن دورها يقتصر على ما تقوم به راقصة البولشوي ؟ ليلة الفالس على ضوء القمر …
الجنرالات يعلمون أن الفيتكونغ كان يسقطون , بصواريخ “سام” البدائية آنذاك , قاذفة كل يوم من هذا الطراز . الفلاحون على ضفاف الميكونغ كانوا يصنعون من حطامها خاتم الزواج , وكانت الأساور التي تصنع من هذا الحطام تصل الى الدول الصديقة لهانوي للتدليل على أن بالامكان التصدي للعظمة , أو للغطرسة , الأميركية .
القاذفة في مهمة طويلة المدى في الشرق الأوسط , حسبما ذكرت واشنطن , كما لو أن دونالد ترامب باق الى الأبد . ألا تكفي حاملات الطائرات , اضافة الى العشرة آلاف طائرة , بما فيها طائرات “اف ـ 35 ” التي تتكدس في ترسانات البلدان الحليفة في المنطقة ؟
الشرق الأدنى مثلما هو على خط الآلهة , كما قال لورنس العرب , هو على خط الزلازل , كما قال هيرودوت . المنطقة مشرعة على كل الاحتمالات . جيمس ماتيس , وزير الدفاع السابق , قال “أثناء لقاءاتي مع ترامب , كنت ألاحظ أن فكرة الزلزال النووي فكرته المقدسة” !
حين تتلاحق المؤشرات على استعداد الرئيس الأميركي لقيادة بلاده الى الانفجار , ألم يكن دائماً مستعداً لدفع الشرق الأوسط الى الانفجار ؟ رأيان في واشنطن . احدهما يقول “في لحظة الحقيقة , لا بد للثور أن يتحول الى ضفدعة” . الرأي الآخر يقول “انه الثور البابلي , ولا احد باستطاعته التكهن بما يمكن أن يفعل” .
معلقون أميركيون يرون ان ارسال القاذفة , وسط هذه البروباغندا , لا بد أن يثير قهقهات آيات الله . هؤلاء الذين يتمنى دونالد ترامب ازالتهم من الوجود لأنهم لم يمتثلوا لمحاولته جرهم , حفاة , الى ردهة المفاوضات . لا بل ان الكاتبين في “الواشنطن بوست” ايشان ثاور وجايسان رضائيان , يعتبران أن كل تصرفات الرجل تشي بأنه يعمل لحساب النظام التيوقراطي في طهران .
كيف ؟ على مدى أربع سنوات من الضغوط والعقوبات الهائلة , لم يتراجع الايرانيون قيد انملة . رداً على خطوته الخروج من الاتفاق النووي , زادوا , بأضعاف , كميات اليورانيوم المنضد , وكذلك أجهزة الطرد المركزي , ما يجعل القنبلة تقترب أكثر فأكثر من أصابع … آية الله خامنئي .
الأمر الآخر أن ملايين الايرانيين الذين يرفضون البنية الايديولوجية للنظام , والذين يشتكون من تردي الوضع المعيشي , يلتفون حوله لأن دونالد ترامب لم ياخذ بالاعتبار أن العقوبات لا تخنق النظام , بل تخنق الناس …
الأهم أنه لم يتمكن من توجيه الضربة العسكرية القاتلة الى ايران , وهو الذي تعهد لبنيامين نتنياهو , أن يجعل من طهران هيروشيما أخرى , ليبدأ من هناك التاريخ الآخر للشرق الأوسط , بصولجان ملوك التوراة .
هكذا تبعثر العرب , وتوحد الايرانيون . ماذا يمكن أن تفعله الـ”بي ـ 52 H ” في الأيام الأخيرة من الولاية ما لم تفعله الأساطيل على مدى أربع سنوات ؟
شخصية خليجية قالت لنا : انتظروا مفاجأة فوق كل التوقعات !!


شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …