باسيل ينحني أمام العاصفة وحزب الله لا يقفل ابواب مار مخايل.. سلبيات الافتراق خطيرة

من اكثر الأسئلة إشغالا لتقديرات السياسيين اللبنانيين، حقيقة العلاقة الراهنة بين التيار الوطني الحر وحزب الله والتحولات التي طرأت عليها بفعل التعقيدات والظروف الحرجة التي أحاطت بموقع الطرفين في السنوات الأخيرة، ويبدو السؤال عن هذا الموضوع مشروعاً إذا أخذ بعين الاعتبار افتراق الطرفين في محطات كثيرة واختلاف أدائهما في مقاربة الملفات اللبنانية وما تركته المواقف المتتالية لرئيس التيار البرتقالي النائب جبران باسيل من انطباعات مثيرة للتساؤل، فنائب البترون أطل على موضوعات خارجية وداخلية رسمت مساحات فارقة بين الطرفين ولم تخل من نقد صريح وواضح في أحيان عديدة.

ما يلفت في المقابل أن سياسة حزب الله في التعبير عن المواقف الخلافية مع التيار الوطني تلتزم بالتحفظ والتزام الصمت، إذ أن ترصد مواقف ناقدة يحتاج إلى جهد استثنائي كي يتم تلقفه في مواقف الحزب ومسؤوليه.

فهل باتت العلاقة بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك على مفترق طرق الطلاق؟

ثمة حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي أن بيئتي الطرفين باتتا تضمران انزعاجا صريحا الأمر الذي خفت التعاطف الذي كانت تظهره كل بيئة تجاه قيادات الطرف الآخر. ولا شك بأن الطرفين يواجهان تعقيدات شائكة للمحافظة على الوتيرة المتماسكة التي طبعت العلاقة بينهما منذ توقيع اتفاق مار مخايل، وبالمقارنة بين حسابات كلا الطرفين يبدو التيار العوني هو الأكثر حراجة من حيث موقعه وظروفه في حين أن مصدر الحرج الوحيد الذي يثقل كاهل حزب الله في العلاقة مع التيار الوطني الحر ،يتمثل بعلاقة الاخير مع الرئيس نبيه بري وحركة أمل والتي يعتبرها حزب الله ثابتة تتقدم على كل الثوابت الأخرى.

ان أبرز ما حققه كلا الطرفين منذ مار مخايل ولغاية اللحظة هو المساهمة في ايصال العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، فتوفير الغطاءين المسيحي والوطني للمقاومة فضلا عن ايصال الطرفين بالتعاون مع بعض الحلفاء أغلبية برلمانية قلبت التوازنات التقليدية داخل الساحة اللبنانية، ومع ذلك فإن كل شعارتهما( التيار والحزب) وأهدافهما الأخرى وصلت إلى حائط مسدود وتهاوت أمام التعقيدات اللبنانية، فلا بناء دولة، ولا إصلاحات بنيوية ولا مكافحة فساد، ولا كل المتفرعات عن هذه العناوين الأساسية، بل ثمة واقع مناقض تماما لهذه العناوين من حيث النتائج والذي يمكن اختصاره بحالة ترهل الدولة ومؤسساتها وانهيار الدولة وتداعي الأوضاع الاجتماعية والمالية والاقتصادية وتفاقم الصراعات المذهبية.

في الآونة الاخيرة، اشتدت وطأة الضغط الدولي على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والنائب باسيل، ومورس عليهما نوع من الحصار الدولي ترافق بالتلويح بعقوبات أميركية وأوروبية ايضا ، في مقابل كل ذلك ارتأى النائب العوني البتروني الانحناء أمام العاصفة ، وعبر عن ذلك بالرضوخ الى المبادرة الفرنسية وانسحابه من حلبة التمثيل الرسمي للتيار الوطني الحر داخل السلطة والامتناع عن أية اشتراطات تجاه المسار السياسي للتأليف، فرفع (dose) المواقف الافتراقية عن حزب الله، فشكل المؤتمر الصحافي الاخير لباسيل، الإطار الأكثر تظهيرا لرزمة التعبير عن هذه الموضوعات برمتها.

فهل ستسير الأمور فعلا تجاه الافتراق العميق والحقيقي وإعادة تموضع التيار الوطني الحر على أرضية سياسية مختلفة

تسود في أوساط المطلعين على أجواء هذه العلاقة انطباعات عدة هي’

اولا : أن حزب الله يدرك حراجة الموقف الذي يتعرض له التيار الوطني الحر وبالتالي فإنه يتفهم حالة الاضطرار التي تدفع باسيل إلى إطلاق مواقفه التباعدية، ولذلك ليس من الحكمة البناء على هذه المواقف خارج السياق الاضطراري الذي يمر به التيار.

ثانيا:لم يكن الرئيس عون في وارد الاندفاع في مسار تشكيل الحكومة متجاهلا العقدة الشيعية رغم كل المواقف التي أطلقها في الأيام الماضية.

ثالثا إن حاجة كلا الطرفين إلى الآخر لا تزال راسخة، فالسلبيات الكبرى التي ستصيب كلاهما في حالة الافتراق، هي أخطر بكثير من أية أعراض راهنة تعاني منها العلاقة بين الطرفين بفعل الظروف المختلفة؛ فالتيار البرتقالي من غير حزب الله سيبدو قوة بلا حلفاء، وسيكون أقل قدرة في التأثير في الملفات الداخلية سواء في الحكومة أو في البرلمان على صعيد مشاريع واقتراحات القوانين. أما حزب الله فلا مصلحة له أيضاً على الإطلاق التفريط بالغطاء المسيحي للمقاومة لا سيما في الوقت الراهن الدقيق والحرج، وهذا الأمر في حال حصوله سيشكل انكشافا خطيرا في التوازنات الداخلية وفي علاقة حزب الله بالدولة.

وسط ما تقدم، يمكن القول إن اضطرابات المرحلة الراهنة قد تحدث اهتزازات في العلاقة لكن من المستبعد أن تؤدي إلى تفكك وتداع لمعادلة التفاهم بينهما أو ما يسميه البعض بنعي وثيقة مار مخايل.

شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …