العصيان المزيف .. بايدن والكلاب

نارام سرجون

كلما كان جلد الكلام املس تنبهت أعصابي وشممت رائحة السم فيه .. كلام الثعابين أملس مثل جلودها .. ويتسلل في الظلام مثل اجسادها بصمت ودون دبيب الأقدام .. وعندما يصدر الكلام الأملس عن الزواحف علينا أن نتوقع عملا قذرا فيه السم أكثر مما فيه من السلم .
..
من سيقنعني ان العجوز جو بايدن قد كلف نفسه وجاء الى الشرق الاوسط لكي يحصد كلاما فيه خيبة؟ وأي كلام سيجعلني أصدق ان الكلاب العربية صارت لها كرامات وترفض وتتمرد؟؟ كيف لدول خليجية صارت كلها محشوة بالمخابرات الاسرائيلية بحجة التطبيع والسلام أن تتمرد وترفض وتعلن العصيان؟ .. الموساد ينام في غرف نوم الأمراء ومع زوجاتهم .. والموساد يعرف في الخليج كل مفاصل الدولة وهو يطلق النار على صدر اي أمير اذا حاول ان يكون أميرا عربيا .. فهذا الجمع الذي جمعه بايدن وأخرج منه كلاما رخوا وفيه بطولات عربية زائفة فيه خدعة لاتقل عن خدعة ماقبل الربيع العربي .. فهل الحقيقة ان الاميريكي يواجه عصيانا في قطيعه وأنه فقد عصاه ؟؟ وهل صحيح انه جاء فقط من أجل حملة انتخابية امريكية ام انه جاء ليعلن انه صار واقعيا وسيقبل بقضاء الله وقدره من ان القطيع خرج عن طاعته

هل تذكرون كيف انه بعد تقرير بيكر هاميلتون ادرك الاميريكيون انهم خسروا معركة العراق بسبب سورية وايران .. فكان القرار ان يتم سحق سورية بالخديعة .. فجاء الملك عبدالله بنفسه الى دمشق .. وارسل الصبي السعودي سعدو الحريري ليعتذر من دمشق .. وصار شيخ قطر حمد لايطيب له الا كلام الشعراء في دمشق ولا يطيب له الا ان يزور دمشق في الصباح والعشي .. وحتى أردوغان جاء الى دمشق فاتحا ذراعيه .. ويومها كان ملك الاردن يطلق تهمة الهلال الشيعي كي نعتذر اكثر وكي نتسابق في اظهار اننا لاننتمي الى محاور شيعية .. وصرنا نتهاوى امام كل شعار سني ..

وكان كل ذلك من اجل ان يتسلل الربيع العربي الى دمشق .. وكانت جبهة النصرة جاهزة في الادراج والبدائل السلطوية اكملت استعدادها .. وكلما زاد الكلام نعومة وبرودة وجرت من تحته الانهار كنا نقترب من الكارثة الكبرى التي سميت الربيع العربي الذي كان مشروع انتحار جماعي للشعوب ..
كلام القمة العربية مع بايدن وادعاؤها بأنها لم تأت من أجل ايران ولا من اجل الحرب وأنها داعية سلام ومودة .. وانها لم تبحث قضايا النفط .. كل هذا لايملك عندي رصيدا ولا أشتريه ولاأتعامل معه الا على انه نوع من أنواع الحشيش والمخدرات الرخيصة المغشوشة .. فمشروع اميريكا الآن يعتمد على الشرق الاوسط لمواجهة روسيا في اوروبا .. اميريكا واوربا تريان ان على روسيا ان تفقد فيتو الغاز والطاقة .. والحل في باطن البحر المتوسط وقبالة شواطئنا الشامية .. ولكن الغاز الغزير تقف بينها وبينه قوة عنيدة اسمها محور المقاومة .. وفي رأس المحور حزب الله .. ولم تنفع مع هذا المحور اية حلول عنيفة منذ احتلال العراق الذي أريد به تنفيذ حكم اعدام بالعراق ومن ثم اسقاط كل مابعد بعد العراق حتى غزة .. وتكررت المحاولات منذ عام 2006 حيث نجا حزب الله من قرار اعدام ميداني .. وعندما تبينت استحالة تنفيذ حكم الاعدام لأن حزب الله أظهر بأسا لامثيل له تقرر اعدام حاضنته سورية .. وكان الربيع العربي قرارا بتنفيذ حكم الاعدام بسورية .. واستمرت المحاولات بعناد طوال عشر سنوات .. ولكن سورية نجت .. وهاهي نتائج هذه الخسارة تظهر في اوكرانيا حيث لاسبيل لهزيمة روسيا الا في سحقها اقتصاديا لأن الحرب النووية تعني النهاية مع روسيا الصاعدة .. ويبدو ان الامل الوحيد الباقي للامريكيين هو غاز المتوسط وبغيره انتهت الحرب الروسية في اوكرانيا باعلان نهاية العصر الغربي .. الحرب مع الشرق الاوسط أسهل من الحرب مع روسيا ولكن روسيا ايضا تدرك ان الاستيلاء على غاز المتوسط هو استيلاء على مشروعها الأوراسي الصاعد وعودة روسيا .. وهي معنية بهذه المواجهة لأنها جزء واستكمال للحرب في أوكرانيا .. ويدرك الاميريكيون ان الحرب في الشرق الاوسط ان كانت هي الحل فانها ستكون مؤلمة جدا لأن محور المقاومة يتمتع بقدرة بأس كبيرة وستكون روسيا معه سرا وعلانية .. فهل الافضل التحرك استخباراتيا وخلط الاوراق باغتيالات وحروب محلية شديدة الانفجار ..

قبل اغتيال عماد مغنية يأسابيع قالت الاخبار ان هناك اجتماعا أمنيا ضم قادرة استخبارات سبع دول عربية مع السي آي ايه .. وكان هناك قرار متفق عليه باغتيال عماد مغنية .. والاستعداد لرد الفعل في أحواله العنيفة .. واليوم قد يكون الاجتماع العربي مع بايدن لاتخاذ قرار خطير بتحرك أمني تشرف عليه الاستخبارات من هذه الدول التي تديرها السي أي ايه .. فأي عمل أمني خطير في لبنان مثل اغتيال شخصيات سياسية لتفجير الوضع اللبناني ضد حزب الله يجب على الاميركيين والاسرائيليين ان يكونوا على استعداد له .. او ضمن حزب الله .. لأن لا أمل لمواجهة حزب الله عسكريا الا بحل أمني مثل اغتيال شخصيات لبنانية وازنة وتحريك الطوائف عليه .. وأسهل شيء في لبنان هو الاغتيالات واصطياد عصافيره السياسية الموضوعة في أقفاص استخبارتية امريكية محكمة الاغلاق كما كان اغتيال الحريري سهلا بسبب اختراقه امنيا من قبل طاقم أمنه الشخصي .. ولاتوجد شخصية لبنانية ليست على قائمة الاغتيال الامريكي اذا كان غيابها سيكون مفيدا .. والاغتيال ضمن قيادات حزب الله قد يكون هو الهدف الاكبر لكنه حتما العمل الأصعب على الاطلاق .. ولكن اي اشغال لحزب الله وفق اي سيناريو يعني اخراجه من المواجهة في غاز المتوسط جريحا ..

في أعقاب النكسة قال عبد الناصر توقعنا ان يفاجئنا العدو من الشرق فجاءنا من الغرب .. وهذا مايجب ان نتذكره في كل معركة .. الاسابيع القادمة ستكشف ان بايدن جمع الشرق الاوسط لا ليستمع الى العصيان ولا من أجل حملة انتخابية .. هذا وهم .. بايدن مكلف من مجمع الدولة العميقة .. لعمل ظاهره غير باطنه .. ولكن باطنه نعرفه اذا عرفنا لماذا كان غزو العراق ولماذا كانت حرب 2006 ولماذا كانت الحرب على سورية وكيف تدار الحرب في أوكرانيا .. والأهم أننا سنعرف كيف يفكر الاميريكي بعقل غدار .. وعقل لايهدأ .. وعقل لايتورع عن فعل اي شيء من أجل أنانيته وجشعه وطمعه ورغبته في التسلط وحكم الآخرين ..

والاسابيع القادمة أيضا ستكشف لنا أن الطرف الاخر في محور المقاومة صار يعرف الاميريكي أكثر مما يعرف الاميريكي نفسه .. وأن لا غاز في المتوسط الا بقرار من أهل المتوسط .. وسنكون بانتظار العدو شرقا وغربا وشمالا وجنوبا .. وسنؤكد على أن كل مصادر الطاقة في العالم ستكون في أيد أمينة منذ اليوم .. وان أوروبا ان لم تتغير ولم تتمرد على اميريكا فانها ستعيش العصر الجليدي .. وأن أميريكا واسرائيل لن تقدرا على تدفئتها .. لأن كتلة الطاقة تمر من هنا .. طاقة البشر وطاقة القرار وطاقة التحدي .. قبل اي طاقة أخرى ..

شاهد أيضاً

أفرام: “اقتراح قانون مع زملاء لتأمين تغطية صحية واستشفائية فعلية ولائقة للأجراء من خلال إتاحة خيار التأمين الخاص”

كتب رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان” النائب نعمة افرام على منصة “أكس”: “نظراً للآثار …