الصراع الأمريكي-الروسي في الجليد الأوكراني.. هل تنطلق شرارة حرب عالمية ثالثة؟

 

السفير الدكتور هيثم ابو سعيد لـ”كواليس”: الروس فرضوا ايقاع التحرك وليس العكس.. التلاقي العربي ـ العربي لوضع صيغ تلائم المصالح المشتركة

كتب أحمد موسى

بين المفاوضات المتعثرة والمعارك الطاحنة، تصعيد حاصل ومستمر لممارسة الأحادية المصاحبة خلط الأوراق وصفيح نار المتغيرات، تستقبل روسيا متطوّعين من الشرق الأوسط، وبخاصة من سوريا والعراق، بينما يتدفق متطوعون أوروبيون وأميركيون على كييف، قدوم المتطوعين لا يبشر بالخير ولا بالوصول سريعاً الى وقف للنار، أوكرانيا تستعد لمعركة طاحنة في كييف، الدولة وزعت السلاح على الشعب، ولا تزال، والغرب مدّها بالسلاح والذخيرة، ومستمر، وبخاصة صواريخ ستينغر ضد الدبابات، فأضحت أوكرانيا ضحيّة الصّراع الأميركي – الرّوسي، وسط ذوبان جليد السلام على فوهة اتفاق نووي يقود تغييراً عالمياً ورسم لمعالم واقعٍ جديد وسط معادلات خلط في أوراق المنطقة والإقليم والعالم.

 

حلف عربي إسرائيلي

حلف مصري ـ إماراتي ـ إسرائيلي لطمئنة العدو الصهيوني الخائف من توقيع الإتفاق النووي بين ايران والغرب بقيادة اميركا، حيث يعود تاريخ الصراع الأميركي – الروسي إلى نهايات الحرب العالمية الثانية، ونشوء المعسكرين الغربي والشرقي، والمجابهة العالمية والجيوسياسية والاقتصادية والإيديولوجية بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة، وبين الاتحاد السوفياتي من جهة أخرى، وأثبت كل من الطرفين مجال نفوذه من خلال الكتلتين السياسيتين والعسكريتين، وهما حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو، وفي السباق على التسلّح وظهور ما يسمى بالحرب الباردة.
فتفكّك الاتحاد السوفياتي في العام 1991، أثّر في العلاقات الأميركية – الروسية، وأنتج الواقع الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة بيئة دولية جديدة تمثلت بتفرّد الولايات المتحدة على العلاقات الدولية بجميع جوانبها والسيطرة، الأمر الذي انعكس على طبيعة العلاقات الأميركية الروسية، وأصبحت غير متكافئة خاصةً خلال تسعينيات القرن الماضي.

تراجع أميركي

واقع التفرّد والتسلّط الأميركي يأخذنا إلى مجريات الرابط بين تخلي واشنطن عن أفغانستان وترك أوكرانيا وحيدة، أمر يؤسس على تراجع واشنطن كزعيم أوحد في هذا العالم، ووفق مرجعٍ ديبلوماسي أممي يؤكد على “تراجع واشنطن ككقوة وزعيم أوحد عالمياً، ليضيف، أن مشهدية الصورة في أفغانستان وأوكرانيا، هي “نفسها”، وأن ما حصل من مواقف و”تراجع من الجانب الأميركي” هو “ليس بجديد” عندما تواجه بشكل جدي منازع جدي وقوي.
وينظر المرجع الديبلوماسي أن أميركا “لم تكن القوة الأوحد في العالم، إلا لأنها تُركت في ذلك نتيجة انشغال باقي الدول في تطوير قدراتهم”، وعندما نضجت رأينا كيف “فرضت نفسها في الساحات وهي اليوم تفرض شروطها”، ومن ذلك فرض التعامل بالعملة الروسية (الروبل) في تصدير منتجاتها النفطية.
العالم في مرحلة انتقال، لا حرب باردة جديدة كما كان عليه الحال قبل انهيار الإتحاد السوفياتي، ولا عودة في المقابل إلى الخنوع الروسي الذي أسس له بوريس يلتسن، فنظام القطب الواحد المهيمن يمرّ بأصعب مراحله وربما آخرها، وثمة نظام عالمي جديد يطل برأسه، من دون أن تتضح ملامحه وقواعده، أو يأخذ شكله النهائي.

 

مقدمة لحرب عالمية ثالثة

“إن الحرب الروسية الأوكرانية قد تأخذ شكلاً كمقدمة لحرب عالمية ثالثة، فكل شيء وارد، خصوصاً إذا ما رأينا التحرك والتموضع الأخير للناتو وباقي الدول”، وفقد ما قاله المبعوث الخاص الدائم للجنة الدولية لحقوق الإنسان والمجلس الدولي إلى الأمم المتحدة في جنيف السفير الدكتور هيثم أبو سعيد في اتصالٍ مع مجلّة “كواليس”، معتقدا أن الروس هم من “فرضوا ايقاع التحرك وليس العكس كما يحاول البعض تسويقه لأسباب معنوية”، وخير ما أشرنا إليه هو كلام الرئيس بوتين عندما قال: “إن كل الإجراءات التي اتخذها الغرب هم تحسبوا لها جيداً”.

مسار تغييري عالمي

إن المعركة الإقليمية فيما كان يُعرف بالاتحاد السوفياتي سابقاً، “لا يقتصر على بعض الأمور فيها، وانما مدى العمق الاقتصادي الذي يشكله هذا المحور تجاه أوروبا، والذي يمكن أن يكون إيجابي وسلبي في نفس الوقت”، وفق السفير أبو سعيد، الذي رأى، “إن مسار هذه المعركة نهايتها معروفة برغم الخسائر التي قد تقع على الجانب الروسي”، وبرأينا فإن المعركة “لم تبدأ بعد بالحجم الذي قد تصل إليه، لمعرفتنا أن الرئيس بوتين ما زال في طور البداية من ما يدور في رأسه، وما قام به حتى الآن إلا اختبار للموقع الجغرافي العسكري، وما في الجعبة مخيف ونأمل أن لا نصل إليه”.

السفير الدكتور هيثم ابو سعيد

يُشكّك السفير الدكتور هيثم ابو سعيد بأن الأمم المتحدة تكيل بمكيالين بما يخص الوضع الإنساني في أوكرانيا وباقي الدول العربية ذات النزاعات القديمة والمتجددة، على اعتبار أن الأمم المتحدة “تعمل جاهدة فرض القوانين على من يقوم بانتهاكات ويرتكب الجرائم الكبرى”، لكن غالبا ما يتم وقف أو تأجيل بعض الإجراءات نتيجة “لعب بعض الدول على القوانين وعملية الابتزاز” في أحيان أخرى.

في الإقليم

وفيما الأمم المتحدة لم تصل بعد إلى الصورة الواضحة عن مدى “تأثير الحرب العسكرية على الوضع المعيشي والاقتصادي”، والحلول المرجوة، أمل السفير الدكتور هيثم ابو سعيد الوصول إلى ”تسويات سياسية كبرى تريح ليس فقط الجبهة الاوكرانية ـ الروسية وانما العالم بأسره الذي بات واضحا أنه مرتبط بشكل وثيق بنتائجه على كل المستويات”.
وحول ما “نشهده من تقارب بين دول الجوار، الأسد في الامارات، السعودية تغازل سوريا، لقاء ثلاثي في مصر ومعه الإسرائيلي، الملف النووي الإيراني ـ الأميركي اقترب عقد قرانه، رأس الديبلوماسية الإيراني في بيروت، أمل السفير الدكتور هيثم ابو سعيد “أن تكون كل اللقاءات في المصلحة العامة للعرب والمسلمين، وخارج هذه المصلحة يبقى الأمر بالنسبة للعالمين العربي والإسلامي مندرج في المرتبة الأقل بعد رص الصفوف ووضع صيغ تلائم المصالح المشتركة”.

الغزل السعودي ـ السوري

وعمّا إذا كان الغزل السعودي ـ السوري يعيد السعودية إلى لعب دور سياسي من البوابة السورية، أكد السفير ابو سعيد أن كل الأوضاع الإقليمية على لبنان بات “ينعكس وضوحاً في المسار حيث التشابك الطائفي والمذهبي الذي يعكس مواقف سياسية في الداخل اللبناني سواء كانت إيجابية ام سلبية، تضع لبنان في مواقف إحسانا محرجة ومتناقضة”.
وأضاف، اليوم هناك مواقف ايجابية بين الجمهورية العربية السورية والمملكة العربية السعودية وهذا أمر جيد “يجب الاستفادة منه من أجل الخروج من المواقف المتشنجة بين الاطراف، ومن أجل إرساء ثبات اجتماعي الذي يعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي والمعيشية”.
أما لجهة الدور السياسي الذي قد يطرأ على هذا التفاهم لكلا الطرفين، فهما “لم يخرجوا أساساً من المشهد اللبناني وتأثيرهم عليه”، لكن بدلا أن يكون كل واحد منهم من جهة والنزاع قائم بينهما، يمكن من خلال هذا الغزل الذي إشراك إليه “عامل تجاذب وتقارب” وهذا افضل للتضامن العربي والإسلامي.

تأجيل الانتخابات النيابية

وحول عودة العلاقات العربية ـ العربية عما إذا كان فيها خلط أوراق جديدة في المنطقة وفي مقدمتها تأجيل استحقاقات ومنها الانتخابات النيابية اشهرا كما يقال، اعتبر السفير ابو سعيد أنّه “لا بدّ من أن تستقيم العلاقات العربية ـ العربية والغربية ـ الإسلامية في نهاية المطاف”، لافتاً إلى أن هذا الخلط إذا ما حصل فهو إيجابي وليس سلبي، شرط أن تكون التفاهمات هذه المرّة أفقية وليس عامودي لضمان استمرارها خارج الاصطفافات الدولية ولو بالحد الأدنى.
أما بخصوص الانتخابات التي ما زالت أسهما عالية في موعدها المقرر، فإن كانت التفاهمات تريح الشارع السياسي والشعبي فلا بأس بها، وان تكون غير إلغائية لأحد وان “تعطي مساحة للكل من أجل الانقسام عن آرائهم بعيدا عن الضغوطات والكلام والشعارات الاستفزازية”.
ليختم السفير الدكتور هيثم ابو سعيد أنه “لا يرى تغييرات كبيرة في المشهد التمثيلي في البرلمان اللبناني”، معتقداً “أننا أقرب إلى الإستفتاء السياسي أكثر من انتخابات كما نعهدها في الشكل التقليدي، وهذا أخطر لأنه قد يؤدي إلى استعمال أساليب حادة وجارحة”.

شاهد أيضاً

علامة عرض اوضاع لبنان والمنطقة مع سفير هنغاريا

استقبل رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النائب الدكتور فادي فخري علامة سفير هنغاريا في لبنان …