سياسة الضغوط العسكرية / روسيا والغرب

الكاتبة رنا العفيف

حركة دبلوماسية نشطة كانت على جدول أعمال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنظيره الروسي فلاديمير بوتين ، على خلفية استمرار سياسة الضغط العسكري التي ينتهجها حلف شمال الاطلسي تجاه روسيا ، واتصال هاتفي بين بايدن وماكرون عقب هذة الزيارة قبيل اللقاء الذي يثير الجدل والقلق،،
ماهي دلالات هذا الأتصال ، وهل حقا” ماكرون يستطيع إيقاف الحرب بين قوتيين نوويتين؟

موسكو التي جمعت الغرب في زاوية مطالبها الأمنية نجحت إلى حد ما في إجبار بعض العواصم الأوروبية وفي مقدمتها باريس وبرلين ، على خوض حوار منفصل معها بالرغم من التأكيد على موقف الغرب من القضية الاوكرانية ، لاسيما أن الكرملين اوضح بأن القضية ليست بأوكرانية بل المسألة أبعد من ذلك ، أي بمعنى أن واشنطن كما قلنا في السابق تسعى لجعل اوكرانيا أداة لاحتواء روسيا ومنعها من أي دور أساسي في العلاقات الدولية ،وبالتالي تكون قد اجهضت ولادة عالم متعدد الأقطاب ، والذي بدأ يتشكل فعليا بفضل الصيني بحسب تعبيرها ، ليتقدم فيما بعد الرئيس الفرنسي على أنه الأسد الذي يستطيع ترويض الدب الروسي ، متأملا” استعراض عضلاته ، وذلك للبقاء في حملته الإنتخابية ، وهو على يقين بأن معاداة روسيا ليس بالأمر السهل كما انها ليست الورقة السياسية التي يساوم عليها في الوقت الحالي ، مستغلا” هذة المبادرة بالحوار مع موسكو ، لعله يقطف ثمار الوساطة لإنهاء الحرب الروسية، أما بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين فهو مستعد للحوار مع اي جهة تمتلك القدرة على أقناع الأخرين بأن السيل قد بلغ الزبى لدى الروس ، ليبقى الملف الاوكراني هو ابرز العناوين على الساحة الاقليمية والدولية ، عقب زيارة ماكرون وما يستطيع فعله على طاولة موسكو ؟

وبما ان ماكرون هو رئيس الاتحاد الاوروبي لمدة ستة اشهر، كما انه سيترأس قمة بروكسل بين اوروبا وافريقيا، يحاول انتهاز فرصته في ظل معركته الإنتخابية متمثل بمسرحية هزلية تحت عنوان انا رجل سياسي ذو مصداقية عالية (شوفوني) علماً أن هذا السيناريو يعلم به الروسي وهو متيقن بأنه ليس من إخراج الفرنسي لأن القرار الحاسم بيد واشنطن، ومع ذلك مستمرة بالمحادثات لغاية ما، إضافة الى ما يمكن لنا أن نعول عليه هو اتصال بايدن بماكرون قبل زيارته، والتي تحمل إشارة سياسية بالمعنى الحرفي للسياسة تؤكد بأن القرار ليس بيد ماكرون بل للولايات المتحدة الامريكية، والحكم الأول والأخير في مصير الأتحاد الاوروبي لواشنطن تحديداً رغم توصل الرئيسين الروسي والفرنسي الى محادثات ايجابية إلا ان موسكو لا تقتنع بهذة المحادثات ضمنيا، فهي تدرك النوايا الحقيقية لزيارة ماكرون لها، كما تعلم بأن القرارات تتخذ من الولايات المتحدة وليس في باريس ، لماذا ؟ لأن حقيقة واشنطن لا تريد تخفيف التوتر بل تريد التصعيد ، مما سيمنح لماكرون فرصة بفتح ملف الاتفاقيات ،و التي تلوم بها روسيا اوكرانيا، و هي مسألة الأمن المشترك في اوروبا والتي أرادها الحلف وامريكا بتغيير قواعد اللعبة بالانسحاب من كل الاتفاقيات وكان اخرها السماوات المفتوحة ، وسط تحديد جغرافية الناتو ووضع قواعد للناتو والاتحاد بحسب الاستراتيجية الروسية التي تتناسب مع الخطاب والسلوك الروسيان اللذان هما بيد الغرب وللاوروبيين تحديدا”،
في حال تم اي اعتداء إلا ان فسحة الأمل تبقى بالحوار الدبلوماسي الأنجع بالنسبة لروسيا ، تفاديا لأي صدام عسكري ، ولكن هناك حلقة سياسية مفقودة ، من خلال الولايات المتحدة الامريكية ، وهي قد تطعن بفرنسا إذا نتائج العرض كانت مذهلة لصالحها ، خاصة وان ماكرون بمهمة قد تكون سرية من قبلها ، في حال وصلوا إلى حلول ترضي الجميع دون اللجوء إلى الخيارات العسكرية ، ولكن يرى مراقبون ومحللون نسبة نجاح التفاوض الدبلوماسي ضئيل بحسب التصريحات الامريكية تزامنا مع افعالها ، وما ألت إليه لعبة الضغوط والقسوة التي مارسها الغرب واوكرانيا التي ازعجت موسكو اكثر ، لتتصدع جهة الاوروبيين الذين استشعروا بالخطر إذا استمروا بالمضي نحو الخطط الامريكية ،وهذا ما حذرت منه وزيرة الخارجية الروسية ، ليبقى هناك خيارات مفتوحة ولكنها غير متاحة حاليا مثل الخيارات المرة والقاسية في ظل ما يستوجب التدخل السياسي وربما العسكري إذا لزم الأمر .

رنا العفيف

شاهد أيضاً

الشيخ الرشيدي:”متمسكون بخيار المقاومة والبندقية، سبيلًا وحيدًا لاستكمال تحرير الأرض والمقدسات”

أكَّد نائب الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ خضر الرشيدي: “أننا، كوننا لبنانيين، لا …