مات من كان يجمع الحديد ليبيعه ويشتري به الخبز لعائلته

بقلم ناجي امهز

كان الزعيم جالسا على طاولة الغداء وحوله عدد من الوزراء، وحشد من النواب، يجلسون ويتسامرون بفرح وسعادة، ويتناولون الطعام بهدوء، مع التقيد التام “بالإتيكيت” اضافة لبعض الأحاديث حول السياسة والاقتصاد والكثير من المديح للزعيم،
لكن أحد الخدم كان واقفا بعيدا وفي عينه الدمع، وقد انتبه الجميع له، التفت اليه الزعيم، وسأله لماذا انت حزين هل تريد مالا، او ان تأخذ فرصتك السنوية.
أجاب الخادم بصوت منخفض للغاية ومتقطع، يا سيدي الزعيم لا اريد ان أعكر صفاء جلستكم، لكن هل قرات الخبر او سمعته،
أجاب الزعيم وما هو الخبر اجب بسرعة أخبرني ما هذا الخبر.
قال الخادم يا سيدي اليوم توفي طفلا لم يتجاوز من العمر 13 سنة، كان يجمع الحديد ليبيعه ويشتري به الخبز لعائلته.
فحرك الزعيم راسه وشفتيه بامتعاض، لقد ارعبتني، اعتقدت ان أحد الزعماء توفي او تعرض لحادث او وعكة صحية، على كل حال مثل هكذا اخبار لا تصلني، فانا قلبي رقيق ولا يتحمل، وأيضا هناك الضغوط التي اعانيها من اجل تحقيق مطالب ومصالح الشعب والدولة، وخاصة الاهتمام برعاية العجائز والأطفال.
أجاب الخادم اعتذر يا سيدي وانا اخبرتك هذا الخبر الحزين بناء على خطابك بالأمس على التلفاز عندما قلت انه لا تقبل ان يجوع او يمرض أحد، وانت موجود.
أوقف الزعيم مضغ الطعام، وانتصب واقفا، واعتذر من الضيوف بابتسامة، واتجه نحو الخادم.
وقال له بكثير من اللطف تفضل معي، وفي أحد الغرف قال الزعيم للخادم:
سأخبرك سرا، انا لم اقتل الطفل بل انا قتلت الله في نفوس هذا الشعب،
عندما يصل الانسان الى الفقر المدقع ولا يتحرك او ينتفض، يكون قد وصل الى مرحلة اليأس والانتحار او الانحراف، وغالبية هذه الفئة من الفقراء يموت ضميرهم، وعندما يموت الضمير تموت تعاليم الله بالحق والعدالة، وعندما لا تصبح لتعاليم الله أي قيمة او تأثير، إذا يصبح الله غير موجود.
هل تعلم أيها الخادم كم احتجت من الوقت لأقتل الله بداخلي وأصبح من دون قلب او ضمير، وانت تريد ان تيقظ ضميري من اجل طفل.
على كل حال سأساعدك لتساعده، واخرج مسدسا من سترته، ووضعه براس الخادم، وقال له سأرسلك وراء الطفل، فان كان يوجد هناك جنة او نار، ارجو ان تعود وتخبرني فقد أرسلت قبلك الالاف لكن للأسف لم يرجع أحد ويخبرني.
فقال الخادم، اللهم اشهد قد انكرت الباطل ولو بلساني وقمت بواجبي، واسالك ان ترحمنا برحمتك يا رحيم.
دقائق وعاد الزعيم الى طاولة الغداء، وجلس يكمل طعامه، والأحاديث.
وفي الليل تحدث الزعيم عن حقوق الأطفال بالتعليم والغذاء الصحي، واللعب والفرح.

مات من كان يجمع الحديد ليبيعه ويشتري به الخبز لعائلته

تحية كواليس:

اتذكر وليمة البيك الذي جمع له اهل قرانا الجنوبية مؤنة بيوتهم وبقراتهم التي لم يكونوا ليفرطوا بثمن حليبها لتعليم او علاج اولادهم من شدة فقرهم

وهم الذين طبخوا وليمة دعي اليها ضيوف من خارج المنطقة ومعهم الاهالي الذين دبكوا ورقصوا في نهاية الاحتفال مهللين لكرم البيك الذي خرج من على شرفة قصره ملوحاً بيده لهم

وعادوا إلى بيوتهم مشياً حفاة سعداء بلولحة البيك لينابوا واولادهم بلا عشاء

ليس غريباً ان يخرجوا بشعارات تحقننا بمخدر  والا لما ما زلنا نياماً

هم يعرفوننا اكثر مما نعرف انفسنا

لانهم كما ذكرت اماتوا الايمان في قلوبنا واصبحنا رهن اشارة فسادهم مسوقين له راضين به مستكينين مخدرين ولا حياة لمن تنادي

شاهد أيضاً

متمردة

، بقلم. المربية رحاب هاني أخالها تختال بنصف شغفها تتربص بها وصايا كثيرة. رمزية اللون …