المرتضى في إفتتاح قلعة صيدا البرية

:
سنبرز للعالم وجه لبنان الحضاري

مهما كانت الصعوبات

أمال منصور

إفتتح وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى اليوم ، قلعة صيدا البرية بعد الانتهاء من أعمال الترميم الذي تم بإشراف المديرية العامة للآثار، وبالتعاون والتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار والوكالة الايطالية للتنمية، وبحضور النوّاب السيدة بهية الحريري ، الدكتور أسامة سعد والمحامي ابراهيم عازار، السفيرة الايطالية في لبنان نيكوليتا بومباردييري، مديرة الوكالة الايطالية للتنمية في لبنان اليسندرا بيارمتاي، رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، المدير العام للاثار المهندس سركيس الخوري، رئيس بلدية صيدا المهندس محمد زهير السعودي وحشد من الفعاليات والشخصيات الدبلوماسية والسياسية والهيئات المعنية بالتراث والارث الاثقافي.

 

 

وزير الثقافة استهلّ كلمته بالقول: “بعضُ الأماكنِ، مثلَ صيدا، حين تدخلُها يراودُكَ الشعورُ بأنَّكَ لستَ تمشي فوقَ سَطْحِ الأرضِ بل فوقَ السنين. بعضُ الأماكنِ، تمتزجُ حِجارتُها برائحةِ تاريخِها… كما يمتزج بالوردة عطرها. بعضُ الأماكن، ألسنةٌ تنادي العابرينَ: قِفوا نَحْكِ.”

 

 

وأضاف :”لبنانُ كلُّه أيها السادة على هذا المثال: أرضٌ للحضاراتِ ممرٌّ ومستقَرٌّ منذ فجرِ الاجتماعِ البشري، وللثقافاتِ مُلتقًى ومُرتقًى على ترامي العصور، وما الصرحُ الذي نفتتحه اليومَ إلا صورةٌ حيَّةٌ عن هذه الحقيقةِ التي عاشتها مدينةٌ راقيةٌ تعبقُ بالتاريخِ والحضارات.”

 

الوزير المرتضى تطرق في كلمته الى موقع مدينة صيدا عبر العصور وما قبل الميلاد بقرون:” كانت درةً في تاجِ كنعان بقربِ أخواتِها المدنِ التي امتدت ممالكُها من أروادَ شِمالًا حتى عسقلانَ جنوبًا. وظلَّت صيدا على تعاقبِ أحوالِها تعتنقُ القيمَ الإنسانيةَ والدينيةَ والحضاريةَ السامية، وتحتضنُ بالمحبة كلَّ لاجئٍ ومحتاج، وتبذلُ أزكى دماء أبنائها من رؤساءَ وقضاةٍ وقادةٍ ومناضلين في سبيل عزة الوطن وسيادته وحمايته وانتصار قضاياه.

 

 

واردف مؤكداً على أهميّة افتتاح قلعة صيدا البرية اليوم :” هذا المـَعْلَمَ التاريخيَّ الأثريَّ الذي بناه الرومان دلالةً على استراتيجية موقع هذه المدينة وأهميتها الاقتصادية والعسكرية، يُبْعَثُ اليومَ مجدَّدًا إلى النورِ في أبهى حلَّةٍ بفضلِ الدعمِ الذي قدّمتْهُ الدولةُ الإيطاليةُ مشكورةً، فكأنَّ روما تعودُ إلينا في هذا اليومَ من بوابةِ البناء لإحياءِ ما بيننا من تراثٍ مشترك.
وعن واقع القلعة والمرتجى من ذلك: “لقد أُعيدَ تأهيلُ هذه القلعة وتدعيمُها بإشرافِ المديرية العامةِ للآثار، وبالتعاون والتنسيق مع مجلس الانماء والإعمار، وأُنشئَ لها مدخل ذو مسارات سياحية، ورمِّمَت صالةٌ في داخلها خُصِّصَتْ معرضًا للُّقى الأثرية المستخرجة من حفريات الموقع، و ذلك بغرض إبراز القلعة البرية بمعالمها التاريخية وسراديبها الدفينة، ما يؤدي كما نرتجي إلى تنشيط الحركة الثقافية والسياحية في هذا المكان، مع واجب المحافظة على إرثنا الثقافي كنزًا للأجيال المقبلة.”

 

وإذ شدّد على أن:” قلعةُ صيدا البريةُ التي استعادت نضارةَ عمرِها الطّاعنِ في هذا التراب، رصيفةُ مثيلاتها من الآثار العريقة كخانِ الإفرنج، ومتحفِ الصابون وقصرِ دبانة المشيَّدِ على الطراز العثماني، والسوقِ بأزقَّتِه التاريخية… والقلعةِ البحريةِ الرابضةِ في حِضْنِ الموج، كلُّها عناوينُ عزةٍ لا تشيخ، وشواهد على صمود مدينةٍ غلبت عواديَ الدَّهْرِ، وهزمَتْ قُوى الشرِّ الهاجمةَ عليها من برٍّ أو بحر.

 

وقال :” لا تحيا أمةٌ تتنكَّرُ لماضيها. ولا مستقبلَ لأبنائها، ما لم يفهموا تاريخَهم المضيءَ والمظلمَ على السواء ويتَّعظوا به لأجل البنيان الحسن؛ ولن يكونَ ذلك لهم إلا بالتعمُّقِ في الوعيِ المعرفي. وهذا ما نسعى إليه في وزارة الثقافة، مؤمنين بمواهبِ كلِّ لبنانيٍّ خلاقٍ مقيمٍ أو مغترب، لكي نُبْرِزَ للعالم بأسرِه وجهَ لبنانَ الحضاريَّ النيّر الذي سينهض من كبوتِه مهما كانت الصعاب. ولا أكتمُكم أنه، خلال هذه المدة الوجيزة من عمر الحكومة، لا تكادُ تُشْرقُ علينا شمسُ نهارٍ إلّا وَيَرِدُنا خبرٌ عن إنجازٍ حضاريٍّ أسْداهُ للإنسانية نابغةٌ لبنانيٌّ مغترب، أو جائزةٍ عالميةٍ حازَها مبدعٌ من بلاد الأرز، أو سَبْقٍ ثقافي أو رياضي أحرزَه بطلٌ من عندِنا. ما يحملُني على الثقةِ بأن العافيةَ الثقافيةَ التي ما زلْنا نتنعَّمُ بها ستكونُ مدخلَنا الأكيدَ إلى استرداد عافيتِنا الإجتماعية والاقتصادية والمالية، قريبًا بإذن الله.

 

 

وختم الوزير المرتضى كلمته بتوجيه الشكر والامتنان للحكومة الايطالية للجهد الكبير والعمل الرائع الذي قامت به لإحياء هذا الإرثِ الروماني الفينيقي المشترك. وخَصَّ بالشكر سعادة السفيرة نيكوليتا بومبارديري وأعضاء السفارة الإيطالية للاهتمام والعمل الشخصي الدؤوب الذي أظهروه في متابعة أعمال الترميم، وللدعم الثقافي الذي تقدمه الدولة الإيطالية إلى لبنان، “متطلعين معًا دائمًا إلى مزيد من التعاون والتبادل في ميادينَ ثقافيَّةٍ شتّى لاتّساع رقعة الآثار الرومانية في أرض لبنان ومنها تلك البقعة الأثرية في بيروت المسكونة سعادة السفيرة بحلم تحقيق إنجازٍ فيها وهو الحلم المشترك بينها وبين وزارة الثقافة الذي نصبو الى ترجمته قريباً حقيقةً حيّةً قائمةً على ارض الواقع.” كما شكر دعمَ بلديةِ صيدا رئاسةً ومجلسًا وفعالياتِ المدينةِ الكرام لتعاونهم الوطيد.

 

وبعد الافتتاح رفع الوزير المرتضى الستارة عن اللوحة التذكارية التي تؤرّخ انتهاء اعمال الترميم والتأهيل .وبعدها قام برفقة الحضور بجولة في ارجاء القلعة، وزيارة لموقع الفرير حيث أعمال تشييد “المتحف الأثري ” لمدينة صيدا الذي تبلغ مساحته الاجمالية حوالي 3500 متراً مربعاً بينها 2000 مترا مربعا عبارة عن صالات عرض للقطع الاثرية ومعرض مؤقت وصالة متعددة الاستعمال، وحوالي 1500 مترا مربعا خدمات ومستودعات. ويتميز هذا المتحف بفرادةٍ لوجود حفريات اثرية تحكي عن تاريخ صيدا وتراكم الحضارات .الجدير بالذكر ان المديرية العامة للاثار قامت بالتعاون مع البعثة الاثرية التابعة للمتحف البريطاني بالتنقيب منذ 20 سنة وحتى اليوم ،مما ادى الى اكتشافات اثرية ساهمت في إبراز جمالية هذا الموقع الاثري، وقد بلغت كلفة التشييد حتى الان 5 ملايين دولارا اميركيا بتمويل من الصندوق الكويتي من اصل 12 مليون دولارا من الكلفة النهائية للبناء. كما تفقّد الوزير المرتضى ورشة قيد الترميم “لخان القشلة” الذي يُتوقع ان يستضيف في ارجائه مستقبلاً فعاليات ثقافية .

 

شاهد أيضاً

لا تثق

بقلم فايز ابو عباس. / الخيام لا تثق بمن بنى القصور .. قلاعا وغدا … …