الجزء الثاني من: الحضور أليهودي والإسلامي في اوروبا ٠٠ وأخذ العبر ٠٠٠

ونتابع ألجزء الثاني من :

• 
  الحضور أليهودي والإسلامي في اوروبا ٠٠ وأخذ العبر ٠٠٠

بقلم المهندس عدنان خليفة

وكنا قد توقفنا على أبواب القرن العشرين وذروة الحضور اليهودي الفاعل والمتأزم في كل أوروبا ٠٠٠
أما المسيحية التي لا بد لنا وبسبب تسلسل الأحداث والتاريخ أن نذكر بدايات حضورها في اوروبا ونشير بأنها هي كذلك دخلت من معبرين جنوبي شرقي عبر روما وشمالي شرقي عبر أرمينيا التي كانت أول دولة مسيحية في الغرب عام 301 م وتبعتها جورجيا وروما ثم القسطنطينية ( تركيا حالياً ) ألتي إنتقل إليها إمبراطور روما عام 330 م وأعتمدها عاصمة الإمبراطورية الرومانية ٠٠
وكان إعتناق هذا الإمبراطور( قسطنطين ) للمسيحية ( ألذي فرض هذا الدين ومذهب الثالوث المقدس على كامل إمبراطوريته ) عن طريق القديسة هيلانة والدته المسيحية الأبوين وهو ما كان من نشاط كنيسة قرطاج ٠٠ ودور بولس وتلاميذ المسيح التبشيريين في أوروبا ٠٠
وانتشر إعتناق الملوك لهذا الدين وفرضه على العامة ٠٠٠
ومن هنا تكرّست مقولة : الناس على دين ملوكهم ٠٠٠
وقد تنصّر لاحقاً ملك المجر حوالي عام 1000 م وفرض المسيحية دٍيناً على المملكة ومحيطها ٠٠٠
وكذلك نشاط الكنائس وخاصة بابا روما التبشيري والتثقيفي والإجتماعي في كل شؤون الحياة في أوروبا ٠٠٠ ثم كان التداعي للحروب الصليبية للدفاع عن باقي أوروبا إثر التوسعات الإسلامية ومآرب أخرى سياسية توسعية ودينية كل ذلك ساهم في شد العصب الأوروبي والمسيحي وتعزيز انتشار هذا الدين وسلطته ٠٠٠
إن الفتوحات الإسلامية باتجاه فرنسا بعد فترة إستقرار العصر الذهبي العربي في قرطبة والأندلس قد تسببت بهزيمة شاملة بعد انتصار جزئي وهجمة مرتدة من الفرنسيين ٠٠
علماً إن دخول إسبانيا من قبل المسلمين كان أساسه مطلباً دينياً وأستنجاداً من سكانها الأصليين مع الفاتح الأمازيغي المسلم طارق بن زياد ضد المحتلين القوطيين الجرمان وظلمهم الوثني لأسبانيا والجزر وأهل تلك البلاد الذين كانوا مسيحيين ويهود ورأوا في العرب المنقذ وابناء عم في الدين وذلك أيام الحاكم الأموي الوليد بن عبد الملك ٠٠٠ فأصبحت الأندلس الإسلامية ملتقى الحضارات والأديان والتسامح والعلوم ٠٠٠
ونعود الى الإنتشار المسيحي ٠٠ فبعد وصول وسيطرة المسيحية على كامل اوروبا بدأ العمل على صد المسلمين وإخراجهم من الأندلس ٠٠ الذي إكتمل عام 1492 م بعد تعاون اليهود مع الممالك ٠٠ ثم سيطرة محاكم التفتيش الكاثوليكية على إسبانيا وإضطهاد المسلمين وإخراجهم من هناك فعادوا إلى شرقهم إلا من تنصّر منهم ٠٠٠
ثم أُخرِج كذلك اليهود من إسبانيا لاحقاً ولكنهم توغلوا إلى الداخل الأوروبي بسبب إستدعائهم لمصالح بعض الملوك هناك وكان قسماً منهم قد تنصر ايضاً ٠٠
وأُفرِغَت بلاد الأندلس تماماً من المسلمين العرب واليهود ٠٠٠وقبلها بقرنين كان أيضاً سقوط إمارة قرطبة التغلبية ٠٠٠
أما من الناحية الشمالية إستطاع العثمانيون بعد إعتناقهم الإسلام وتحالفهم مع العرب ضد الصين ثم معاهداتهم مع العباسيين ثم إنخراطهم في الجيوش الإسلامية والسلجوقية ثم إنقلابهم على الجميع وتأسيس دولة إسلامية وإمبراطورية تركية ٠٠ وقد كان أول حضور تركي كذلك في البلقان عند هروب إحدى القبائل المسيحية التركية من المغول المتأسلمين وإيوائهم في القسطنطينية المسيحية في البلقان ٠٠٠ و لاحقاً بدأ التوسع التركي وإحتلال بعض الدول البلقانية ابتداءً من 1353 – 1521 م فسيطروا على كامل البلقان أي بلغاريا ورومانيا والبانيا والمجر ومعظم دول اوروبا الشرقية بما فيها القرم والقسطنطينية ٠٠٠
وبقيت السيطرة الإسلامية التركية هناك بين مد وجزر حتى الإنهزام التركي أمام الإمبراطورية المسيحية الروسية عام 1877 م وإنسحاب تركيا لمصلحة النمسا وروسيا من بعض دول البلقان ٠٠٠
وابتداءً من القرن التاسع عشر بدأ إستقلال دول اوروبا الشرقية عن تركيا بالتتابع وبمساعدة روسيا ٠٠ وخاصة حرب القرم المفصلية التي كادت ان تهزم تركيا لولا تدخل بريطانيا وفرنسا ضد الروس في منتصف ذاك القرن ٠٠
وجاءت الحرب العالمية الأولى (1914 م) وتحالفت تركيا مع المحور الإلماني وإيطاليا وهزيمتهم أمام فرنسا وبريطانيا وأمريكا وانسحاب روسيا من الحرب بعد الثورة الشيوعية التي ساهم فيها اليهود فكرياً ولوجستياً ٠٠ ثم تم إبرام معاهدة وهدنة بين روسيا والمانيا على حساب اوروبا واليهود ٠٠
وأُخرِج المسلمين الأتراك من كامل البلقان ٠٠٠
وهنا يجب التذكير ان الحضور الإسلامي التركي هناك لم يكن عربياً حتى ولم يتم أسلمة تلك الشعوب والتي تُركت على مسيحيتها ٠٠ فكان الحكم هناك على شكل وصاية تركية سياسية وإدارية وجزية أو ما يشبه نظام الملل ٠٠٠
وكذلك ومن ضمن تداعيات خسارة تركيا الحرب أن خضعت الدول العربية الإسلامية المنهكة والمستهلكة للوصاية الأوروبية موزعة على دول الإنتداب المنتصرة فرنسا وبريطانيا ٠٠٠
ويتبع في القسم الثالث والأخير ٠٠٠