اطال الله بعمرك سيدي فضل الله مساراً ومسيرة … 

فضيلة الشيخ فؤاد خريس

مدير دائرة الاشراف الديني في جمعية المبرات الخيرية

أحد عشر عاماً ونحن في الخضّم.. نلاحق طيفك، نستقصي عقلك في المسافات..
أحد عشر عاماً ونحن في لهاث خلفك.. نقبض على الحقيقة هنا وهناك حيث كان خطوك ورسمك ونبضك..
أحد عشر عاماً وأنت في مجال الرؤيا ونحن نهرول للوصول..
نقرؤك في مسيرنا نحو المستقبل.. عناوينك بالأمس هي عناويننا اليوم.. في السياسة في الفكر في الفقه .. وحتى في الأدب والشعر.. لأنت العناوين في كل هذه المحطات ، وأنت القارئ في الأقصى والرائي في بعيد المديات..
أحد عشر عاما ونحن ” نتبع مأخذ( فكرك) فنطأ ذكرك”..
هكذا أنت في جهدك الذي تخطّيت فيه مرحلتك.. وجاوزت فيه الأقواما.. وهكذا كلنا في جهد المسير اليك..
كان التحدي أن ” نقرأك” جيدا..
وكان التحدي أن نستلهمك مشروعاً ومساراً..
وكانت المعركة .. أن نستمر .. أن تستمر المبرات مسيرة وفكرا ومشروعاً وأنت مسارها..
كنت تقول لنا: لن يُسقطكم أحد إن لم تُسقطوا أنفسكم..
وكنت تردد: إذا كان كل هذا ” البنيان” لله فإن الله يتكفّل به نمواً واستمرارا..
وكان” الوقّاتون” يتحدثون عن سنوات تموت فيها المبرات ويضوى المشروع وتختفي بصمتك في الأيام..
وكنا نستذكر كلماتك ونعلم علم اليقين أنك لم تبنِ على رمل، وأنك أساس في كل هذه المداميك..
اليوم نعرف بعد طيّات الزمن كلها في غيابك جسداً أن خطابك للأحفاد وما بعدهم وما بعد بعدهم هو العلاج.. وأن ” نبض العصر” و” شمّ العصر” الذي حدثتنا عنه هو الطريق..
واليوم وغدا وما بعد غد في الشهور والسنوات يعلم القاصي والداني أن ما تصيّدته في ملاحقة الخرافيين والمغالين وما زرعته من غرس يمثل أقصر الطرق التي نقطع فيها المسافات لنقطف ثمار العلم والوعي والفوز..
… في هذه اللحظات التي أرصدك فيها طيفاً وروحاً وعقلاً ووعيا.. أحاول أن أدنو منك .. من طهر روحك وصفاء سريرتك.. من تدّينك الذي ظل ” ينزف” رحمة على كل الخاطئين والإنفعاليين الذين لم يرحموا أنفسهم في توّثبهم على جلال تواضعك..
اليوم أستحضرك في عمق المسيرة وفي سبر أغوار كل هذا المسار .. وأعود اليك لألتقط إشاراتك وهمساتك ولمساتك الحانية.. وأشعر بالدفء لولادتك التي تزهو على يباب الأيام.. فلأنت كما كتب أحدهم في سجّل التعازي يوم رحيلك:” رحمنا الله وأطال بعمرك”.

بيروت _ 4 تموز 2021