راشيل كرم: لا تكونوا غنماً بل حاسبوا زعيمكم إن أخطأ 

روي أبو زيد


هي مراسلة جريئة وجديّة دخلت الميدان منذ أكثر من عشر سنوات. لا تهاب أحداً، رغم كل محاولات التشويه والتهديد. “نداء الوطن” التقت الإعلامية في قناة “الجديد” راشيل كرم فدار هذا الحوار.


*شهدنا على “تويتر” معارك حاميــــــــــــة بينك وبين الناشط ميشال شمعون. ما القصّة؟

لا أريد الردّ عليه، لكنني قدّمت دعوى بحقّه. يمكن أن يتصرّف هو أو غيره بهذا الشكل مع الـ”Fashionistas”، أو اللواتي يتقاضين أموالاً أو حتى الفاسدين من الصحافيين وأصحاب الشخصية الضعيفة من الإعلاميين، ولكن ليس معي! رأسي مرفوع دائماً، ولا يمكن لأحد أن “يغبّر عليّ” بمال أو وظيفة أو خدمة أو حتى بإقامة علاقة شخصيّة للحصول على “سكوب” معيّن. أطلب من شمعون وأمثاله أن يحدّدوا أهداف ثورتهم. هل هي ثورة على الظلم والفساد أم شعبويّة فحسب؟ كيف يمكن الحديث عن شخص كشمعون “مستحي” بانتمائه السياسي والحزبي؟ افترش الثوار الشارع في “17 تشرين” وهؤلاء أنفسهم قطعوا الأوتوسترادات على اللاجئين السوريين وتعرّضوا لهم من أجل تحقيق أهداف سياسية! ناهيك عن بيار حشاش، إسم على مسمّى. لكن أوجّه لهم نداءً واضحاً: “معي ما تلعبوا”.

*ألهذه الدرجة واثقة من نفسك بأنّك إعلامية غير فاسدة و”نظيفة”؟

أتحدّى أيا كان ان يبرهن أن أكون تقاضيتُ مالاً من أحدهم، أو انتميتُ لحزب أو تمّ توظيفي بالواسطة أو “نمت مع حدا تيطلعلي معلومة”. أنا إنسانة حرّة، أتحدّى المدراء العامين والوزراء كما أطالبهم بأجوبة فوريّة على وعودهم. اتّصلت بي مرّة شركة الـ”MEA” ودعتني الى سفرة الى شرم الشيخ مع الأستاذ محمد الحوت، مدفوعة بالكامل، وجّهت سؤالاً واضحاً للمتّصلة وقلت لها: “هل سأتمكّن من تناول ملفّات فساد الـ”MEA” إن قبلت الدعوة؟” فضحكت وأقفلت الخط.

*لماذا ناضلتِ كي يوقّع الرئيس ميشال عون ترقية والدك الى عميد في المديرية العامة لأمن الدولة؟

والدي الضابط الوحيد الذي لم يستفد من قانون رقمه 641/97 إذ تدخلت حينها النائبة نهاد سعيد والدة النائب السابق فارس سعيد عند الرئيس إميل لحود والسوريين وطلبت “ترشيح الصبي” أي نجلها. وكانت لائحة البلدية التابعة لوالدي قد فازت في قرطبا مقابل لائحة سعيد. بقيت الترقية “مزتوتة في الجارور” لـ21 عاماً لذا شعرتُ بالفخر الشديد أنني أرجعتُ حقّ والدي “النظيف” ولو كان فاسداً لضجّت مواقع التواصل الإجتماعي بهذا الخبر.

*ألا تخافين؟

لا أرى الموضوع من هذا المنظار أبداً، وأنا مستعدة دائماً لمواجهة مشوّهي صورتي وسمعتي. طالبتُ الثوار في مرحلة 17 تشرين أن يوحّدوا المطالب لكسب ثقة الرأي العام أكثر فأكثر. سمعت حينها أصوات نشاز كثيرة تتهمّني بمناهضتي للثورة. أنظروا الى أين وصلنا اليوم!

مع الثوار في 17 تشرين

*ما رأيك بالإعلاميين الذّين غطوا الثورة؟

ينتمي جزء منهم الى الأجهزة والسفارات والأحزاب “من تحت لتحت”. وهؤلاء من أضاع بوصلة الناس ولم يتمكّنوا من قيادة الشعب الثائر كما يجب. فالصحافي بنهاية المطاف هو صانع رأي عام فقط، و”مش شغلتو” أن يكون شعبويّاً أو أن يعمد الى إطلاق الشتائم على “السوشيل ميديا” للحصول على “ريتويت” وزيادة عدد متابعيه! حتى أنّ بعضهم يجاهر بصورة زعيمه علناً! بينما أرفض التصوير مع أيّ زعيم كان أو تلبية دعوة عشاء لأحد السياسيين.

*إذاً تحمّلين هؤلاء الإعلاميين المرتهنين جزءاً من مسؤولية “إفشال” الثورة؟

بالطبع، أحمّل هذا الموضوع لإعلاميين وإعلاميات وقادة رأي عام حتى. لا يمكننا الإختباء وراء إصبعنا. تجدر الإشارة الى أنّ بعض المراسلين “نجّموا” خلال الثورة، لذا كان الأجدر بهم أن يستفيدوا من الظرف ويقودوا الرأي العام. من أين لهم هذا؟ “شو معاشو المراسل؟” نتقاضى الراتب عينه تقريباً، ونرى البعض مرتدياً أهم الماركات العالمية. أعتبر أنّ جزءاً من الإعلاميين والإعلاميات وصنّاع الرأي العام “أضرب” من بعض السياسيين.

*أتوافقين على شعار “كلّن يعني كلّن”؟

كلا، بل أضيف عليه “كلّن يعني كلّن تحت المحاسبة”. يجب تحديد الفاسدين وتوجيه السهام عليهم. للأسف تقوم كلّ محطة تلفزيونية بـ”برش” شخصيّة سياسية معيّنة وتغضّ النظر عن الفاسدين الكبار. ألا يصبّ ذلك في خانة الأهداف السياسية للتلفزيونات؟ ويحاضرون بالحرية!

في القلمون السوري

*هل أنت إعلامية جريئة أم وقحة؟

أنا أحترم خصوصيّة الجميع، لكنني جريئة بالوقت المناسب ووقحة حين تتطلّب الأمور ذلك. علينا اعتماد أقسى أساليب الوقاحة مع الفاسد، بعيداً عن قلّة الأخلاق أو المساس بالأمور الشخصية. أنا لست قليلة التهذيب على الهواء بل جديّة وواقعيّة. على سبيل المثال كنت موجودة في مكتب مدير عام وزارة الشؤون الإجتماعية وطلبت منه آنذاك تحديد تاريخ لتوزيع “الحفاضات” بعد حجزها لستة أشهر في الوزارة. نظرت في عينيّ المدير العام وقلت له بحزم: “ما زال أمامك 8 دقائق لتحدد التاريخ” فأجابني: “سنوزّعها في 21 حزيران”، وهكذا حصل. لذا حين نمارس مهامنا كإعلاميين كما يجب يمكننا البدء بإصلاح الأمور الصغيرة وبالتالي “تنظيف” البلد من الشوائب.

*ما أصعب وأخطر موقف تعرّضتِ له خلال تغطياتك؟

مررت بلحظات خطرة عدة، أهمها خلال تغطيتي معارك “أرتساخ” وسط القصف وسماع صفّارات الإنذار، ناهيك عن هجمات فرنسا والـ”Gilets jaunes” إذ شعرتُ حينها انني سأموت في فرنسا عقب الحوادث الأمنية آنذاك. كما واكبتُ سقوط الموصل في العراق، وصولاً الى حوادث سهل نينوى، نادي “رينا” في تركيا، إقفال الحدود في هنغاريا، الإنتخابات الرئاسية الأميركية وغيرها. حتى في لبنان، خلال تغطيتي معارك طرابلس بين باب التبانة وجبل محسن عام 2014، حيث قام أحدهم من التبانة بوضعي على الحائط مع المصوّر أبو عمر، فتمّ شتمي وشتم “الجديد”، وأطلق النار من “الكلاشينكوف” لكنّ لحسن الحظ لم تنطلق الرصاصة. أعتبر أنّ مهمتي اليوم تكمن بصناعة الرأي العام والغوص في عمق التفاصيل وكشف الحقائق كافة للناس كي يتمكّنوا من اتّخاذ القرار الصحيح. أرفض أن يتمّ “تعليبي”، خصوصاً أنني لا أجاهر بمسيحيتي وأتحفّظ عن إطلاق بعض الآراء السياسية، ما يسبب حيرةً لدى البعض. أقف على مسافة واحدة من الجميع، ولم أنتمِ يوماً الى ثقافة “الشعبوية” كما يفعل البعض، فما النفع من غناء “الهيلا هو” في الثورة وانتقاد جبران باسيل أو الرئيس، وما المصلحة بالإنسياق مع طرف من اللبنانيين الذي يعتبرون سمير جعجع مجرماً مثلاً؟

*هل تعرّضت للتهديد؟

نعم. تمّ تداول صوري خلال تغطية الأحداث في طرابلس مع عبارة “رح نردّا بالتابوت”، ناهيك عن الشتائم والتهديدات التي وصلتني أيام الثورة على “واتساب”. لا يمكن ردع “الأزعر”. فمن السهل أن يطلقوا عليك النار في بلد مليء بالفوضى! أرفض أن أضحّي بحياتي كرمى لأيّ قضية كانت! هل استفاد جبران تويني وبيار الجميل وغيرهم من استشهادهم فداءً للوطن؟ كلا! أريد أن أعيش من أجل لبنان وأناضل لتحقيق الخير العام، عبر إضفاء الأمل والإضاءة على مكامن الفساد وتحقيق رسالتي الإعلامية بكلّ مهنيّة.

خلال تغطية معارك “أرتساخ”

أخبرينا عن برنامجك “هنا بيروت”؟

صوّرتُ أكثر من مئة حلقة في غضون تسعة أشهر تقريباً، لكنني لم استقبل أيّ سياسي أو زعيم أو خبير إقتصادي أو غيرهم. مواضيع البرنامج إجتماعية بحتة، وسلّطتُ الضوء على أهم المناطق اللبنانية كالحمرا والبترون وجبيل وأنطلياس وبرج حمود وعاليه والنبطية وغيرها. حتى أنني تنقّلت أخيراً على دراجة ناريّة لتصوير الذلّ أمام محطات البنزين أو الصيدليّات لإيصال وجع الناس.

ما الرسالة التي توجّهينها للبنانيين الذين يعيشون “القرف” حالياً؟

يرتبط جزء من الحل بالخارج، ولكنّ الجزء الآخر مرتبط بنا إذ علينا ترتيب البيت الداخلي قبل وصول العريس! نواجه التعقيدات والمشاكل من كلّ حدب وصوب في لبنان، لكن علينا الضغط في الأماكن الصحيحة لتحقيق التغيير الذي نريده، بعيداً عن الكيديات والمآرب السياسية والحزبية والطائفية. أحبّوا زعيمكم ومارسوا ديموقراطيّتكم، ولكن لا تكونوا غنماً ومنصاعين “عالعمياني”. حاسبوا حزبكم وزعيمكم إن أخطأ ولا تخافوا!

والإنتخابات النيابية قريبة

بالضبط، لذا ممنوع على كلّ شخص يرفض الإقتراع أن يتناول الشؤون السياسية أو أن “ينق” حتى. واجبنا أن نصوّت وأن نتحمّل مسؤولية خياراتنا. تجدر الإشارة الى أنّ “البديل” عن الطاقم الحالي قد لا يكون أفضل حالاً. لذا، علينا تعزيز الأقوياء والشرفاء لأي حزب انتموا وأن “نفشّل” أهداف الفاسدين.

شاهد أيضاً

ضاهر:” تمنى على الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة وقف السجالات العدائية “

تمنّى النائب ميشال ضاهر على “الأحزاب المسيحيّة الأساسيّة”، وقف “السجالات العدائيّة في ما بينها، وإيلاء …