قهوة بالملح

كانت ملفتة للانتباه .. كثير من الشبان كانوا يلاحقونها ..
كان شابا عاديا ولم يكن ملفتا للإنتباه .. في نهاية الحفلة، تقدم إليها وعزمها على فنجان قهوة، تفاجأت هي بالطلب، ولكن أدبها فرض عليها قبول الدعوة، جلسوا في مقهى للقهوة، كان مضطربا جدا ولم يستطع الحديث .. هي بدورها شعرت بعدم الارتياح .. وكانت على وشك الاستئذان .. وفجأة أشار للنادل قائلاً : رجاءا .. أريد بعض الملح لقهوتي !!
الكل نظر إليه باستغراب .. واحمر وجهه خجلاً ومع هذا وضع الملح في قهوته وشربها.
سألته بفضول : لماذا هذه العادة ؟! تقصد الملح على القهوة.
رد عليها قائلا : عندما كنت فتى صغيرا، كنت أعيش بالقرب من البحر، كنت أحب البحر وأشعر بملوحته، تماما مثل القهوة المالحة .. الآن كل مرة أشرب فيها القهوة المالحة، أتذكر طفولتي، بلدتي، وأشتاق لأبوي اللذين يعيشان هناك الآن ..
حينما قال ذلك، إمتلأت عيناه بالدموع .. تأثر كثيرا .. كان ذلك شعوره الحقيقي من صميم قلبه.
الرجل الذي يستطيع البوح بشوقه لوطنه لابد أن يكون رجلا محبا له مهتما به، يشعر بالمسؤولية تجاهه وتجاه أسرته .. ثم بدأت هي بالحديث عن طفولتها وأهلها .. وكان حديثا ممتعا .. إستمروا في مقابلة بعضهم بعضا، واكتشفت أنه الرجل الذي تنطبق عليه المواصفات التي تريدها .. كان ذكيا، طيب القلب، حنوناً، حريصاً، كان رجلا نادراً .. وكانت تشتاق لرؤيته والشكر طبعا لقهوته المالحة !

القصة كأي قصة حب أخرى .. الأمير يتزوج الأميرة .. وعاشا حياة رائعة .. وكانت كلما صنعت له قهوة وضعت فيها ملحا لأنها كانت تدرك أنه يحبها هكذا .. مالحة ..
بعد أربعين عاما توفاه الله وترك لها رسالة هذا نصها :
عزيزتي، أرجوك سامحيني، سامحيني على كذبة حياتي، كانت الكذبة الوحيدة التي كذبتها عليك .. القهوة المالحة !
أتذكرين أول لقاء بيننا ؟ كنت مضطربا وقتها وأردت طلب سكر لقهوتي ولكن نتيجة لاضطرابي طلبت ملحا.. وخجلت من العدول عن كلامي فاستمريت، لم أكن أتوقع أن هذا سيكون بداية ارتباطنا سويا .. أردت إخبارك بالحقيقة بعد هذه الحادثة، ولكني خفت أن أطلعك عليها .. فقررت ألا أكذب عليك ابدأ مرة أخرى .. أنا الآن على فراش الموت .. لذلك لست خائفا من اطلاعك على الحقيقة .. أنا لا احب القهوة المالحة !!
ياله من طعم غريب !!
لكني شربت القهوة المالحة طوال حياتي معك ولم أشعر بالأسف على شربي لها لان وجودك معي يطغى على أي شيء ..
لو أن لي حياة أخرى أعيشها .. لعشتها معك حتى لو اضطررت لشرب القهوة المالحة مراراً وتكراراً.
دموعها أغرقت الرسالة ..
يوما ما سألها أحدهم : ما طعم القهوة المالحة ؟
فاجابت: انها حلوة !!
تحياتي و أجمل ورداتي
أبو يوسف

شاهد أيضاً

وليد جنبلاط واستقبال كبير في عاصمة الأم الحنون للموارنة

بقلم ناجي أمهز المقدمة وأتحدث هنا عن زعيمي هما الشهيد رشيد كرامي ووليد جنبلاط رشيد …