السلطة نجحت والشعب فشِل والتحرّك العمالي رسالة والغضب بلا غاضبين ومصدر ديبلوماسي غربي لـ”كواليس”: الجميع راغب بتطيير الإنتخابات

أحمد موسى

يصر البعض على استغباء الناس، إصرار يضنّ نفسه هولوكو عصره، وعادةً ما يكون ضحية غرور لا يستطيع التخلص منه، فيصبح سيد الأغبياء، فرئيسا الاتحاد العام والنقل البري يعرفهما العالم أنهما من ازلام السلطة منذ زرعهما في منصبهما منذ ٣٠ سنة، الذين دعيا للغضب عليها، نفس السلطة التي زرعت الفساد في باقي النقابات، واروقة الجامعة اللبنانية، حتى أصبح بعض الأساتذة والعمداء أفسد من التلاميذ، وفعلت كذلك في القضاء والامن ومجالس إدارة المجالس، وفي الوزارات وكل مفاصل الدولة، يوم الغضب وطاولة الحوار: فشلان في يوم واحد، فيوم الغضب، شاء ذلك منظموه أم أبوا، لم يكن بالمستوى المطلوب، ولم يلق تجاوباً يذكر على الصعيد الشعبي، فبدا الغضب بلا غاضبين، فنجحت السلطة وأزلامها وفشِلَ أصحاب الحقوق ومعهم اللبنانيون الفقراء، فالإضراب غبّ الطلب.

تطيير الإنتخابات

اليوم يدفع الشعب اللبناني ثمن الرخاء الاصطناعي الذي أمنته له السلطة بكل احزابها، كرشوة لسكوته عن فسادها، وتمرير “حبكة” الإنتخابات النيابية إذا حصلت، فالجميع “راغب بتطييرها” وفق مصدر غربي رفيع لمجلّة “كواليس”. فالتحرك الذي دعت اليه اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، والاتحاد العمالي العام اثبت من جديد ان الناس ما عادوا يؤمنون بكل ما يقال، فهم يعرفون ان قرار قطاع النقل والاتحاد، مجير لأحد رموز السلطة، وبالتالي فان كل ما يحصل “مسرحية” ابطالها اهل السلطة، وعنوانها “تصفية الحسابات في ما بينهم”، فكل ما في الامر ان الرئيس نبيه بري اراد “توجيه رسالة” عبر الشارع الى الرئيس ميشال عون وفريق العهد، لكن الرسالة جاءت “ضعيفة”، لأن الناس ادركوا ان السلطة تتظاهر ضد نفسها، وان ما يحصل ليس يوم غضب حقيقة،  بل هو يوم لتنفيس الغضب ضد العهد وضد عون، فانتهى يوم الاضراب واليوم، يوم عمل ولا تحقيق للمطالب.

الغضب المسيّس

فالغضب المقدس رفض للباطل وانتفاضة في وجه الأخطاء والفاسدين وثورة على الخطايا والفساد، اما الغضب المسيس، فرفض موجه وانتفاضة منظمة وثورة قوى سياسية ضد قوى اخرى، وشخصيات سياسية فاسدة ومرتكبة ومحتكرون ومحاصصون ومهربون وسارقي الشعب ضد شخصيات لطالما ناضلت في سبيل الاصلاح وبناء الإنسان، أما الغضب المسيس، فهو المفضوح من شعب كشف منذ زمن طويل ألاعيب بعض السياسيين الكبار – الصغار، المتلطين خلف هيئات وتجمعات تتحرك “غب الطلب”، فتتسلق بدورها المطالب المحقة، وتُجيّرها في السياسة، مع مصالح معطلي كل المؤسسات وكل الحلول، وصولا إلى رفض الحوار بين اللبنانيين، لأسباب لم تعد تخفى على أحد، في تكرار ممجوج لممارسات بدأت في التسعينات، وتستمر اليوم “على عينك يا تاجر”، كل الامور على حالها سياسيا وقضائيا واقتصاديا وماليا، ولا جديد سوى تعاميم ارتجالية من مصرف لبنان تعمق ازمة اللبنانيين وتدفعهم ثمن الخسائر المترتبة على السياسات المالية والاقتصادية الخاطئة لعقود، وهناك من لا يزال عاقدا العزم على العمل كأجير سياسي عند الخارج، يحرض ويهدد السلم الاهلي ويشارك ويحمي مهندسي الفساد.

الحوار

أما الحوار فقد أسلم الروح بعد مرض عضال، والإضراب العمالي خرج إلى الشارع ولم يجد عماله، ورياض سلامة قرر اللعب بميدان غادة عون على طريقة كشف المستور والواعدة بمزيد من الضغوط والتعطيل واستبدال المجالس المؤسساتية القائمة بطاولة “سقطت” بعدم أن قهرت بغياب مكونات المتحاورين، والضرب في الميت حرام، والدعوة الى الحوار مفتوحة أملاً في تغليب الحس الوطني للمقاطعين على أي مصالح أخرى، ووقف المكابرة أمام ما يعانيه الشعب، وإذا كان المستقبل معقودا على نتائج الانتخابات فإن كل الطرق المؤدية الى أيار باتت محفوفة بمخاطر صرف النظر عن هذا الاستحقاق على الرغم من تأكيد وزير الداخلية بسام المولوي أمس أن العملية الانتخابية قائمة داعيا المواطنين والمرشحين الى أن يعملوا ويستعدوا لها، على أن النيات السياسية لا تبدو كذلك وعلائم تطيير الانتخابات باتت أقوى منها في أي وقت مضى وفق مصادر أحد السفراء الغربيين الى “أن معظم القوى السياسية الممثلة في الحكم ستعمل على التخلص من وعودها والتحلل من موعد إجراء الانتخابات النيابية بعدما أصبحت مقاعدها مهتزة الحواصل في غير دائرة”، إذ تتراوح الخيارات بين اهتزاز شارع او استنفار عصبيات واستحضار دم وربما اللجوء إلى العصيان المدني أو الاستعانة بموجة لعبة ارتفاع الدولار وعروضات مفتوحة وغب الطلب وبالتالي فإن وطأة استخدام النقابات العمالية ذات الخلفية والتجيير السياسي، وأمام هذه العروض يذهب بسام طليس فرق عملة، وبالتالي فنزوله إلى الشارع في حفلة “استعراض” تفقدية لسير اليوم المارتوني لجزء من الحركة العمالية المجزءة، ما هي إلا رسالة سياسية ـ انتخابية على قارعة “التعطيل الإنتخابي” وتطيير الإستحقاق.

شاهد أيضاً

جائزة أفضل صورة صحفية في العام… لقطة من غزة “تفطر القلب”!

فاز مصور “رويترز”، محمد سالم، بجائزة أفضل صورة صحفية عالمية لعام 2024، الخميس، عن صورة …