عبَق الأمان

قراءة في لوحة  الجدّة هي الأفضل the Grand mother is the best

للرسّام النمساوي العالمي أدولف هامبرغ (1874-1921)

بقلم الدكتورة: بهيّة أحمد الطشم

تصدح ضحكات البراءة عالياً رغم مظاهر الفقر المُدقع في حنايا معالم أيقونةٍ استثنائية رسمتها ريشة رسّام مُرهف أدولف هامبرغ, وفي الآن عينه يُساور التأمّل أعيننا التي ترمق جمال البساطة وسِحرها الفائق في تفاصيل لوحة نابضة بالحُب رغم استبداد الظروف القاسية.

 

تتجاذبنا ايادي الأمان المنضوية بين الخطوط والالوان, حيث تحيك الجّدة ثوب حفيدها ببالغ الاهتمام,

ولا غرو فالأمان هو المسوّغ الأكبر في الوجود الانساني الذي يُضفي المعنى الأجدى في حياة كل انسان,وكأنّ في زوايا اللوحة موعظة تستنطق المشاعر الانسانية ,وتخاطب القلوب بعبارة:”ما أجمل انتزاع لحظات السّعادة البسيطة والمحفوفة بالشّقاء من بين مخالب اليأس.”

بدايةً,تبرز للرائي ابتسامة الطفل (نجم اللوحة),وكأنه قد حازالكون وما فيه ابّان وجوده في أحضان جدّته,حيث يسود الجمال الانساني لعَبق الأمان ,وكذلك تُسبغ المساعدة مضمونها على حنايا الأيقونة الاستثنائية.

فقطع الأثاث البالية والثياب الرثّة التي يسعد بها أصحابها في منزل قديم تسكنه أسرة شديدة الفقر,ولكن بالرغم من كل ذلك تنعم هذه العائلة بقسطٍ وافر من الطمأنينة .

وفي استكمال قراءة مكونات أو عناصر اللوحة,تُلفتنا على يسار اللوحة طفلة جميلة وهي تمسك دُمية صغيرة بيدها وراء ظهرها وهي تنتظر انتهاء جدّتها من ترقيع الثياب لكي تعود للعب مع الطفل.

وحِيال استقراء فلسفة الألوان: تسود الألوان الدافئة سِيادة بارزة كأدلّ دليل على سُطوع العاطفة الوقّادة بين  افراد الأُسرة الفقيرة, والتي لم تقيدّها سلاسل الفقر الشدّيد.

كما ويعكس اللونان الأزرق والأبيض في ثوب الطفل معالم النقاء وحنايا البراءة.

وينطوي اللون الأحمر في فستان الفتاة على معاني النشاط والدّيناميّة والطاقة الايجابيّة في عالم الطفولة.

والجدير ذكره أنّ هذه اللوحة هي تصوير واقعي لعائلة ريفيّة فقيرة تعيش في منزل خشبي بسيط , ولكن في الوقت ذاته يفوح منه عطرالأمان.

فعندما طُلب من الرسّام رسم لوحة واقعية عن الاحساس بالمساعدة رسم أيقونة مُزدانة بالبساطة ,حيث الجدّة تخيط ثياب حفيدها وهو يرتديها كي لايكون الواقع فخاً مُحزناً.

وفي الخُلاصة,نلتمس حكمة سرمدية ألا وهي:

“أنّه لا شيء يؤكّد العَظَمة الكامنة في النفوس الرّاقية أكثر من الأفعال المتجسّدة في تقديم المساعدة للآخرين , بغاية تحقيق ابتسامة تكافح للظهور ما بين الدموع.

شاهد أيضاً

دراسة تكشف فوائد الوظائف المرهقة على الدماغ !

أولئك الذين عملوا في وظائف ذات متطلبات معرفية أعلى، شُخّص إصابة 27% منهم بضعف إدراكي …