أريج الانسانية

قراءة في  لوحة مادونينا (الأم الصغيرة) للرسّام الايطالي العالمي

روبرتو فيروتزي (1854-1934)

بقلم الدكتورة بهية أحمد الطشم

نتأمّل في حنايا الأيقونة الخالدة (مادونينا) للرسّام  الايطالي العالمي بكثير من الامعان ,اذ تعتبر اللوحة من أشهر اللوحات في العالم, مادونينا وهي كلمة ايطالية  تعني الأم الصغيرة.

تشرح تفاصيل اللوحة معاني الأمومة العظيمة التي تزخر بالطمأنينة والأمان ,ولا غرو فالأم هي الوهج اللامع في سماء الكون وتمثّل الحضن الدافىء لأقدس معاني الانسانية.

غالباً ما تكبر فينا الطفولة على صدور أمهاتنا،  فهي ملاذنا الآمن الذي لا يغدر البتّة في هنيهات زمنية او سنوات مذ أبد الزمان..

وبالعودة الى سياق اللوحة :تحضن الأم الصغيرة (مادونينا) الطفل الصغير(شقيقها) وكأنها تهمس في أذنه أسرار الحنان ,وتسبغ على أنفاسه معالم الطمأنينة العارمة في زمن الجحود العاطفي.

وفي الاطار عينه تحمل العيون اهتزازات الجفون ,حيث تستودع نجمة اللوحة بين ضلوعها صدى عاطفتها ابّان احتضانها لأخيها,ويتجلّى الاحساس العظيم بالأمومة بجماله وصدقه في لوحة انسانية يصعب على أي انسان تجاوزها بسهولة.

فقد حدثَ اثناء سير صاحب الأيقونة في احد شوارع فينيسيا في ايطاليا أن صادفَ فتاة صغيرة ترتدي عباءة ثقيلة ,ويلفّ شعرها وشاحاً ذهبياً .

فيرتزوي الرسّام المُرهف الذي بدأ بالانكباب على الرسم في عمر مبكر ,عمل في لوحاته على تجسيد مفهوم الانسانية,اذ تعكس حنايا اللوحة معاني الحُب والعطف والسّند والقوة, وبالأخصّ أنّ بطلة اللوحة تحتضن الطفل وتميل برأسها عليه ,وكأنّها تحتويه وتستقوي به في الوقت عينه.

لقد ذُهل صاحب الريشة المُرهفة بجمال الفتاة الصغيرة وبراءة ملامحها,وقرر أن يرسمها لتجسيد لحظات الحنان والعطف ,فكانت اللوحة السّرمدية التي تنطوي على السّلام والحُب…والملامح الملائكيّة للطفل النائم.

وفي خضّم فلسفة الألوان نستقرأ  من الوشاح المُزدان باللون الذّهبي على رأس الفتاة أنوار المحبة السّاطعة وكأنّها تاج الحُب المرموق ,كذلك يدلّل اللون الأبيض للباس الطفل على البراءة الناصعة والنادرة.

وكذلك تنطوي الألوان الدافئة التي تسود في اللوحة على  أبعاد العاطفة الوهّاجة دون مقابل.

وفي الخلاصة :نستلهم حكمة ساطعة ألا وهي: أن جوهر الانسانية يكمن في العطاء الصامت ,وأنّ الرحمة هي أرقى درجات الانسانية ليصبح الانسان عظيماً بعظَمة عمله وبقائه على قيد الانسانية.