– ذاتَ ربَيع –

خضراء جبل عامل الشاعرة عناية اخضر


كنتُ صَغيرَة يا أُمّي ..
وكان الربيع
وكنتُ أرَى الأشياءَ زَاهِيَةً ..
والألوانَ فَرِحَةً ..
والشَّمسَ ضَاحِكَةً ..
والطَّبيعَةَ كُلّها تُغَنِّي ..
الزُّهورُ تُغَنّي ..
الجَداوِل تَرقُصُ وتُغَنّي ..
وكُنتُ يا أُمِّي ..
أسمَعُ نَغْمَةَ الحسُّون . .
وَزغردةَ العَصَافِير ..
وكنتُ أسْمَعُ ضِحكَةَ الرّاعي ..
ولَمْ يكُن الرّاعِي حَقِير …!

وكبرتُ يا أمي .. وتَغيَّرَت الأمُور ..!
الطَّبيعةُ حَزينةٌ..
الألوانُ قاتِمَةٌ ..
والجَّداوِلُ جَامِدَة ٌ.. وَقد جَفَّ الغَدير ..
العَصافِير لمْ تَعُدْ تُغنيّ يا امي ..
واصبحتُ يا امّي ..
اسمَعُ صوتَ حَشرجَةِ الأرواح ..
والنّحيبَ والنّواح ..
وأنينَ المُعذبين..

وكَهكهةَ أنفَاس المُهَجَّرينَ في
الصَّقيع ..
لماذا يا أمّي تغيَّرَت الأشياء
وعلَتْ ولولَةُ النّساء ؟
لماذا يُحَزُّ الوَريد..
ويُذْبَحُ الوَلَيد ..
ويُقْتَلُ الطّفلَ الرَّضِيع ؟!
لماذا تُحرَقُ الأحياء .. ؟!
لماذا تُسفَكُ الدّماء .. ؟!
لماذا نُسَاقُ كالقَطيع .. ؟!
من أطفأ النّورَ وحجبَ ضوءَ الشمسِ في
وسَطِ النّهار ..؟!
من اخرسَ حفَيفَ اجنِحةَ الطّيور
وحَفِيفَ اوراقِ الأشجار ؟
من غيَّرَ مَجرى الأنهار وزرَعَ الحِقدَ في
القَلبِ الوَدِيع ..؟
من غيّر لونَ العُرس والبَسَ الفرَحَ الوانَ الحِداد ..
من حلَّلَ الفسَاد ..
وفجَّرَ الأجسَاد ..
وحرَّمَ التَّمنِّي ؟!!

و كنت كُلَّمَا كَبِرتُ زادَ
هَمِّي
-ولكنِّي –
لن أسْكُتَ يا امّي ..
ولن اغلُقَ فَمي ..
والحَقُّ لن يَضِيع ..
وسَأبقى أغني ..
سأبقى أغني ..
سأبقى أغني ..
الى أن يأتي الربيع ّ
فابتسِمي

إبتسِمي يا أمّي .

عناية أخضر
خضرَاء عامِل

شاهد أيضاً

دبوس

ا لتآكل… سميح التايه ثلاثمائة من الصواريخ البطيئة، وبضع عشرات من المُسيّرات التي لا تندرج …